السعودية تتطلع لاكتشاف احتياطيات بحجم تريليون برميل من النفط على مدى 25 عاما

رئيس شركة «أرامكو»: الاكتشافات ستغطي 140 عاما من الاستهلاك الحالي وتضع العالم امام تحدي جديد

TT

نوه وزير البترول السعودي المهندس ابراهيم النعيمي، بالتزام دول «اوبك» تنفيذ القرار الذي اتخذه المؤتمر الوزاري الأخير بالابقاء على سقف الانتاج، كما هو منوها ان «الامداد موجود اذا ما توفر الطلب».

وكان النعيمي قد تحدث أمس في منتدى «اوبك» في فيينا، عن الخيارات الاستراتيجية التي يواجهها المنتجون في تحديد استثماراتهم البترولية. وقد قدم في كلمته معلومات مفصلة عن برنامج الاستثمار الطموح الذي تضطلع به المملكة للمحافظة على المكانة القيادية التي تتميز بها صناعة البترول السعودية خلال الخمس سنوات القادمة، في حين كشف رئيس ارامكو عبد الله جمعة عن في المنتدى عن احتياطيات ضخمة تحدث عنها بتفاصيل، مؤكدا أن الشركة تضع أمام العالم تحديا يتمثل في اكتشاف احتياطيات جديدة قدرها تريليون برميل على مدى السنوات الخمس والعشرين القادمة».

وأضاف «أود تحفيز خبراء التنقيب لاكتشاف موارد جديدة لنا لإضافة تريليون برميل للاحتياطيات العالمية على مدى السنوات الخمس والعشرين القادمة». وقال «نتطلع لاحتياطي نفطي يمكن استخراجه يزيد عن 4.5 تريليون برميل.. وهذا الرقم يعني امدادات تغطي أكثر من 140 عاما بمعدل الاستهلاك الحالي». ومضى قائلا ان استخراج «كل آخر برميل اقتصادي» يمثل تحديا لكنه ليس مستحيلا. وأضاف «التحدي يتمثل في ترك أقل كميات من النفط في الارض والعثور على كل آخر برميل، وقال إن نجاح صناعة البترول يعتمد على استمرارها في العمل الجاد، وبذل كل جهد لاستثمار وتنمية روح العبقرية وملكات الابتكار الإنساني لدفع العلم والتقنية إلى آفاق جديدة واسعة.

وعبر عبد الله بن صالح جمعة عن ثقته الكبيرة في قدرة الصناعة البترولية على العثور على احتياطيات زيت إضافية هائلة، قابلة للاستخلاص تتراوح بين 3 و4 تريليونات برميل من خلال التطورات التقنية المتواصلة، مضيفاً «عندما يتعلق الأمر بالتقنية، فينبغي ألا نكون قنوعين، حيث ليس بالإمكان حل مشاكل الغد بحلول الأمس».

وأشار جمعة إلى ان التغلب على المصاعب التقنية، أمر ليس بجديد على صناعة الزيت، وهي التي تعودت منذ بداياتها على العمل وسط ظروف صعبة ومعقدة. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، كشف الجمعة عن أن شركة ارامكو تسير بخطوات واسعة حيال إكمال خطة السعودة، التي اكتملت في بعض القطاعات ولم يتبق لها غير قطاعات تلتقط لها الخلاصة من التقنيين والعلماء والخبراء عالميا، مؤكدا انها اصبحت اكبر الشركات العاملة في مجال انتاج الزيت، وان حقولها النفطية من اضخم الحقول الموجودة في العالم، وطرح جمعة أمام الحضور خمسة «أهداف تقنية» وصفها بالحيوية والضرورية، مشيرا إلى أن على صناعة الزيت التغلب عليها للوفاء بمسؤولياتها المستقبلية تجاه العالم حيال توفير امدادات مستقرة وكافية من الطاقة. وأول هذه الأهداف هو مواصلة العثور على حقول زيت جديدة. وفي هذا الصدد استثار عبد الله بن جمعة روح التحدي لدى اخصائيي التنقيب في الصناعة، عندما طالبهم بأن يسعوا لإضافة تريليون برميل من الزيت إلى قاعدة الاحتياطيات العالمية على مدى ربع القرن المقبل.

وأقر عبد الله جمعة بأن هذا الهدف يتسم بالطموح، إلا أنه قابل للتنفيذ، وأعرب عن ثقته في قدرة الصناعة على تحقيقه في ضوء التطورات الهائلة والمتسارعة التي تشهدها الكثير من تقنيات التنقيب، بما فيها القدرات الحسابية الجبارة لأجهزة الكومبيوتر العملاقة التي تساند العديد من أعمال التنقيب والإنتاج. وضرب عبد الله جمعة مثلا بمركز التنقيب وهندسة البترول العائد لأرامكو السعودية، وهو من أكثر المراكز التقنية تطورا، حيث تبلغ الطاقة الحسابية لأجهزة الكومبيوتر فيه 34 تيرافلوب (تريليون عملية حسابية في الثانية)، أي بزيادة قدرها ثلاثمائة ضعف، عما كان يتمتع به ذلك المركز قبل 7 سنوات.

وأضاف عبد الله بن جمعة أن الهدف التقني الثاني، يتمثل في زيادة نسبة معدلات استخلاص الزيت من الحقول الحالية، حيث أن معدلات الاستخلاص من الحقول القائمة تتراوح في حدود 30%، فإذا استطاعت الابتكارات التقنية على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة رفع تلك النسبة بواقع 20%، وهو أمر يعد ممكنًا، فإن ذلك سيؤدي إلى إضافة نحو تريليون برميل أخرى إلى قاعدة احتياطيات الزيت العالمية.

أما الهدف التقني الثالث، الذي يتمثل في خفض تكاليف التنقيب والإنتاج، فسيتمخض عن تحويل مناطق الإنتاج المحتملة التي لم تكن مجدية من الناحية الاقتصادية فيما سبق إلى فرص استثمارية مجدية. وفي هذا المجال أشار عبد الله بن جمعة إلى أن التنقيب والإنتاج في المياه العميقة جدا، ودرجات الحرارة بالغة الانخفاض، إلى جانب تطبيقات الاستخلاص المحسن للزيت، كل ذلك أصبح مجديًا اليوم في ظل الأسعار الحالية، مما يزيد من احتمالات تحقيق إنجازات مستقبلية متميزة.

وذكر عبد لله بن جمعة أن الهدف الرابع يتمثل في تطوير ما يعرف بموارد «الزيت غير التقليدي»، والتي يمكن تقسيمها إلى فئتين: تضم الأولى الزيت الثقيل جدًا ورمال القار والبيتومين والتي تمثل موارد بترولية هائلة تضم حسب التقديرات نحو 4.7 تريليون برميل من الزيت، بينما تمثل الفئة الثانية الصخر الزيتي، الذي يسمى السجيل، وهو مورد ينطوي على تحدٍ أكبر، وفي الوقت نفسه يمثل فرصة ضخمة لإضافة ما يزيد على 2.5 تريليون برميل من الزيت.

أما الهدف التقني الخامس والأخير الذي ذكره عبد الله بن جمعة، فهو مرتبط بجميع الأهداف التقنية الأربعة الأخرى، ويتمثل في تخفيف الآثار البيئية لأنشطة صناعة الزيت ومنتجاتها. وفي هذا المقام أشار عبد الله بن جمعة إلى أن التقنية إذا لم تهتم بالجانب البيئي قدر اهتمامها بالتغلب على تحديات التنقيب والإنتاج، فربما لا تجد صناعة الزيت مواقع كثيرة مفتوحة أمامها للتنقيب فيها. وبعبارة أخرى، فإن المسح السيزمي المتطور ثلاثي الأبعاد والمحاكاة بالغة التفصيل للمكامن والآبار التي تحقق أقصى درجة من التماس مع المكمن، كل هذه الأمور لا تعني شيئًا إذا لم تتوفر لدينا القدرة على الوصول إلى الحقول لاستغلالها وتطويرها. وللتعبير عن التوجهات الجديدة، أشار عبد الله بن جمعة إلى ضرورة اضطلاع شركات البترول الوطنية بنصيب أكبر في ميدان البحوث والتطوير التقني أسوة بشركات البترول العالمية. وبعد تقديمه الكلمة وانتهاء الجلسة، تفاعل عدد كبير من الحضور والإعلاميين مع مضمون الأفكار التي ناقشها عبد الله بن جمعة بالأسئلة، فيما يشبه المؤتمر الصحافي. وقد أشار ماي ديلي نائب الرئيس للتنقيب في شركة بي.بي إلى أن كلمة عبد الله بن جمعة كانت مثيرة ومحفزة للغاية، في حين أعرب كل من نظمي النصر نائب الرئيس للخدمات الهندسية في أرامكو السعودية، والدكتور محمد القحطاني مدير وصف ومحاكاة المكامن في الشركة، أن الكلمة تميزت بتضمنها أجندة عملية طموحة ينبغي العمل على تفعيلها لخير البشرية. من جانب آخر، أعطى مدير صندوق «اوبك» للتنمية الدولية سليمان الحربش، شرحا وافيا للدور الذي يقدمه الصندوق الذي تموله دول «أوبك» في ظل التعاون بين دول الجنوب في مجال التنمية المستدامة التي أكد على ضرورة ان تهتم بكل النواحي وان تأخذ كل الابعاد للنهوض بالدول التي تنعدم فيها اهم المقومات الاساسية للحياة، منبها ان كثير من التجمعات الدولية عند انعقادها غالبا ما تركز على أجندة الدول الصناعية كالتغيير المناخى وتأمين.