الاضطراب السياسي يحاصر الشيكل الإسرائيلي في المدى القريب

بعد عبوره الحرب في لبنان بدون أذى

TT

القدس المحتلة ـ رويترز: عبر الشيكل الاسرائيلي دون أذى الحرب التي استمرت أكثر من شهر ضد «حزب الله» اللبناني، لكن عدم الاستقرار السياسي والضغوط لتعزيز الانفاق على الدفاع والبرامج الاجتماعية قد يحولا دون ارتفاع قيمة العملة. وقال مراد اولجن خبير الاقتصاد وأسواق الصرف في أوروبا والشرق الاوسط وأفريقيا لدى بنك اتش.اس.بي.سي «لا اتوقع ارتفاعا كبيرا للشيكل في الوقت الراهن... الاقتصاد الكلي بأسره يفقد قوته». وأضاف «الوضع السياسي ليس قويا كما كان قبل الصراع وهذا يجعل من الصعب مواصلة الاصلاحات المالية». وقبل اندلاع الحرب بين اسرائيل و«حزب الله» في 12 يوليو (تموز) الماضي كان الشيقل يتحرك باتجاه 4.30 للدولار وهو مستوى غير مسبوق منذ مارس (آذار) 2005 بعد موجة صعود من 4.50 شيكل للدولار في يونيو (حزيران) الماضي. وكان ضعف الدولار وسرعة نمو الاقتصاد الاسرائيلية وميزانية منضبطة واستثمارات أجنبية مباشرة مرتفعة دفع الشيقل الى مستوى 4.3780 بحلول 11 يوليو. وكان أفضل العملات أداء في الاسواق الاوروبية الناشئة والشرق الأوسط وأفريقيا في 2006. ثم أسر «حزب الله» جنديين اسرائيليين في غارة عبر الحدود. وتراجع الشيكل أكثر من ثلاثة بالمائة. كان تراجعا قصير الامد. وبنهاية يوليو عاد الشيكل الى مستوى 4.39 مقابل الدولار رغم امطار «حزب الله» البلدات والمدن في شمال اسرائيل بالصواريخ يوميا. لكن بعد صعوده الى 4.3570 شيكل للدولار في 21 أغسطس (اب) الماضي توقفت موجة الصعود لتستقر العملة عند 4.37 في أواخر معاملات أول من أمس الخميس وسط أزمات سياسية خلفتها الحرب لرئيس الوزراء ايهود اولمرت ومخاوف من زيادة الانفاق في الميزانية على الدفاع غالبا لسداد تكاليف الحرب والاستعداد لجولات أخرى في المستقبل.

وخفض الكثير من خبراء الاقتصاد تقديراتهم لنمو الاقتصاد الاسرائيلي في 2006 الى نطاق بين أربعة و4.5 في المائة من أكثر من خمسة بالمائة. ولا يزال المحللون يعتقدون أن الشيقل مقدر بأقل من قيمته مقابل الدولار بما يصل الى 12.5 في المائة وبما بين 20 الى 30 في المائة أمام كل العملات. لكن عوامل أخرى تظهر بوضوح أكبر الآن. ويتوقع اولجن وهو غير واثق من استمرار الاستثمارات الاجنبية المرتفعة أن يسجل الشيكل نحو 4.40 للدولار بنهاية العام و4.60 بنهاية 2007 بفعل انخفاض التوقعات الاقتصادية وتقليص متوقع للميزانية. وقال اولجن «أحد أسباب قوة الشيكل كانت الانضباط المالي».

وتوقع سيرهان سيفيك من مورجان ستانلي مستوى 4.35 شيقل للدولار بنهاية 2006 معربا عن اعتقاده أن الحرب كانت صدمة مؤقتة وأن ميزة الفائدة الاسرائيلية قصيرة الاجل على نظيرتها الاميركية ستعزز العملة. وتعرض اولمرت لانتقادات شديدة بشأن ادارته للحرب وأظهر استطلاع للرأي أن أغلبية الاسرائيليين تريده أن يستقيل. لكن من غير المتوقع أن يسقط في المدى القريب لاسباب منها الافتقار الى بديل ذي مصداقية. وجاءت التكاليف المالية للحرب مرتفعة وأجبرت وزارة المالية على تحويل ملياري شيقل (457 مليون دولار) الى وزارة الدفاع من بنود أخرى في الميزانية حتى لا يجري الاخلال بأهداف السياسة المالية. وحتى يوليو كانت اسرائيل تحقق فائضا كبيرا في الميزانية وكان من المتوقع أن تسجل عجزا طفيفا لعام 2006 كاملا. والان تعتقد الخزانة أن ثمة حاجة الى تعديلات على الميزانية بما يتمشى مع عجز متوقع ان تبلغ نسبته ثلاثة بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي. ورغم التصديق على التمويل الاضافي الا انه اثار انقساما في حزب العمل أكبر شركاء اولمرت في الائتلاف الحاكم مما يشير الى الصعوبات الشديدة التي قد تواجه الموافقة على ميزانية 2007 في وقت لاحق من العام الحالي. وتطلب وزارة الدفاع تمويلا اضافيا بالمليارات في حين يريد بعض المشرعين من حزب العمل أن تفي الحكومة بتعهداتها بانفاق المزيد على الفقراء.

وقال محمد سيمسك المحلل في ميريل لينش في تقرير «من غير الواضح ان كانت الحكومة ستتمكن من الالتزام بالاطار المالي في 2007». مشيرا الى هدف الوصول بعجز الميزانية الى اثنين بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي.

وقال «لدينا قلق من أن تكون ادارة الحرب أضعفت الدعم الشعبي لحكومة اولمرت وهذا قد يقوض قدرة الحكومة على الحفاظ على الانضباط المالي». وقال سيمسك ان الشيكل الذي استقر بين 4.35 الى 4.4050 للدولار في أغسطس يبدو مقيدا في المدى المتوسط مع تحرك نزولي محدود أيضا. لكن مايكل مزراحي مدير قسم تداول الشيكل في بنك ليئومي خالفه الرأي وتوقع صعودا صوب 4.20 للدولار. وقال «الشيكل يتمتع بمرونة عالية. رأس المال لايزال يتدفق. بعض الناس ظنوا أن الاموال ستهرب من اسرائيل أثناء الحرب لكن هذا لم يحدث». ورغم هشاشة الوضع السياسي في اسرائيل قال مزراحي انه لا يتوقع انهيار الحكومة. وأضاف أن ميزانية 2007 ستحظى بالموافقة في نهاية الامر. وقال مزراحي «أثبتنا مرارا أنه كلما كانت هناك طفرة في الدولار فان الشيكل يتعافى... في المدى المتوسط والطويل ما لم تنشب حرب مع سورية أو ايران أو «حزب الله» فان الشيكل سيتعزز».