أمام ندوة في أبوظبي عن أصل النفط ومستقبله

خبير روسي: النفط طاقة متجددة غير قابلة للنضوب

TT

قال خبير نفطي روسي ان هناك احتمالا بأن يكون النفط الخام من الموارد المتجددة غير القابلة للنضوب، مشيرا الى أن البحث في نظرية المنشأ غير العضوي للنفط قضية مطروحة حاليا في الاوساط النفطية من الناحيتين الاقتصادية والجيولوجية. جاء ذلك في ندوة نظمها المكتب الاعلامي للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء حول أصل النفط ومستقبله. وقال الخبير الروسي كونستونتين دوداريف، في ورقة عمل، بعنوان «هل سيبقى الغاز والنفط إلى الأبد؟»، إن الاعتقاد السائد لدى معظم الأكاديميين والسياسيين والاقتصاديين أن موارد الهيدروكربون قابلة للنضوب، مشيرا إلى أن نظرية الأصل العضوي تفترض أن النفط قد تشكل في الماضي السحيق جراء عملية تحول للمواد العضوية الميتة المتراكمة في طبقات رسوبية والمتمركزة في بنيات جيولوجية مسامية مغطاة بطبقات كثيفة من التربة والتي تسمى »«صخور مصطبية».

لكنه قال ان هناك نظرية اخرى هي نظرية المنشأ غير العضوي للنفط، لافتا إلى أن المواد الهيدروكربونية وفق هذه النظرية هي في تشكل مستمر نتيجة اتحاد الكربون مع الهيدروجين في أعماق الأرض تحت درجة حرارة وضغط هائلين في الطبقات العميقة لجوف الأرض وغلافها لينساب نحو الأعلى، مجدداً بذلك تعبئة المستودعات الموجودة باستمرار. وبما أن مصادر الكربون والهيدروجين المطلوبين لتشكيـل النفـط موجودان في الأرض والجو بلا حدود، فإن كافـة الحوارات والنقاشات حول النضـوب السـريـع المحتمـل للنفـط والغاز الطبيعـي تفقد صحتها. ونوه بأن الدليل الذي أصبح سائداً بشكل أكبر من ذي قبل يؤيد وجهة النظر التي تفترض تجديد تعبئة مستودعات النفط الأصلية في حقول النفط التي بصدد التطوير كما يحدث الآن بفضل نزوح النفط بشكل عمودي نحو الأعلى من مناطق أعمق لجوف الأرض.

وتحدّث دوداريف ان العالم الروسي ديمتري مندليف، كان أول من استنتج أن «نظرية الأصل العضوي» وقدّم بالمقابل نظرية المنشأ غير العضوي للبترول التي أعلنها في اجتماع الجمعية الروسية للكيمياء. ووفقاً لهذه النظرية، فإن البترول هو منتج ناشئ عن تفاعلات بين هيدروكسيدات المعادن والماء في أعماق الأرض تحت درجة حرارة وضغط عاليين جداً. واعتقد العالم الروسي أنه أثناء تشكل الجبال، كانت الماء تخترق أعماق الأرض لتصل إلى الكتل المعدنية عبر شقوق في قشرة الأرض، ويؤدي التفاعل بين الماء وكربيدات الحديد إلى تشكل هيدروكسيدات معادن وهيدروكربون مثل الميتان. وعبر هذه الشقوق الموجودة في قشرة الأرض، كانت المواد الهيدروكربونية تصعد إلى الطبقات العليا من قشرة الأرض لإشباع الطبقات المسامية، مشكّلة بذلك حقول النفط والغاز.

وخلال زيارته لمنطقة باكو في أذربيجان، أدرك مندليف أنه غالباً ما توجد حقول النفط في هذه المنطقة بجوار الشقوق الموجودة في قشرة الأرض. وكان هذا تفسير غير قابل للجدل لتأكيد صحة نظريته حول الأصل غير العضوي للنفط. وتم دعم نظرية التشكل غير العضوي أو الكربيدي للنفط والغاز ببراهين جديدة قدمها علماء فيزياء الفلك. فقد أظهرت أبحاث أطياف الأجرام السماوية وجود مركبات الكربون والهيدروجين في الجو المحيط بالمشتري وكواكب كبيرة أخرى، وكذلك في الأغطية الغازية للمذنبات. وحيث أن الهيدروكربونات توجد بكثرة في الفضاء، فلدينا الحق أن نفترض أن عمليات تركيب المواد العضوية من مواد غير عضوية هي بصدد التنفيذ، وهذا بالضبط ما حاول مندليف إثباته.

وأشار إلى أنه في بداية القرن العشرين، اعتاد بعض العلماء على تقبل أفكار مندليف، وتلقت نظريته حول المنشأ غير العضوي بعض الدعم في دراسات الجيولوجيين وفي خمسينات وستينات القرن العشرين، احتد النقاش حول نظرية المنشأ غير العضوي في الاتحاد السوفياتي. وعبّر بعض العلماء السوفيات عن آرائهم حول احتمال صحة «الأصل الهجيني» للنفط كمنتج ناشيئ عن تفاعـل كيميائـي بيـن الهيدروجين أو الميتان ومواد ذات أصل حيوي في أعماق الأرض. وفي تسعينات القرن الماضي، أصدر حفار أميركي للتنقيب عن النفـط والغاز من هيوستن يُدعى تجي. إف. كيني ـ الـذي عمـل مـع ثلاثـة علمـاء روس؛ بمن فيهم فلاديمير كوتشيروف، مـن جامعـة غوبكين الحكوميـة الروسيـة للنفـط والغاز ـ تقريراً حول التشكيل غير العضوي للهيدروكربون. وشرحت ورقة العمل النقاشات الديناميكية الحرارية التي تقول إن الميتان هو العنصر الهيدروكربوني العضوي الوحيد الذي يوجد في قشرة الأرض. وناقش التقرير أيضاً النظريـة التـي تفيـد ضرورة وجود ضغوط عالية تتراوح بين 25 و50 كيلوبارا أو أكثر من أجل تشكيل جزئيات البترول الهيدروكربوني الطبيعي. وضمّن كاتبو التقرير أيضاً وصفاً عن التجارب المخبرية التي جرت في موسكو، والتي أدت إلى تشكّل منتجات بترولية من الرخام والماء وأكسيد الحديد تحت ضغط 150 كيلوبارا ودرجة حرارة 1500م.