السعودية: شرارة جدل شرعي تهدد بمحدودية الطلب على شراء الأسهم المكتتب بها في شركة «البحر الأحمر»

مطالب بإحضار فتوى معتبرة قبل طرح أسهم الشركات على المكتتبين

TT

ألقى جدل شرعي حول الأوضاع المالية في شركة البحر الأحمر لخدمات الإسكان بآثاره السلبية على اكتتاب الشركة في أول يوم من انطلاقته أمس في السعودية، حيث أكدت مصادر مصرفية بأن الاكتتاب الذي يقتصر على المواطنين السعوديين فقط لم يشهد حركة مكثفة نتيجة بعض الآراء الشرعية المحرمة لبعض التعاملات البنكية على الشركة.

واعترفت النظرة الشرعية المشاعة حول الشأن المالي، ما ذكره الدكتور محمد العصيمي في اتصال مع «الشرق الأوسط» الذي أرجع الصحيفة إلى موقع فتاواه المالية، حيث شدد على خلفية الودائع البنكية بأجل التي تبلغ قيمتها 6.6 مليون دولار «25 مليون ريال» تمثل 8 في المائة من إجمالي حجم الأصول، مشيرا إلى وجود بعض القروض الربوية اليسيرة، وهو الأمر المحرم. ولفتت النظرة الشرعية التي اعتمدها العصيمي الى أن هناك مبالغ مماثلة حصلت عليها الشركة عبارة عن فوائد ربوية، وهو ما ترفضه المجامع الفقهية واللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء في البلاد مما يرشح معه منع الاكتتاب في مثل تلك الشركات التي تستثمر وتقترض بالربا.

ودعت الفتوى المعتمدة على قراءة نشرة الاكتتاب المفصلة، الشركة للسعي في تمكين السعوديين من الاكتتاب والاسترباح منه حيث أن السهم سيكون بعلاوة إصدار، موجهة النصح بتعديل بعض الفقرات في النظام الأساسي للشركة خاصة الفقرات الخاصة بإمكانية إصدار السندات والأسهم الممتازة، والنص على أن تلك الأدوات يمكن أن تصدر فقط بالطريقة الشرعية، وهي الصكوك وبعض أنواع الأسهم الممتازة الجائزة شرعا. كذلك أنصحهم بتقوى الله وترك التأمين التجاري والعمل على اختيار التأمين التعاوني المجمع على جوازه.

أمام ذلك، تصدرت فتوى أخرى استقرأت نشرة الاكتتاب المفصلة وفق ارتباط الشركة بعقود سحب على المكشوف وهو ما يتعارف عليها باقتراض بفائدة مع بعض البنوك، إضافة إلى إيداع جزء من أموالها لدى البنوك في ودائع لأجل، نتج عنها صافي إيراد من الفوائد البنكية بواقع 835 ألف ريال، تمثل تحديدا ما قدره 0.29 في المائة من إيرادات الشركة. وذكر القراءة الشرعية تعليقا على ذلك بأن هذه النسبة ضئيلة جدا مقابل الإيراد العام وعليه يجوز الاكتتاب فيها، مستندة إلى أنه متى خالط المال الحلال يسير من الحرام فلا يحرم السهم كله بل يتخلص من الجزء المحرم منه، ويبقى ما عداه مباحا، في حين اعتبار إثم التعامل المحرم على من أذن به، لاسيما أن أموال المكتتبين لن يذهب منها شيء في دعم نشاط الشركة بل ستدفع جميعها للمساهم البائع وفق ما جاء في نشرة الإصدار.

وألزمت هذه الفترة المكتتب وجوب «التطهير» متى ما استحق شيئاً من الأرباح الدورية التي توزعها الشركة، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم فلا يلزم التخلص من شيء منها، مشيرة إلى أن هذا الحكم ناتج في مثل هذا النوع من الشركات يتوافق مع اختيار علماء شريعة كبار في السعودية إضافة إلى المجلس الشرعي للمعايير المحاسبية.

وفي هذا الصدد، شدد الدكتور عبد الله المغلوث رجل الأعمال السعودي في حديث لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة أن تراجع هيئة سوق المال كثيراً من القوانين المتعلقة بنشاطات كل شركة تنوي طرح أسهمها للاكتتاب العام حتى تطمئن المساهمين، مشدداً على أن تقوم الهيئة بتقييم الشركات من ناحية أصولها ومشاريعها من قبل مكاتب تقييم «أجنبية»، مشيرا إلى أن هناك مشايخ في السعودية كثر يستطيعون الإفتاء في هذا الموضوع وحسم الخلاف الدائر بشأنه، وإيضاح الذي يخفى على عامة الناس منه.

واقترح المغلوث أخذ فتوى مسبقة تكون ملازمة للاكتتاب وتطرح بشكل موثق من قبل هيئة كبار العلماء في السعودية، ويرى رجل الأعمال السعودي أن تطلب هيئة سوق المال ذلك قبل طرح أسهم أي شركة للاكتتاب العام وتضمن موافقة هيئة كبار العلماء بفتوى «غير ملزمة للمكتتبين» في الاكتتاب، تبين ذلك فقط هيئة سوق المال لينتهي الجدل الدائر حول كل شركة مع كل عملية اكتتاب ولكي تصبح الطرق واضحة أمام المساهمين.

وبين المغلوث أن الإقبال على الشركات التي تتعامل بالفوائد والقروض بات قليلاً، مشيراً إلى أن كثيراً من المكتتبين في بعض الشركات لا يعرفون أدنى معلومات عن الشركات التي سيتوجهون للاكتتاب فيها ويكفيهم الشعور بالربح إذ يتصورون جميعاً بأن تدر عليهم البحر الأحمر كثيراً من المال في وقت قياسي بسيط. وقال المغلوث بأن كثيراً من المساهمين هذه الأيام يتوجه إلى الاكتتاب والمساهمة في العديد من الشركات دون أن يعرف نشاطات الشركة الذي يتوجه إلى الاكتتاب بها، مضيفا «في كل يوم نتفاجأ أن هناك شركة تطرح أسهمها ولا نعلم ما أنشطتها ومدى نجاح مشاريعها».

في المقابل أطلقت الشركة تأكيدات من بأن تعاملاتها شرعية، على لسان الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي رئيس مجلس إدارة شركة البحر الأحمر لخدمات الإسكان في تصريحات صحافية شهدتها «الشرق الأوسط» قبل يومين نصت على أن المسائل المالية والتعاملات البنكية التي تتداول بها الشركة كلها خاضعة للطريقة الإسلامية، مشيرا إلى أن لدى الشركة تعاملات مع المصارف ولكنها تتوافق مع الشريعة الإسلامية.