نوكيا تتخذ خطوات استراتيجية للحفاظ على موقعها في القمة

رغم أن رئيسها الجديد لم يكمل شهره الأول بعد

TT

عندما تقلد اولي ـ بيكا كالاسفو بداية الشهر الحالي، مقاليد الادارة في نوكيا، اكبر شركة للهواتف الجوالة في العالم، ارتفع العديد من الاصوات المشككة بقدرته على ملئ الفراغ الذي تركه جورما اوليلا المدير التنفيذي السابق والذي اصبح اسمه اسطوريا في عالم الاتصالات.

وقد اثار كالاسفوي، المعروف بـ (OPK) شكوك العديد من المراقبين لقطاع الاتصالات الجوالة خصوصا فيما يتعلق بقدرته على تحفيز المستثمرين، وبنفس القدر الذي لعبه اوليلا على مدى 14 عاما من قيادته لنوكيا.

لكن كالاسفوي وعلى الرغم انه لم يكمل الشهر في منصبه الجديد، اتخذ خطوات استراتيجية ربما تلعب دورا كبيرا في تحديد وجهة نوكيا المستقبلية. ولعل اولى تلك الخطوات الاستراتيجية تمثل في قرار شركتا «نوكيا» و«سيمنس» اخيرا على دمج أنشطتهما الاساسية في قطاع شبكات الاتصال لتشكيل واحدة من اكبر الشركات في الصناعة.

وفي الحقيقة فان الصفقة مع «سيمنس» اخرست اصوات المنتقدين واظهرت بصمات كالاسفو القيادية، وفي هذا الاطار قال جان دوورسكي رئيس ابحاث الاتصالات في مؤسسة «هانديلشانكين كابيتال ماركت» ان «ادارة نوكيا بدأت اخيرا تتخذ قرارات حاسمة في قضايا كانوا يلمحون لها منذ فترة طويلة... ولعل اداء كالاسفو اثناء اتمام الصفقة ذكرنا جميعا ان وجها جديدا بات في مقعد القيادة واتخذ قرارات ذات ابعاد استراتيجية بعيدة المدى».

ورغم ان كالاسفوي يعلم جيدا ان تحركاته ستكون مرصودة من قبل الصحافة عن كثب، الا انه يؤكد ان الامر لا يضايقه حيث صرح اخيرا بعيد تسلمه المنصب في بداية الشهر الحالي «من الصعب تقليد اوليلا، الا انني لا اتطلع الى الوراء، بل اتطلع الى الامام والى المهام والتحديات المستقبلية».

وكالاسفوي، الذي يعشق لعب الغولف اظهر براعة في ضرب الكرة بالاتجاه الصحيح. ولعل المتابع لنوكيا يستطيع ان يتلمس ان نوكيا تتحرك في اطار استراتيجية عالمية ترتكز على ثلاثة محاور اساسية تتمثل في دعم خدمات الجوال لقطاع الاعمال، وثانيا توسيع الخدمات الصوتية الجوالة، ومن ثم المضي قدما باجهزة الجوال المتعددة الوظائف.

خطوات استراتيجية: اولى الخطوات الاستراتيجية التي اقدم عليها كالاسفوي جاءت عندما اتفقت شركتا نوكيا وسيمنس اخيرا على دمج أنشطتهما الاساسية في قطاع شبكات الاتصال لتشكيل واحدة من اكبر الشركات في الصناعة. وقالت الشركتان اثناء توقيع الاتفاق ان مبيعات الوحدتين بلغت 15.8 مليار يورو (نحو 20 مليار دولار) في العام الماضي مما يجعلها ثاني اكبر شركة في سوق شبكات الاتصالات الجوالة والثالثة في مجال البنية التحتية الثابتة. وسيكون لكلا الشركتين 50% من أسهم الشركة الجديدة التي تحمل اسم «نوكيا سيمنس نتوركس». وسيكون مقرها في فنلندة، حيث مقر نوكيا. وتأتي الخطوة في أعقاب الاتفاق الذي أبرم بين شركة ألكاتل الفرنسية للتجهيزات الهاتفية ومجموعة لوسنت تكنولوجيز الأميركية. وسيتولى إدارة الشركة المدير الحالي لنوكيا سيمون بريسفورد ويلي. وقال الرئيس التنفيذي لنوكيا اولي ـ بيكا كالاسفو في بيان «نعتقد ان الشراكة مع سيمنس اكثر الوسائل فعالية لبناء محفظة المنتجات الواسعة والمتنوعة التي نحتاجها للمنافسة عالميا. نؤمن بأن الشراكة مع سيمنس هي أفضل وسيلة لتحقيق معدل إنتاج.. وتجعلنا قادرين على المنافسة عالميا». واستبعد محللون ان تواجه الصفقة اي مشاكل مع الجهات الرقابية في اوروبا.

وسيكون كالاسفو الذي خلف في الآونة الاخيرة المخضرم جورما أوليلا هو رئيس شبكات نوكيا وسيمنس بينما سيتولى رئيس شبكات نوكيا السابق سيمون بيريسفوردويلي منصب الرئيس التنفيذي.. والخطوة الاسترتيجية الثانية التي اقدم كالاسفو بعد اقل من شهر من توليه المنصب أعلان شركة نوكيا الفنلندية أنها لن تمضي قدما في مشروع إقامة شركة مشتركة مع سانيو الكتريك اليابانية.

وكانت الشركتان أعلنتا خططا في فبراير (شباط) للبدء في إقامة شركة مشتركة لانتاج الهاتف الجوال 3 جي سي دي ام أيه (الجيل الثالث من الجوال). وكان من المقرر إقامة الشركة المشتركة في اليابان وسان دييجو بالولايات المتحدة من اجل دعم تواجد نوكيا في السوق حيث تحتل المركز الثاني بعد موتورولا.

وفي هذا السياق قال لـ«الشرق الاوسط» كاي اوستامو، نائب الرئيس التنفيذي لنوكيا «الشروط الواردة في الشراكة المقترحة لم تكن مرضية وهي ليست في صالح النجاح طويل الاجل لنوكيا». منتجات جديدة وتوجه نحو آسيا: يشهد الطلب على الهواتف الرخيصة ازدهارا في الدول ذات الكثافة السكانية العالية مثل الهند أسرع أسواق الهاتف الجوال نموا في العالم والصين أكبر أسواق العالم من حيث عدد المشتركين.

وقال لـ«الشرق الأوسط» روبرت اندرسون نائب الرئيس التنفيذي لنوكيا «ان المستهلكين اصبحوا يرغبون بمنتجات متطورة، وسهلة الاستخدام وتباع بأسعار مناسبة، الا انه أكد في هذا المجال انه لا يوجد منتج واحد يناسب الجميع والتحدي هنا، بحسب قوله، هو تبسيط المنتجات في بيئة تنافسية بالغة التعقيد.

وكانت شركة نوكيا أكبر شركة في العالم للهواتف الجوالة قد طرحت اخيرا في سنغافورة خمسة هواتف جديدة من القطاع المتوسط رخيصة تقل وذلك في محاولة للتوسع في أسواق الدول النامية خصوصا دول اسيا مثل الهند والصين وتتلائم مع استخدام انظمة WCDMA) وCDMA وGSM).

وفي هذا الاطار قال لـ«الشرق الاوسط» كاي اوستامو المدير العام نائب الرئيس التنفيذي لنوكيا ان 80 في المائة من المليار المقبل في عدد مستخدمي الهواتف الجوالة سيكون في الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا. وكشفت نوكيا عن هاتف نوكيا 6151 الذي يعمل بنظام WCDMA ويتضمن كاميرا بدرجة وضوح 1.3 ميغابيكس ويتيح للمستخدمين استخدام تقنية 3 جي بسهولة وبسعر مناسب. اما نوكيا 6080 فهو مصمم لتلبية احتياجات الحياة اليومية، في حين ان نوكيا 1110i فهو يقدم مميزات مختلفة ومفيدة خصوصا فيما يتعلق بارسال الرسائل وتنظيم الوقت.

ومن اجل تلبية الطلب على اسواق CDMA طرحت نوكيا طراز نوكيا 6275 الذي يتضمن كاميرا 2 ميغابيكسل وتقنية بلوتوث اللاسلكية. ومن المتوقع أن يتوفر الهاتف في الأسواق خلال الربع الأخير من عام 2006. ويحتوي الهاتف على مشغل موسيقى رقمي مدمج كما يدعم بطاقة الذاكرة (microSD) ذات سعة 2 غيغابايت. وليس هذا فقط بل يشتمل الهاتف على راديو مدمج اف ام، ولن ننسى بالطبع دقة تصميم الهاتف وشكله الانسيابي وخفة وزنه.

اما موديل نوكيا 2875 فيقدم العديد من المميزات الممتعة مثل نغمات الفيديو، وراديو مدمج اف ام وكاميرا بقدرة وضوح تصوير تصل الى 1.3 ميغابيكسل.

الموسيقى محرك النمو: وفي هذا السياق قال لـ«الشرق الأوسط» مارك سيلبي مدير قسم الوسائط المتعددة في نوكيا ان الجوالات التي تستخدم مشغلات الموسيقى سوف تحل MP3 Players))، مبينا ان نوكيا باعت في العام الماضي 45 مليون جهاز تشتمل على مشغلات موسيقى، متوقعا ان تبيع في العام الحالي نحو 80 مليون جهاز فضلا على 150 مليونا مع راديو اف ام. ولعل مؤسسة «انفورما تيليكومس اند ميديا» المعروفة تؤكد ما ذهب اليه سيلبي حيث اظهرت في تقرير حديث لها ان ان الموسيقى ستكون هي المحرك الاساسي للنمو في قطاع الاتصالات الجوالة خلال العام الحالي حيث تتوقع انفورما ان تبلغ قيمة مبيعات الموسيقى الجوالة هذا العام نحو 7.4 مليار دولار ليرتفع الى 13.6 مليار دولار عام 2011. في حين ان سوق خدمات الجوال (الالعاب الموسيقية الجوالة، الموسيقى، والتلفزيون ـ الفيديو الجوال) ستصل قيمتها بحلول عام 2011 الى نحو 26 مليار دولار.

اما الالعاب الجوالة فترتفع قيمتها من 2.4 مليار دولار هذا العام الى 7.2 مليار عام 2011، في حين ان التلفزيون الجوال من المتوقع ان يحصد هذا العام 1.2 مليار دولار منها 300 من ايرادات مشاهدة مباريات كأس العالم لكرة القدم.

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الاوسط» حول كيفية قيام نوكيا بالموازنة بين استراتيجيات الشركة، فمن جهة تشير كافة التوقعات تشير الى ان معظم النمو في قطاع الهواتف الجوالة سيتركز في الدول النامية، بينما تركز نوكيا على الهواتف المتطورة او المتعددة الوظائف او الموجهة لقطاع الاعمال من جهة اخرى، قال كاي كاي اوستامو ان نوكيا لا ترى اي تناقض في هذا المجال حيث انها تعمل على انتاج اجهزة تناسب كافة القطاعات والشرائح الاجتماعية. وفي الحقيقة ان المتابع للخطوات المتسارعة في عالم الاتصالات يمكنه القول ان نوكيا قد تتحول الى اكثر من شركة هواتف وربما التحول الى شركة الكترونيات، حيث اشارت دراسة اجرتها نوكيا على 16 سوقا من ضمنها السعودية ان 50 في المائة من مستخدمي الجوالة يستخدمونها بشكل اساسي للتصوير، في حين ان نحو الثلثين يستعملونها للموسيقى، وحوالي النصف يرغبون ان يكونوا قادرين بتوصيلها باجهزتهم الممزلية. نوكيا والشرق الأوسط : وفقا لتقرير نشرته اخيرا مجموعة المرشدين العرب وصل عدد مشتركي الهاتف الجوال لـ 39 مشغلا في 18 دولة عربية حوالي 85 مليون مشترك مع نهاية 2005 مقابل 30 مليون خط أرضي في نفس هذه الدول، مبينا أن القطاع الجوال نما بشكل هائل عام 2005، حيث أضاف المشغلون حوالي 34 مليون مشترك عام 2005، وهو ما يزيد على جميع خطوط الهاتف الثابت في المنطقة. وفي تعليقه على هذا الامر أكد لـ«الشرق الأوسط» كاي اوستامو ان الشرق الاوسط منطقة مهمة للغاية ولكن نوكيا تضع استراتيجيتها على مستوى عالمي، وهي في الوقت الراهن تتطلع لتعزيز مبيعاتها في الشرق الاوسط بشكل اكبر.

من جهته قال لـ«الشرق الاوسط» إريك أندربيورك، 35 عاماً، منصب مسؤول وحدة حلول المؤسسات في نوكيا الشرق الأوسط وأفريقيا، ان السوق اصبح متطورا بالتالي يحتاج الى منتجات جديدة.

واعتبر أندربيورك اسواق الشرق الاوسط وافريقيا (تضم 69 سوقا) من اهم الاسواق في العالم تتوقع نوكيا ان نحو 200 مليون شخص جديد سيستخدمون الهواتف الجوالة بحلول عام 2008 مما يجعل المنطقة اكثر مناطق العالم نموا.