الأمير تركي الفيصل: السعودية لا تستطيع بيع جزء من نفطها لعدم توفر مشترين

خفضت إنتاجها وأكدت أن ارتفاع أسعار النفط غير منطقي

TT

قال الامير تركي الفيصل سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن، إن السعودية لا تستطيع بيع جزء من نفطها، نتيجة عدم توفر مشترين. وقال الامير تركي على هامش المنتدى الاقتصادي الاميركي ـ العربي الذي انطلق في هيوستن «لدينا 300-400 الف برميل يوميا لا يتم بيعها نتيجة عدم وجود مشترين... انها محملة بناقلات وتجوب انحاء العالم على امل ايجاد زبائن».

وكان موضوع النفط قد هيمن على المنتدى العربي ـ الاميركي الثاني المنعقد حالياً في هيوستن (تكساس) ويشارك مسؤولو أهم الشركات البترولية الاميركية في اللقاءات التي يحضرها كذلك وزراء عرب ومسؤولون من الادارة الاميركية. وخلال اللقاء أعلن الامير تركي الفيصل ان انتاج السعودية من النفط سيصل الى 12.5 مليون برميل عام 2009، مشيراً الى انه اتفق خلال اللقاء الاخير بين الملك عبد الله بن عبد العزيز (وكان وقتها ولياً للعهد) مع الرئيس الاميركي جورج بوش على تلبية حاجيات السوق في كل الظروف، وقال الأمير تركي في كلمة امام المنتدى إن اسعار النفط كان يفترض ان تصل الى ازيد من 100 دولار منذ السبعينات لكنها ما تزال لم تصل الى هذا المستوى، وقال إن لفظة «الادمان على النفط» يجب ان ترفع من القاموس لانه «لا يمكن القول باننا ندمن على الاوكسجين»، على حد قوله.

وقدمت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أقوى دليل حتى الان على أن الارتفاعات القياسية في الاسعار لا تربطها صلة بحقائق العرض والطلب. فقد خفضت السعودية انتاجها بنسبة كبيرة خلال الربع الثاني من العام لكن ظل بالامكان تلبية الطلب المتنامي على النفط .

وفي الفترة من يوليو (تموز) 2004 الى مارس (اذار) 2006 كانت المملكة تضخ ما يزيد بكثير عن تسعة ملايين برميل يوميا فيما يرجع جزئيا الى ضمان تلبية الطلب في أكبر مستهلكين للنفط في العالم، وهما الولايات المتحدة والصين.

وفي ذلك الوقت ارتفعت مخزونات النفط العالمية الى اعلى مستوياتها في 20 عاما وبلغت المخزونات الأميركية أعلى مستوياتها في ثماني سنوات وهو دليل مقنع على أن المخزونات أصبحت مؤشرا يعتد به بدرجة أكبر على حجم ما يضخ المنتجون من نفط .

وتقول وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان الدول كان لديها ما يكفي من مخزونات النفط الخام في مارس (اذار) لتشغيل مصافيها لمدة 25.9 يوم وهو مستوى أعلى بكثير من المعتاد. وارتفعت مخزونات الخام بدرجة أكبر منذ ذلك الحين.

وقال عبد الله جمعة رئيس شركة ارامكو النفطية السعودية «جزء من المعادلة السعرية اليوم يرتبط بقضايا أمن الامدادات ذاتها لكن يتعين أن نأخذ في الاعتبار كذلك الدور المعرقل الذي تقوم به المضاربات في أسواق النفط اليوم». طبقا لما ورد في رويترز.

وفي اجتماع أوبك في اصفهان بايران في مارس 2005 وضعت الرياض سياسة جديدة لدعم مخزونات النفط العالمية تحسبا لأي أزمة في الامدادات. ومنذ ذلك الحين زادت مخزونات الخام في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأكثر من 50 مليون برميل الى 1.005 مليار وهو أعلى مستوياتها في 20 عاما.

وجاء قرار السعودية خفض انتاجها بمقدار 400 الف برميل يوميا في الربع الثاني من هذا العام ليؤكد النتيجة المنطقية لهذه السياسة. في مايو (ايار) كانت السعودية تنتج 9.05 مليون برميل يوميا وهو أدنى مستوى في عامين وأقل بكثير من الطاقة الانتاجية للمملكة البالغة 11.3 مليون برميل يوميا.

وقال مسؤول بارز لدى أحد أكبر مشتري النفط من السعودية «السعوديون لا يريدون أن يعطوا السوق ما لا تحتاجه». ولم تتأثر سوق النفط العالمية التي يبلغ حجمها 85 مليون برميل يوميا بالخفض السعودي بشكل يذكر ولا بغياب 150 ألف برميل من انتاج ايران ثاني أكبر منتج في أوبك بعد أن خفضت انتاجها كذلك.

وقال مندوب بارز لدى أوبك «سبب الخفض بسيط. الناس لا تطلب النفط». فعمليات صيانة مكثفة في المصافي خاصة في اسيا حدت من الطلب والمخزونات تواصل ارتفاعها بحسب ما نقلت عنه وكالة رويترز.

وعلى الرغم من ذلك وصل سعر النفط الى مستوى قياسي بلغ 75.35 دولار في نهاية ابريل/ نيسان وسط مخاوف ان تستخدم ايران صادراتها النفطية كسلاح في اطار خلافها مع الغرب بشأن برنامجها النووي.

ويعتقد الكثيرون في قطاع النفط ان الوقت مناسب الان كي ترفع السعودية انتاجها بالتدريج في الوقت الذي تنتج فيه المصافي بعد تجديدها المزيد من البنزين ووقود التدفئة.

وتقدر شركة بترولوجيستكس للاستشارات النفطية ان تكون السعودية قد انتجت 9.1 مليون برميل يوميا في يونيو بارتفاع 50 الف برميل عن انتاجها في مايو.

وتشير دلائل من سوق الشحن كذلك الى ارتفاع الصادرات. فقد حجزت المملكة تسع ناقلات عملاقة لنقل 18.5 مليون برميل الى الولايات المتحدة وأوروبا في يوليو في اكبر عملية لاستئجار سفن منذ ديسمبر/ كانون الاول عام 2004. وقال كارل كالابرو كبير المحللين في شركة بي.اف.سي انرجي «مع اقتراب النصف الثاني من العام يزيد الطلب على النفط. وقد شهدنا ذلك في سوق الشحن». لكن لا أحد يستطيع أن يخمن حجم الزيادة في طلب المصافي في الربع الثالث.

وتنقسم آراء الاقتصاديين والمحللين بشأن مدى تأثير أسعار النفط المرتفعة على ابطاء نمو الطلب. وأضاف كالابرو «بدأنا نشهد بعض التراجع في الطلب ـ بدرجة بسيطة فقط في الولايات المتحدة ونتوقع تراجعا اخر في النصف الثاني». ومضى يقول «يتباطا الطلب في اماكن أخرى كذلك لكن ما يشغلنا حقيقة هو أثر التباطؤ في الولايات المتحدة».