«ساما» تعلن تراجع معدلات التضخم في السعودية 2.1% وخبراء يطالبون بجهات استشارية محايدة

في ظل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات الحيوية.. وصافي الأصول الأجنبية يصعد 4.4%

TT

طالت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أمس انتقادات واسعة إزاء الإعلان عن تراجع معدلات التضخم إلى 2.1 في المائة حتى يونيو (حزيران) الماضي، إذ لفتت الانتقادات إلى أن المظاهر الاقتصادية القائمة لا تدعم تراجع معدلات التضخم في البلاد لاسيما ما يخص أسعار السلع والخدمات، مشيرين في ذات الوقت إلى ضرورة أن يتضمن الإعلان عن أوضاع الاقتصاد المحلي بتفاصيل أكثر دقة حول آلية معادلات الرياضية للنتائج وكذلك فتح المجال لمصادر إحصائية أخرى بمراقبة الأوضاع الاقتصادية.

جاء ذلك على خلفية ما أعلن أمس من أن مؤسسة النقد العربي السعودي «البنك المركزي» أفصحت عن تراجع التضخم في السعودية إلى 1.2 في المائة في يونيو الماضي، بجانب انخفاض المعروض النقدي 0.3 في المائة في يوليو (تموز) الماضي إلى 4.597 مليار ريال (3.159 مليار دولار)، مشيرة إلى ازدياد صافي الأصول الأجنبية لدى المؤسسة إلى 4.4 في المائة.

وأبانت «ساما» أن مؤشر تكلفة المعيشة سجل باستناد إلى بيانات من 16 مدينة، نحو 3.101 نقطة خلال ذات الفترة، تمثل زيادة قدرها 0.1 في المائة عن مايو (أيار) الماضي، في حين سجل المؤشر 2.101 نقطة وبنسبة 1.2 في المائة عنه قبل عام، مبينة أن المؤشر سجل في مايو 2006 زيادة قدرها 2.2 في المائة عن العام السابق.

من ناحيته، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور أسعد جوهر الخبير الاقتصادي، إن المعلومات الصادرة عن المؤسسة بشأن آخر الإحصائيات المتعلقة بالاقتصاد في البلاد لابد لها من توضيحات وتفاصيل، مشيرا إلى أن بيان تراجع التضخم يحتاج إلى تفاصيل أكثر لاسيما مع وجود بعض المظاهر الاقتصادية التي لا تساعد على تراجع التضخم أو تسهم في تقليص معدلاته.

وطرح جوهر عددا من الأسئلة الموضحة لرؤيته، إذ استفسر عن قطاعات مهمة كالعقار والمساكن والتي تتصاعد أسعارها بشكل دراماتيكي وهي التي تمثل جزءا كبيرا من ميزانية الأسرة السعودية. وتساءل جوهر «كيف يمكن لمؤسسة النقد ربط ارتفاع أسعار المساكن والعقار مع معادلة حساب التضخم التي لا يتم التفصيل فيها عادة». ولفت جوهر إلى أن من بين الأسئلة المطروحة على مؤسسة النقد في معادلة انخفاض معدل التضخم، يكمن في دور ما يشهده الاقتصاد العالمي من ارتفاع فاتورة الطاقة وما تنتج عنه من تضخم سعري للسلع المستوردة، والتي تعتمد عليها السعودية، مبينا بقوله «أين حسبة ارتفاع أسعار الطاقة والمنتجات الحيوية المستوردة من بينها الدواء أو ارتفاع أسعار الصرف ضمن قياس التضخم».

وزاد جوهر أن المراقب للوضع الاقتصادي يمكنه بكل سهولة إدراك أن الأسعار في تصاعد وإيجارات المساكن مرتفعة وكذلك الخدمات الصحية، مؤكدا ضرورة إصدار إعلان شهري يوضح كافة جوانب الاقتصاد ومؤشرات ثقة المستهلك وحجم الإنفاق.

من جهة أخرى، أبان الدكتور عبد الرحمن البراك أستاذ العلوم المالية المساعد في جامعة الملك فيصل في الظهران، أن التراجع الذي أعلن عنه يعد إشارة إيجابية في النظرة الاقتصادية، لكن ما يحصل هو عدم وضوح الانخفاض في التضخم، بل هناك ارتفاع ملموس لأسعار السلع والخدمات، مشيرا إلى أن البيانات يمكن أن تكون قد استندت إلى المؤشرات الاقتصادية مع انطلاقة موسم الصيف والذي يتجه فيه السعوديون إلى خارج البلاد فتقل حركة الطلب والمعروض فتنخفض الأسعار.

وأضاف البراك في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك لا يعني التبرير لمعدل تراجع الانخفاض في ظل الارتفاع السعري الواضح لبعض السلع الاستهلاكية والخدمات الحيوية، داعيا في الوقت ذاته إلى فتح المجال أمام المكاتب الاستشارية والمتخصصة للقيام بذات الدور الذي تقوم به «ساما» لتشكيل منظمات محايدة تعلن عن نتائج أبحاثها الاقتصادية وتقوم بالإعلان الدوري التفصيلي عن النتائج وتكشف عن الأوضاع القائمة بكل دقة.

أمام ذلك نقلت وكالة الأنباء البريطانية «رويترز» عن خان زاهد وهو خبير اقتصادي مقيم في الرياض «هناك انفصام...هذه الأرقام لا تستوعب الكثير من الأشياء لا سيما في الاسمنت ومواد البناء، فالناس حائرة لماذا تكاليف البناء أعلى كثيرا في دبي حيث لها تأثير على (التضخم)». وأفاد زاهد «كانت هناك مخاوف حيال زيادة الرواتب في ديسمبر (كانون الأول) وارتفاع اليورو... مما يزيد تكاليف الواردات من أوروبا»، ومضى يقول «احد العوامل قد يكون أن الحكومة خفضت أسعار البنزين».

وقال خان إن أرقام المعروض النقدي ربما أظهرت تراجعا طفيفا بسبب سحب المصطافين المال خلال فترة الصيف، ومن المحتمل أيضا أن السعوديين يستغلون أسعار الفائدة بوضع المال في حسابات تدر فائدة أعلى.