محادثات تحرير التجارة العالمية تواجه «لحظة الحقيقة»

وزراء التجارة يسعون لانفراجة في محادثات التجارة العالمية

TT

لم يجد باسكال لامي رئيس منظمة التجارة العالمية سوى عبارة «لحظة الحقيقة» للتعبير عن المرحلة الحرجة التي تمر بها محادثات تحرير التجارة العالمية.

فقبيل بدء اجتماعات وزراء تجارة منظمة التجارة العالمية في جنيف امس أكد لامي في حديثه للصحافيين أنه يتعين على الدول الاعضاء في المنظمة التوقف عن تأجيل اتخاذ القرارات الصعبة من أجل تحرير التجارة العالمية.

وأضاف لامي أن فشل الاجتماعات الحالية التي تستمر خمسة أيام وتشارك فيها حوالي 50 دولة من دول المنظمة وعددها 149 دولة في التوصل إلى مشروع اتفاق بشأن إلغاء القيود على تجارة المنتجات الزراعية والصناعية يعني فشل الجولة الحالية من محادثات تحرير التجارة العالمية المعروفة باسم «جولة الدوحة» نسبة إلى العاصمة القطرية التي انطلقت منها عام 2001.

وقال لامي «لا أعتقد أننا نستطيع إرجاء (اتخاذ القرارات) أكثر من هذا.. ولو فعلنا ذلك فإننا نضع المشروع كله (تحرير التجارة العالمية) للخطر».

والحقيقة أن مخاوف لامي تبدو مبررة، فبعد خمس سنوات من انطلاق جولة الدوحة مازالت الدول الاعضاء في منظمة التجارة العالمية تدور داخل حلقة مفرغة من الخلافات بشأن تحرير تجارة المنتجات الزراعية الذي تطالب به الدول النامية وتحرير تجارة السلع الصناعية الذي تطالب به الدول الغنية.

والمفارقة هنا هي أن قضية تجارة المنتجات الزراعية لم تثر فقط الخلاف بين الدول الغنية والدول النامية وإنما أثارت الخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي أيضا بحسب ما جاء في وكالة (د.ب.أ) للانباء.

وكلا الجانبين يطالب الاخر بالمزيد من التنازلات لارضاء الدول النامية حتى توافق الاخيرة على تحرير تجارة السلع الصناعية، فالولايات المتحدة تطالب الاتحاد الاوروبي بالمزيد من الخفض للرسوم الجمركية على وارداته الزراعية، في حين يطالب الاتحاد الاوروبي الولايات المتحدة بالمزيد من الخفض للدعم الذي تقدمه لمزارعيها والذي يحد من قدرة المنتجات الزراعية للدول النامية على المنافسة في الاسواق العالمية، ويكثف وزراء التجارة جهودهم لاحداث انفراجة مطلوبة بشدة في محادثات تحرير التجارة العالمية في ظل تحذير باسكال لامي رئيس منظمة التجارة العالمية من أنه اما أن يتم التوصل الى اتفاق الآن أو لا يكون هناك اتفاق على الاطلاق.

ويجتمع نحو 60 وزيرا يمثلون ثلث أعضاء منظمة التجارة العالمية في جنيف للتوصل الى اتفاق لتصحيح مسار تجارة المنتجات الزراعية والصناعية في العالم وهو لب المشاكل التي تواجهها جولة الدوحة المتعثرة لمحادثات التجارة.

وبدون اتفاق الان على خفض الدعم الزراعي واحداث خفض شديد في التعريفات الجمركية على المنتجات الزراعية والصناعية يقول لامي ان المفاوضين لن يتمكنوا من استكمال دورة المحادثات بحلول نهاية العام وهو ما يتعين عليهم عمله.

وما يكمل المثلث هو أن توافق الدول النامية على تقديم تنازلات تتعلق بالتعريفات الجمركية على المنتجات الصناعية بحسب ما اوردته رويترز.

لكن الاشارات لا تبشر بخير، فواشنطن تواجه ضغوطا هائلة من جانب مزارعيها بألا تقدم المزيد من التنازلات. وقال الاتحاد الاوروبي والبرازيل ان بامكانهم التحرك لكن كلاهما ليس أمامه فرصة كبيرة للمناورة بحسب رويترز.

وقال بوب ستالمان رئيس اتحاد المكاتب الزراعية الأميركية للصحافيين في جنيف «نريد تجارة حقيقية وليس أرقاما زائفة، فالقطاع الزراعي الأميركي لن يدخل في اتفاق سيئ، نحن نقول ذلك والكونجرس يقول ذلك». وأول اشارة على امكانية حدوث انفراجة في اجتماع جنيف الذي يبدأ رسميا في مقر المنظمة، ستأتي عندما يجتمع وزراء ما يطلق عليه مجموعة الست. والمجموعة التي تضم استراليا والبرازيل والاتحاد الاوروبي والهند واليابان والولايات المتحدة تمثل مجلسا قويا فيما يتعلق بتقديم المقترحات نظرا للنطاق الواسع من المصالح الذي تمثله.

وقال لامي ان الوقت قد حان للكف عن الخطابة وبدء الحديث بالارقام، ويجب أن تكمل المنظمة جولة المحادثات التي تشمل كذلك الخدمات ومجموعة من القضايا الاخرى بحلول نهاية العام لان الصلاحيات الخاصة الممنوحة للرئيس الأميركي للتفاوض بشأن التجارة سيحل أجلها العام المقبل ويبدو من المستبعد أن يجددها الكونجرس.

وحذر المسؤولون من أن فشل الجولة التي تعلق عليها الامال في تعزيز الاقتصاد العالمي وانتشال الملايين من الفقر قد يزيد من ضغوط أنصار الحماية الاقتصادية.