تواصل تأثير الوضع في لبنان على أسواق الخليج وسط استمرار ارتفاع أسعار النفط

تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي

TT

انقضى الثلث الأول من السنة المالية الحالية 2006/2007، ومازالت أسعار النفط مرتفعة، وبلغت معدلات قياسية جديدة، فقد وصل متوسط سعر برميل النفط الكويتي، لمعظم شهر يوليو، إلى نحو 66.8 دولار أميركي، محققاً زيادة قدرها 3.9 دولار أميركي للبرميل عن معدل شهر يونيو، الذي كان نحو 62.9 دولار أميركي، وبدأت أسعار النفط الكويتي مرتفعة، في الأسبوع الأول من شهر يوليو، إلى معدل بلغ نحو 65.9 دولار أميركي للبرميل، بعد أن كانت عند معدل 63.2 دولار أميركي للبرميل، في الأسبوع الأخير من شهر يونيو، لترتفع في الأسبوع الثاني إلى معدل بلغ نحو 66.5 دولار أميركي للبرميل، ثم لتواصل الارتفاع إلى نحو 68.1 دولار أميركي للبرميل، في الأسبوع الثالث. وما من شك في أن الحرب الشرسة على لبنان كانت سبباً رئيسياً في ارتفاع أسعار النفط، لمعظم شهر يوليو، ومع هذا الشهر بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي، للثلث الأول من السنة المالية الحالية، بحدود 64 دولاراً أميركياً، بزيادة قاربت 28 دولاراً أميركياً للبرميل، أي ما نسبته نحو 77.8% عن السعر الافتراضي الجديد المقدر في الموازنة الحالية والبالغ 36 دولاراً أميركياً، وهو معدل يزيد، أيضا، بنحو 15.1 دولار أميركي، أي ما نسبته 30.9%، عن معدل سعر برميل النفط الكويتي، للثلث الأول من السنة المالية الماضية2005/2006، التي انتهت بنهاية مارس الماضي، قد حققت متوسطاً، بلغ نحو 52.1 دولار أميركي لسعر برميل النفط الكويتي. وعند حصة إنتاج النفط الكويتي الرسمية، في أوبك، البالغة نحو 2.247 مليون برميل يومياً، وبمتوسط سعر عند 64 دولاراً أميركياً لبرميل النفط الكويتي، يفترض أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية، في الثلث الأول من السنة المالية الحالية، بنحو 4.806 مليار دينار كويتي، ولكن معدل إنتاجها الفعلي، خلال هذه الفترة، كان أعلى من ذلك، إذ قارب ذلك المعدل نحو 2.55 مليون برميل يوميا، وذلك ما يجعل الواقع أعلى من تقديراتنا. وبتعديل الأرقام طبقاً للإنتاج الفعلي، يفترض أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية، في الثلث الأول من السنة المالية الحالية، بما يقارب 5.454 مليار دينار كويتي وأكثر، إذا أخذنا بالاعتبار بيع المكررات، أي نحو 70.5% من الإيرادات النفطية المقدرة في الموازنة والبالغة نحو 7.737 مليار دينار كويتي. وإذا افترضنا استمرار مستوى الإنتاج والأسعار على حاليهما فإن قيمة الإيرادات النفطية المتوقعة، لمجمل السنة المالية، سوف تكون نحو 16.362 مليار دينار كويتي، وهي قيمة أعلى بنحو 8.625 مليار دينار كويتي، عن تلك المقدرة في الموازنة. ومع إضافة نحو 0.783 مليار دينار كويتي إيرادات غير نفطية، فإن جملة إيرادات الموازنة الافتراضية، للسنة المالية الحالية، ستبلغ نحو 17.145 مليار دينار كويتي، مقارنة باعتمادات المصروفات فيها، والبالغة نحو 10.866 مليار دينار كويتي، أي أن النتيجة ستكون تحقيق فائض افتراضي في الموازنة بحدود 6.279 مليار دينار كويتي، لكننا نود أن نؤكد أن مصطلح «الفائض» في علم المالية العامة، لا ينطبق على حالة الكويت أو أية دولة نفطية، ففائض الموازنة هو فائض حصيلة الضرائب على النفقات العامة، في حين أن بيع أصل، أو استبدال النفط الزائل بالنقد، لا يفترض يسمى فائضاً، ولكنها استعارة مجازية، لا تعبر عن فائض ناتج عن نشاط اقتصادي متنوع وحقيقي ومستدام، ويأتي من معين ضريبي، ويجب أن تتوقف عملية شراء الود السياسي على حساب مصير البلد، بدعوى تحقق فوائض غير حقيقية.

اما عن اداء الاسهم الخليجية فرغم خفوت الأثر السياسي الأمني الناتج عن الحرب على لبنان، إلا أن اتجاه الأسواق السبع مازال متأثراً بها، فخلال الأسبوع الماضي، وهو ثالث أسابيع الحرب، خسرت أربع أسواق، بينما حققت ثلاث أخرى مكاسب. ولكن، حدود المكاسب والخسائر باتت متعادلة، إذ تراوحت ما بين 3.5% بالموجب لأفضلها، وهو السوق السعودي، الذي كان أكبر الخاسرين في الأسبوع الأول، و2.4% بالسالب للمؤشر السعري لسوق الكويت للأوراق المالية، وحتى هذه الحدود، في القراءة، أمر يمكن تفسيره. ورغم كل التكاليف الإنسانية والاقتصادية للعدوان الرهيب على لبنان، مازال استمراره يلقى دعماً من قوى عظمى، حتى نهاية الأسبوع الماضي، على الأقل. وقد فاق عدد قتلى لبنان، وغالبيتهم الساحقة من المدنيين، الـ 850 قتيلاً، مقابل نحو 55 قتيلاً إسرائيلياً، معظمهم من العسكريين، أي أن النسبة هي 15 قتيلاً لبنانياً مقابل كل قتيل إسرائيلي، ولا نعرف ما هو سعر الصرف المطلوب بين ضحايا الطرفين ليتحرك الضمير العالمي. ولم يتم تقدير حجم الخسائر المالية الدقيقة في لبنان، ولكن اذا كانت خسائر تدمير البنى التحتية هي 2 مليار دولار اميركي طبقا لوزير المالية اللبناني، فمن المؤكد أنها في نهاية المطاف سوف تفوق خمسة مليارات دولار أميركي، في الجزء المباشر منها، أما خسارة الاقتصاد ـ مثل موسم سياحي بنحو ملياري دولار أميركي ـ وتراجع تدفقات الاستثمار المحتمل وأثره على النمو، فمن المؤكد أنها ستكون أعلى.

ورغم أننا نتوقع توقف العمليات العسكرية، خلال الأسبوع الحالي، وانعكاس ذلك، إيجاباً، على أداء أسواق الخليج السبع، إلا أن آثار الدمار الاقتصادي والسياسي والنفسي ستبقى مؤثرة لفترة طويلة قادمة.