عام بعشرة أعوام... واقتصاد يزدهر

TT

غداً الأول من أغسطس (آب)، يحتفل الشعب السعودي بالذكرى السنوية الأولى لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (يحفظه الله) ملكاً للمملكة العربية السعودية، وبيعة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولياً للعهد... فماذا أكتب عن هذه المناسبة، خصوصاً إذا تذكر أنه لا يحسن بمن يتقدم للكتابة عن مثل هذه المناسبة التاريخية الهامة وعلى منبر إعلامي عالمي كهذا، إن لم يكن لديه ما يضيف.

لكن مما يحفز على الكتابة، أن في بعض الحديث شهادة أكثر منه إشادة. وأن الحديث عن النعم أمر فيه مرضاة للرب.. قال تعالى «وأما بنعمة ربك فحدث». فهذه بلادنا تحث الخطى في جميع المجالات التنموية بوجه عام، والاقتصادية بوجه خاص... خطوات جدد رسمها (يحفظه الله) وحدد معالمها ومضامينها في خطاب تسطر كلماته بحبر من ذهب. ذلك الخطاب الذي أشبع رغبات المنتظرين لمعرفة استراتيجيات الحكومة المستقبلية. فقد جاء مشتملاً بقدر ما هو واضح ومركز على خطة عمل القيادة، بما احتواه من تأكيدات ومرتكزات ومضامين وأهداف. فمما تضمنه خطاب البيعة «أتولى المسؤولية بعد الراحل العزيز وأشعر أن الحمل ثقيل وأن الأمانة عظيمة.. استمد العون من اللّه ـ عز وجل ـ وأسأل اللّه سبحانه أن يمنحني القوة على مواصلة السير في النهج الذي سنه مؤسس المملكة العربية السعودية العظيم جلالة الملك عبد العزيز آل سعود (طيب اللّه ثراه) واتبعه من بعده أبناؤه الكرام ـ رحمهم اللّه ـ وأعاهد اللّه ثم أعاهدكم أن أتخذ القرآن دستوراً والإسلام منهجاً وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة، ثم أتوجه إليكم طالباً منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وأن لا تبخلوا علي بالنصح والدعاء».

ثم بدأت قافلة النماء في تسارعها... فعلى الصعيد الاقتصادي (مثلاً)، برهنت قيادة الملك عبد الله خلال العام الماضي أن الأقوال تصدقها الأفعال. أفعال لن تحتويها مثل هذه المساحة، لكنني سأتحدث عن مجال حيوي واحد فقط، سبق لي أن كتبت عنه مقالاً في هذه الزاوية منذ عدة أشهر بعنوان «الصناعة خيارنا الاستراتيجي»... وهو بالفعل ما تصدق الأفعال بأن القيادة السعودية تقوم به. ففي قراراته (يحفظه الله) تجسيد لمفهوم أن الصناعة خيارنا الاستراتيجي. كيف لا ومن هذه القرارات بناء المدن الصناعية الثلاث: مدينة الجبيل الصناعية (2) وينبع الصناعية (2) والمدينة التعدينية برأس الزور. قرارات تهدف إلى تحويل الصحارى الجدباء والسواحل الصبخاء إلى مدن صناعية متكاملة.

ففي المدينة التعدينية برأس الزور على وجه الخصوص تنشأ حديثاً أول مدينة تعدينية صناعية من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، وبتكلفة إجمالية تصل إلى 30 مليار ريال. ومما تتميز به صناعتها أنها متكاملة تبدأ من المنجم إلى التسوق بالمنتج النهائي. وفي الخطة المستقبلية أنه سيتم ضخ نحو 60 مليار ريال في إنشاء هذه المدن الصناعية الثلاث الجديدة، ومن المنتظر أن تجذب الجبيل (2) وينبع (2) استثمارات تقدر بـ(355) مليار ريال يصاحبها فتح ما يقارب (80) ألف فرصة وظيفية مباشرة و(400) ألف فرصة وظيفية غير مباشرة. مدن صناعية متكاملة بالخدمات الأمنية والطرق والإسكان المريح والاتصالات والموانئ والمستشفيات وبكل مستلزمات الحياة العصرية إلى غير ذلك... وعلى أرقى المستويات المعاصرة طبقاً للمعايير الدولية. مشاريع هنا وهناك، وعجلة التطور والنماء لا تتوقف. فبالأمس القريب طالعتنا جريدة المدينة (3/7/1427هـ) بخبر «مشروع سعودي لاستغلال النفط الثقيل عبر حقن البخار»... كلها مشاريع تعود بالنفع على الوطن والمواطن.

هذه المدن والمشاريع الصناعية ينتظر لها أن تولد للسوق السعودي شركات صناعية ضخمة تتوالد هي أيضاً بشركات ومؤسسات تخلق فرص عمل واستثمارات. وهذه الشركات ينتظر أن توزع حصصها على المواطنين بالسوق الأولية وبأسعار محفزة، وأن تتداول أسهمها بالسوق الثانوية بمجرد أن تكتمل وتؤتي ثمارها... وهذه مصانع الرجال وآخرها «جامعة التقنية والعلوم» بمنطقة مكة المكرمة... وهذا عام مضى بعشرة أعوام في حساب التنمية.

* محلل مالي سعودي [email protected]