الاستثمارات السعودية في لبنان مرشحة للبقاء برغم تواصل الحرب الإسرائيلية

رجال أعمال يؤكدون قدرة الإدارة اللبنانية في المحافظة على الاستثمار

TT

استبعد رجال أعمال سعوديون أن تتسبب الحرب الدائرة حالياً بين لبنان وإسرائيل بخروج الاستثمارات الخليجية عموما والسعودية على وجه الخصوص من الأراضي اللبنانية أو انتقالها إلى دولة أخرى أكثر أمناً في الوقت الراهن، مشيرين إلى أنه من الصعوبة بمكان إخراج الكم الهائل من الاستثمارات الخليجية والسعودية التي ظلت تعمل في لبنان عقود طويلة، بسبب حرب لا يعرف لها زمن وقد تنتهي بين يوم وليلة.

ورجح رجال الأعمال السعوديون هذا الرأي نتيجة صعوبة التحرر من الأموال أو تسييلها مع استمرار مؤشرات الخسائر المتتالية التي يتكبدها مكونات الاقتصاد المقيم على أرض لبنان جراء القصف الإسرائيلي المتصاعد على الأراضي اللبنانية، وهو الأمر الذي يخلق آلية التحرر من الأصول بصعوبة. وتتركز استثمارات السعوديين في أعمال العقار والتي تبلغ قيمتها التقديرية بنحو 10 مليارات دولار، تضاف إليها مئات الملايين من الدولارات مستثمرة في جملة من النشاطات الجاذبة اقتصاديا تتصدرها السياحة، والخدمات البنكية. وأبان لـ«الشرق الأوسط» عبد الرحمن بن علي الجريسي بصعوبة تحرك الاستثمارات السعودية خارج الأراضي اللبنانية على الأقل في الوقت الراهن مع ارتفاع الأمل بإيجاد طرق لاحتواء الأزمة وعودة الأمن في المنطقة، مبينا أن السعودية تعد المستثمر الأول في لبنان. وقال الجريسي «كما لا بد أن أذكر بأن اللبنانيين لهم قدرة فائقة في إدارة الاستثمارات في أشد الظروف ولهم ملكة في الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية»، مشيرا إلى أن قطاع الإعمال اللبناني الذي يدير الاستثمارات يتعامل مع الأحداث بكل احترافية لتجنيب الاقتصاد أي خسائر نتيجة الخبرات المتراكمة في الأوقات الصعبة السابقة.

وأفاد الجريسي بأن التجارب السابقة أكدت نظرة التفاؤل بقدرة تماسك الاستثمارات الداخلية في لبنان ولكن تظل المنطقة ذات جاذبية استثمارية عالية وقادرة على العودة مجددا في حال زوال «الزوبعة المؤلمة»، مفيدا بأن استثمارات السعوديين تأتي أولا تليها استثمارات خليجية بعدها تأتي استثمارات مصرية وأردنية.

من جانبه، أوضح رجل الأعمال السعودي عبد الله المغلوث في حديث لـ«الشرق الأوسط» رداً على سؤال حول التصورات المستقبلية لأوضاع الاستثمارات الخليجية عموماً والسعودية على وجه الخصوص والتي تتخذ من لبنان مقراً لها منذ أكثر من نصف قرن: «نحن غير متخوفين على عموم الاستثمارات السعودية في لبنان فهي ليست حديثة عهد بالمنطقة فقد مرت بعدة أزمات قبل ذلك».

ولفت المغلوث إلى أن الاستثمارات السعودية والكويتية التي تعمل في المجال العقاري والصناعي هناك وتحتل المراتب الأولى في صفوف الاستثمارات الأجنبية المقيمة على أرض لبنان وتكتسب تنوعاً في طابعها الاستثماري لن تتزعزع بسبب المد والجزر العسكري القائم بين لبنان وإسرائيل. وأضاف متفائلاً: «كل الاستثمارات الموجودة تجيد التعامل مع الأزمات، فهي مقيمة في لبنان منذ عقود ومرت بأزمات عدة ولم تتأثر وكان آخرها تداعيات مقتل الحريري وآثار عدد من الانفجارات التي حصلت في سيارات مفخخة واستهدفت عدداً من الإعلاميين والسياسيين في لبنان».

وزاد المغلوث بأن الاستثمارات السعودية في لبنان تكتسب قوة كبرى كفيلة بتبديد الخوف الذي يراود البعض من تزعزع قوى تلك الاستثمارات، لافتاًَ إلى أن لبنان الذي يشكل أرضاً خصبة للاستثمارات العقارية والصناعية التي تنمو سريعاً ما يعطي مؤشراً بإمكانية أن تستعيد الاستثمارات عافيتها بوقت قياسي على اعتبار وفود مئات الآلاف من السياح من جميع أنحاء العالم، على مدار العام إلى مختلف المناطق اللبنانية.

ورأى أن الاستثمارات السعودية في لبنان ستظل متمتعة بقوتها ونموها السريع على أمل أن تنتهي الحرب قريباَ، وأضاف: «المستثمرون السعوديون ليسوا من المستثمرين الجدد في المنطقة فهم يعرفون لبنان تماماً ويعرفون حجمه السياحي ويتفهمون ما يحل به ومن المستحيل أن يقوموا بسحب أموالهم أو تصفيتها، وأقل مستثمر سعودي في لبنان يستثمر بقيمة 100 مليون ريال».

وأشار المغلوث إلى أن ما يصعب من تأثر الاستثمارات الأجنبية في لبنان سلبيا هو إقامة العديد من الاستثمارات الأجنبية على أرض لبنان إلى جانب الاستثمارات الخليجية، فالعديد من الأوروبيين وغيرهم يستثمرون في عدد من المجالات هناك، إضافة إلى ما تكتسبه الواجهة اللبنانية من أهمية أمام دول العالم في أوروبا والشرق الأوسط وما يفد إليها من أفواج تقدر بمئات الآلاف من جميع دول العالم، ما يعطي مؤشراً بوجود استعداد لهؤلاء بالرجوع إلى لبنان مرة أخرى وبأموال أخرى.

إلى ذلك، أفاد الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس إدارة مجلس الصادرات السعودية بأن الإشكالية التي تواجه الاستثمارات الداخلية في لبنان تتمثل في «إعادة الثقة» والتي تمثل العنصر الأهم على الإطلاق عند الحديث عن الاستثمار، مستطردا بأن المناطق الاستثمارية الكبرى لم تتأثر حيث لم يشملها حتى اللحظة القصف المركز. ولفت في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن أماكن الاستثمارات العقارية وخاصة ما يتعلق بالسياحة ومناطق الخدمات الفندقية لم تشهد دمارا واضحا بقدر ما وقع على الأحياء السكنية وبعض المجمعات والبنى التحتية، مبينا أن مستقبل التفكير في ضخ أموال جديدة من السعوديين هناك ستتأثر سلبا لا محالة.