خبراء: مطلوب دور أكبر لشركات الوساطة المالية في أسواق الإمارات

4 من بين 87 شركة فقط تقدم استشارات فنية لعملائها

TT

طالب عدد من الخبراء الإقتصاديين شركات الوساطة المالية العاملة في سوق الامارات للأوراق المالية، بأن تلعب دورا اساسيا في تقديم الخدمات التي يحتاجها المستثمرون. واكد هؤلاء الخبراء على أهمية أن تقدم شركات الوساطة هذه دورها المأمول في تقديم الخدمات الأساسية التي يحتاجها المستثمرون في سوق الأسهم، محذرين من استمرار صغار المستثمرين في إدارة محافظهم بطريقة عشوائية. ووفقا لمعلومات استقتها «الشرق الأوسط» فان من بين 87 شركة وساطة مرخصة رسميا في دولة الامارات ـ يضم بورصتي دبي وأبوظي ـ هناك 4 شركات فقط تقدم الخدمات الإرشادية الكاملة للمستثمرين، فيما تكتفي بقية شركات الوساطة بالقيام بمهام تنفيذ عمليات البيع والشراء دون تقديم خدمات أخرى تساعد العميل في اتخاذ قراراته تلك.

ويقول هيثم أبوشادي العضو المنتدب لشركة «دبي للوساطة المالية» إنه في الوقت الذي تعتبر مهمة شركات الوساطة ـ عالميا ـ هي تنفيذ عمليات البيع والشراء بناء على طلب العميل «إلا أن هذا لا يعفي الشركات من توعية عملائها والمستثمرين لديها باعطائهم النصائح اللازمة والتي تأتي بناء على تحليلات فنية واساسية بالإضافة إلى متابعة العميل». واشار ابو شادي إلى أن أية نصائح تقدم إلى المستثمر من قبل شركة الوساطة المالية «يجب أن تستند الى تحليلات علمية واضحة دون تحيز». واوضح ابو شادي بأنهم كشركة وساطة ينقلون للعميل كافة المعلومات التي تصل إليهم «وحتى الاشاعات أيضا ننقلها للعميل طالما أن هذه الاشاعة ستؤثر سلبا أو إيجابا على السهم فنحن ننقلها للعميل مع التأكيد على أنها إشاعة». ويرى أبوشادي أن هناك الكثير من المستثمرين ممن هم بحاجة لهذه الخدمات الاستشارية «ولكن تبقى طريقة تقديمها وما إذا كانت أدت إلى تعزيز ربحية المستثمر أو على الأقل قللت خسارته وقت الانهيار، وهنا يجب على المستثمر أن يقيم الشركة التي يتعامل معها باستمرار للوصول إلى النتيجة التي تناسبه».

إلا أن الخبير الاقتصادي الدكتور احمد مفيد السامرائي، فإنه يعتقد أن الأفضل لشركات الوساطة أن تفصل بين مهمتها في تقديم خدمات الاستشارة وبين خدمات الوساطة في الأسهم، «أعتقد هذا أمر خطأ ربما يتسبب في إعطاء نصائح من قبل شركات الوساطة على حساب المستثمر». وبالرغم من إقرار الدكتور السامرائي بضرورة تقديم الخدمات الاستشارية للمستثمرين في سوق الأسهم واعتباره ذلك أمرا مطلوبا وهاما، «لكن يجب الاعتراف أيضا أن المستثمرين في سوق الأسهم عموما لا يحبذون مثل هذه التحليلات الفنية والاساسية». المستثمرون نوعان، النوع الأول هم الذين دخلوا سوق الأسهم أخيرا وهؤلاء لا يعرفون أصلا قراءة التحليل الفني، والنوع الثاني هم ذوي الخبرة وهؤلاء لا يريدون قراءة مثل هذه التحليل الفني. ويضيف «إذن لمن يتم إصدار خدمات فنية طالما لا يوجد من يقرأها أو يفهمها؟».

ويشير الدكتور السامرائي إلى أن هناك نقصا كبيرا في الكفاءات التي تقدم الخدمات الفنية والاستشارية «قياسا بحجم الاستثمارات وعدد المستثمرين. فنسبة المحللين الفنيين ضئيلة ولا تقارن بالبورصات العالمية»، ويشير إلى أن كون أسواق الأسهم في المنطقة أسواقا ناشئة «فالمحللون لا يستطيعون الحصول على المعلومات المطلوبة بالإضافة إلى نقص الشفافية في تقديم الشركات للبيانات المطلوبة منها».

ويقول محللون إن شركات الوساطة الاماراتية، والخليجية عموما، تفتقد إلى الهيكل الفني والاساسي الذي يجعلها تقوم بعملياتها على أكمل وجه، خصوصا أن غالبية تلك الشركات تعتمد على مهمتها الاساسية في تنفيذ عمليات البيع والشراء، دون القيام بمهام أخرى لها أهميتها القصوى لدى العميل. ويبحث صغار المستثمرين عن النصيحة السليمة وفق آراء خبراء ومحللين أكثر دراية ومعرفة. وبحسب ارقام غير رسمية فإن 90% من المستثمرين في السوق الاماراتي يتعاملون مع شركات وساطة وبنوك لا تقدم خدمات إرشادية ونصائح استثمارية، بينما هناك 10% من المستثمرين يتجهون إلى تلك الشركات التي تعتمد على إيصال معلومات يومية واسبوعية قصيرة وطويلة المدى.

ولا يلزم قانون هيئة الاوراق المالية والسلع بدولة الامارات شركات الوساطة بنوعية الخدمات التي يقدمونها لعملائهم، ولعل أهم الشروط التي تطلبها الهيئة أن يكون مدير العمليات لدى الوسيط حاصلاً على مؤهل جامعي في تخصص مناسب مع خبرة عملية لا تقل عن خمس سنوات في مجال الخدمات المالية أو الوساطة أو الاستثمار، وأن يُوظف ما لا يقل عن أربعة ممثلين آخرين يكون من بينهم مدير للتداول وتتوفر فيهم الشروط التي يستلزمها هذا النظام، على أن يكون شرط الخبرة العملية لمواطني الدولة ثلاث سنوات أو أقل، وعلى الشركات القائمة تعديل أوضاعها بما يتفق مع ذلك عند حلول مواعيد التجديد السنوي لتراخيصها، كذلك أن يكون ممثل الوسيط حاصلاً على مؤهل جامعي مع خبرة عملية لا تقل عن خمس سنوات في مجال الخدمات المالية أو الوساطة أو الاستثمار ويستثنى من يتمتع بجنسية الدولة من شرط الخبرة. كما يشترط في الوسيط أن يُقدم لصالح المقاصة كفالة مصرفية صادرة عن أحد المصارف العاملة في الامارات وغير مشروطة، ومتوجبة الدفع عند الطلب بمبلغ لا يقل عن عشرة ملايين درهم كحد أدنى «2.6 مليون دولار أميركي» . ويزداد مقدار هذه الكفالة طرداً مع زيادة حجم أعمال الوسيط وفقاً لما يُقرره مجلس إدارة السوق. وإذا كان الوسيط مقيداً في أكثر من سوق فيمكنه تجزئة تلك الكفالة المصرفية بين الأسواق المقيد فيها بحيث لا يقل مجموع أجزاء الكفالة عن عشرة ملايين درهم. ويجوز بموافقة السوق المعنى أن يرهن الوسيط كلا أو بعضا من الأوراق المالية المستثمرة في المحافظ المملوكة له والمودعة لدى المقاصة كضمان لزيادة مبلغ الكفالة المصرفية الخاص به وتفويض السوق ببيع تلك الأوراق أو جزء منها بالسعر الجارى لتغطية أية مطالب مالية قد تنتج عن عجز الوسيط من الوفاء بالتزاماته تجاه السوق أو المستثمرين على أن لا تزيد الكفالة المصرفية الخاصة بالمحافظ الاستثمارية عن «50%» من القيمة السوقية الحالية.

وبالرغم من أن شركة رسملة للوساطة لا تقدم خدمة الاستشارات لعملائها، إلا أن مجدي منصور المدير العام للشركة يؤكد على أهمية تقديم هذه الخدمة من قبل شركات الوساطة «نعم هذه الخدمة على قدر كبير من الأهمية، وغالبية الشركات لا تقدم الاستشارات لعملائها».

ويبرر مجدي منصور عدم تقديم أكثرية الشركات، ومنها شركته، لهذه الخدمة على الرغم من أهميتها بسبب أن «غالبية شركات الوساطة دخلوا للسوق في العام الماضي 2005 عندما كان السوق يواصل ارتفاعاته ويعيش الطفرة، ولكن هذه الشركات لم يكن لديها العدد الكافي من الخبراء لتقديم هذه الخدمات فاقتصرت خدماتها على البيع والشراء فقط». ويدلل منصور على حجم العمل الكبير الذي شهدته هذه الشركات بتضاعف أعداد المستثمرين في سوق الاسهم الاماراتي «ارتفعت أحجام التداول من حوالي الخمسين مليار درهم في 2004 إلى 450 مليار في 2005، لذلك فإن البنية التحتية لشركات الوساطة إن جاز لنا تسميتها، لم تكن جاهزة بالشكل المطلوب لتقديم هذه الخدمات الاستشارية لعملائها، وكان هم هذه الشركات الأساسي الرد على مكالمات المستثمرين وتنفيذ طلباتهم سواء بالشراء والبيع». ويعتبر مجدي منصور أن فرض هيئة السوق لخدمة الهاتف الإلكتروني بالإضافة إلى توسع خدمة التداول بالإنترنت ستستهم في تخفيف الضغط عن الوسطاء «وبالتالي تقديم خدمات الاستشارات الفنية والتي لاشك أنها بالغة الأهمية». وقال منصور إن شركته على سبيل المثال ستؤسس دائرة خاصة للتحليل الفني تقدم خدمات استشارية للمستثمرين.

ولكن لماذا يتجه غالبية المستثمرين لشركات وساطة لا تقدم لهم خدمة الاستشارات والنصيحة الفنية المبنية على التحليل الفني والاساسي؟، يضيف منصور انه «مع تضاعف أعداد المستثمرين والطفرة التي شهدها سوق الاسهم في الدولة ودخول أعداد كبيرة من المستثمرين، برزت فئة كبيرة من المستثمرين همها الأساسي هو تحقيق عائد مالي كبير دون النظر إلى اختيار الأسهم بناء على التحليلات الفنية»، ويوضح بأن غالبية المستثمرين كانت ترغب في مضاعفة رأس مالها في فترة قصيرة والاتجاه لشركات المضاربة الصغيرة وملاحقة الاشاعات.

إلا أن الخبير الفني مجدي شانون، والذي تقدم شركته تحليلات فنية وخدمات استشارية للمستثمرين، يرى أن عدم توجه المستثمرين للشركات التي تقدم هذه الخدمات رغم أهميته «يعود إلى تخوف المستثمرين من هذه الشركات وثقتهم أكثر بالتعامل مع البنوك». واضاف شانون، «ومع أن الاشتراطات التي تطلبها هيئة الأوراق المالية والسلع من البنوك التي تقوم بدور الوساطة نفسها هي التي تطلبها من شركات الوساطة، ولكن ثقة المستثمرين ما زالت أقل من المطلوب بشركات الوساطة». ويلفت شننالانتباه إلى نقطة هامة أخرى تجعل من المستثمر يتجه في الغالب إلى البنوك أكثر من شركات الوساطة، «البنوك تقدم له قروضا ائتمانية كبيرة لتمويل شراء الأسهم في الوقت الذي تقدم شركات الوساطة المالية هذه الخدمة... ولكني أعتقد أنه وبعد الانهيار الذي شهده السوق الاماراتي لابد سيكون هناك وعي لدى جزء كبير من المستثمرين وخاصة في ما يتعلق بالقروض الائتمانية بعد أن تبين ضررها على المستثمرين وخاصة صغارهم».

وعن الخدمات الاستشارية المقدمة للمستثمرين، يقول الخبير الفني مجدي شنن«نقدم تحليلا يوميا للسوق ونقاط الدعم والمقاومة كما نقدم تحليلا لكل قطاع على حدة ونقدم تحليلا لكل سهم بحد ذاته». ويبين شننأن هناك مجموعة من الاستشارات الفنية المبنية على راي محللين وخبراء فنيين تقدم بشكل يومي أو اسبوعي للمستثمرين «نتواصل مع المستثمرين إما بالبريد الإلكتروني وأحيانا بالهاتف بالاتصال الشخصي بهم أو بالعكس».

ومنذ بداية العام بلغت نسبة التراجع في مؤشر سوق الإمارات المالي 36.69% وبلغ إجمالي قيمة التداول 284.76 مليار درهم، وبلغ عدد الشركات التي حققت ارتفاعاً سعرياً 12 شركة من أصل 99 شركة وبلغ عدد الشركات المتراجعة 79 شركة. وتصدر مؤشر قطاع التأمين المرتبة الأولى مقارنة بالمؤشرات الأخرى محققا نسبة تراجع عن نهاية العام الماضي بلغت 32.78% ليستقر عند المستوى 3.790 الف نقطة. في حين احتل مؤشر البنوك المركز الثاني بنسبة تراجع بلغت 33.04% ليستقر عند المستوى 4.949 ألف نقطة، وتلاه مؤشر قطاع الخدمات بنسبة تراجع بلغت 36.42% ليغلق عند المستوى 3.897 ألف نقطة، وتلاه مؤشر قطاع الصناعات بنسبة تراجع بلغت 52.13% ليغلق عند المستوى 501 نقطة.