«ميريل لينش» يتوقع نزول النفط الخام تدريجياً في العام المقبل

تكهن التقرير أن يكون متوسط الأسعار 65 دولاراً للبرميل

TT

توقع تقرير اقتصادي ان تتراجع اسعار الخام الاميركي في العام المقبل مع تنامي انتاج الدول غير الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط «اوبك».

وقال تقرير اصدره بنك «ميريل لينش» وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه امس انه يتوقع ان تتراجع اسعار النفط الاميركي الخفيف «غرب تكساس الوسيط» في السنة المقبلة باعتدال. وتكهن التقرير ان يكون متوسط الاسعار 65 دولاراً للبرميل في عام 2007، متوقعا ان يبلغ في النصف الثاني من 2006 سعر البرميل 68.25 دولار. واوضح التقرير انه «للوهلة الاولى، يتراءى لنا ان سوق النفط يشبه ما كان عليه في السنة الماضية: اسواق للمنتجات ضيقة وبيئة من الطلب داعمة وفائض متصاعد من الخام».

مع ذلك، كما قال التقرير، هناك بعض التباينات المهمة: تردي درجة الاختناق بالمصافي والمخزون من النفط الخام في بلدان منظمة النمو الاقتصادي الاوروبية هي في مستويات عالية جداً وان الانتاج في الدول غير الاعضاء في اوبك على اهبة ان يرتفع بسرعة كبيرة في الاثني عشر شهراً المقبلة وهكذا، فيما يمكن ان تتدنى اسعار النفط الخام باعتدال، فإن اسعار المنتجات قد تبقى، على الارجح، عالية ويمكن ان تحصل مجدداً بعض الارتفاعات في العام المقبل.

واشار التقرير الى ان الطلب هو المتغير الرئيسي الذي ينبغي ان نراقبه في عالمٍ امداده محصور، فإمدادات المنتجات النفطية هي نصف ثابتة في الامد القصير والمخزونات تؤمن فقط سنداً متواضعاً ضد الخلل بالتوازنات، وبالمحصلة فان التغيرات الطفيفة في الطلب سواء كانت ايجابية او سلبية يمكن ان تكون ذات تأثير كبير جداً على الاسعار. واهم من ذلك، ان مرونة السعر الناجم عن الطلب العالمي للنفط هو متدنٍّ الى حد لا يستهان به من جرّاء الانحرافات التي تحدثها جزئياً الحكومات مثل الضرائب والاعانات وتحديد الاسعار. وفي المتوسط، قدر «ميريل لينش» ان 10 في المائة من الزيادة في اسعار المنتجات النفطية يساهم بتباطؤ في معدل نمو الطلب العالمي على النفط الخام بمعدل 0.5 في المائة.

ومع ذلك فان التقرير يرسم صورة متفائلة لاداء الاقتصاد العالمي حيث يقول ان المؤشرات الاقتصادية والاعمال لا تزال تشير الى مستقبل ايجابي نسبي لكل الاقتصادات الرئيسية حول العالم. فضلا على ان اسعار السلع العالية جداً لم تؤثر حتى الآن، الا قليلاً على النمو العالمي مع ان بعضاً من هذه الارتفاعات الهائلة دخلت اخيراً بمقاييس التضخم. كما ان نقل الثروة المتأتية عن السلع من البلدان المستهلكة الى المنتجة يستمر في تسريع معدلات النمو من روسيا الى اميركا اللاتينية الى افريقيا الى الشرق الاوسط.

وفي ظل النمو الاقتصادي المرتقب والسائر فوق السياق المتصاعد، يرجح التقرير ان يتوسع الانتاج العالمي من النفط بسرعة في الفصول المقبلة. فرغم التدني الملحوظ بمعدلات الانتاج في بحر الشمال والمكسيك، يلاحظ ان مناطق عديدة عبر العالم على استعداد لأن تزيد انتاجها من النفط الخام، بما في ذلك، بلدان الاتحاد السوفياتي السابق وافريقيا وكندا وبعض بلدان اوبك. وفيما يرجح ان تخيّب مشاريع الدول التي هي خارج اوبك الآمال، يتوقع التقرير ان انتاجها يمكن ان ينمو بمعدل 1.5 مليون برميل في اليوم في العام المقبل. الى ذلك، فإن سبعة من اصل عشرة من بلدان اوبك (ما عدا العراق) ستنتج 1.1 مليون برميل من النفط الخام في 2007.

وافاد التقرير انه ليس من المستبعد ان ينمو انتاج البلدان التي هي خارج اوبك قدماً في الثمانية عشر شهراً المقبلة، يساعدها على ذلك حقول جديدة من النفط تنضم الى المجرى الرئيسي. وهناك عدد من المشاريع في خليج المكسيك اضطرت ان تتأخر، متوقعا ان تنتج الدول خارج اوبك 1.5 مليون برميل باليوم خلال الستة اشهر المقبلة وعلى الاخص نتيجة الزيادات المرتقبة من دول الاتحاد السوفياتي السابق وافريقيا وكندا، رغم ان الاغلاق الجزئي الذي حصل لأنابيب «برود باي» قد خلق بعض الشك حول هذا التكهن.

واوضح التقرير انه اذا توغلنا في 2007، نتوقع زيادات في انتاج دول الاتحاد السوفياتي السابق «وعلى الخصوص روسيا واذربيجان وكازاخستان» وفي نفط كندا الثقيل، متوقعا زيادة ضخمة في الانتاج الافريقي بقيادة السودان وانغولا، بينما يمكن ان تضيف البرازيل 300 الف برميل باليوم من انتاج النفط الخام. وعلى وجه الاجمال، يتوقع «ميريل لينش» ان يبلغ انتاج الدول خارج اوبك 1.5 مليون برميل يوميا.

ومن المنتظر ان تساهم اوبك ايضاً في توسيع امكانية انتاج النفط الخام وذلك في تخطيطها لعدد كبير من المشاريع. فالإضافات التي ستحصل على امكانيات الانتاج ستكون موزعة على عدد كبير من اعضاء اوبك ويمكن ان تجعل تأدية اي عمل اكثر صعوبة في مجالي التنسيق والتنفيذ. فنيجيريا والكويت والجزائر وايران والامارات المتحدة وليبيا والسعودية اي سبعة بلدان من اصل عشرة من اعضاء اوبك، يخطط كل منها لزيادة القدرة على الانتاج في السنة المقبلة. ويمكننا ان نقدّر، كما جاء في التقرير، الرقم الاجمالي لنمو قدرة اوبك الانتاجية في عام 2007 بمعدل 1.1 مليون برميل يوميا، ما عدا العراق. ولا بد من الاشارة الى ان الاختلالات الاخيرة في الدلتا النيجيرية من شأنها ان تضيف ضغطاً صعودياً على اسعار نفط الخام الحلو الخفيف.

وبينما تزداد امدادات النفط الخام، فإن الاختناقات في الامدادات التي يواجهها قطاع الطاقة لا سابق لها حيث توقع التقرير في هذا السياق ان لا يكون بقدرة المصافي ان توجه النفط الخام الى مجراه الطبيعي الذي يصب في المنتج، موضحا انه لن يكون هناك في الثمانية عشرة شهراً المقبلة امكانات كافية لتحويل الخامات الثقيلة والمتوسطة الى منتجات خفيفة تصلح وقوداً للنقل، ومقدرا ان امدادات المنتجات النفطية العالمية يمكن ان تنمو الى حد يبلغ 1.4 مليون برميل في اليوم في السنة المقبلة. ويعتقد «ميريل لينش» ان هذه الحالة تفرض ان معدل نمو الطلب «غير المقيّد» على النفط يجب ان يتباطأ لكي يتوازن مع «الامداد المقيّد».

واضاف، ان معادلة امداد المنتجات النفطية المحدودة مقرونة بنمو الطلب القوي يوحي بأن نتؤات في الاسعار قد تتجدد في السنة المقبلة. ويرجح ان يستمر نمو الطلب على الوقود من اجل النقل في وجه امدادات محدودة، متوقعا ان تكون السوق بحاجة الى اسعار بمستوى اعلى للنفط الخفيف من اجل الحد من نمو الطلب على المنتجات النفطية.

ويخلص التقرير الى ان اسعار خام تكساس الوسيط ستتجه باعتدال الى النزول لتصل الى مستوى وسط مقداره 65 دولاراً للبرميل في 2007، نتيجة عدة عوامل اهمها: عودة التردّي في اختناق المصافي العالمي، وثانيا التوسع السريع في انتاج الدول غير المنضوية في اوبك، «3»، فضلا على ارتفاع المخزون العالمي من النفط الخام، اضافة سياسات اوبك التي تزداد تعقيداً.