أسهم النسب المسمومة تتربص بمستقبل سوق المال السعودية مجددا

تدهور أوضاع المضاربين والقيمة السوقية تتراجع 14.4 مليار دولار =-

TT

تربصت أسهم النسب المسمومة في مستقبل سوق الأسهم السعودية مجددا، فيما قاد ضعف الوعي الاستثماري إلى تفاقم الأوضاع أثناء التداولات التي انتهت على تراجع حاد أمس، خسرت بنهايته الأسهم 54 مليارا و40 مليون ريال (14.4 مليار دولار) من قيمتها السوقية.

وبدأ التراجع أولا في أسهم المضاربة التي تدهورت أوضاع ملاكها خلال ساعة واحدة من بدء جلسة الصباح، فيما فشلت محاولات تعزيز الأسهم الرابضة عند أدنى قيمة يسمح بها نظام التداول في اليوم الواحد.

وخسر المؤشر العام بنهاية تداولات الأمس، 3.33 في المائة بما يعادل386.61 نقطة نزولا إلى مستوى 11240.53 نقطة، إثر تداول 359.5 مليون سهم، بقيمة 31.7 مليار ريال (8.46 مليار دولار) نتيجة تنفيذ 609 آلاف صفقة انتهت إلى تراجع كافة الأسهم المتداولة باستثناء أسهم ثلاث شركات فقط.

وعلى الرغم من حدة التراجع الذي طرأ على الأسعار والمؤشر العام، إلا أنه لا يعني نهاية المطاف بالنسبة للسوق التي لا تزال واعدة، غير أنه من المهم خلال التداولات المقبلة، التركيز جيدا على معطيات التحليل الفني أكثر من أي نوع آخر من التحليلات الاقتصادية المتعارف عليها.

وكشف التراجع الحاد أيضا أهمية احترام نقاط الدعم والمقاومة سواء اليومية أو الأسبوعية، على اعتبار أن التراجع كان واضحا بمجرد توقف المؤشر مرتين عند قمة واحدة.

وجاء ضمن أهم أسباب التراجع الذي تعرضت له السوق، ضحالة الثقافة الاقتصادية لدى بعض المتعاملين في السوق، ولدى بعض قادة الرأي الاقتصادي في السعودية، وهو ما يظهر عادة عند مرور السوق بمنعطفات مهمة.

ومن الأخطاء التي تداولها المستثمرون في سوق الأسهم أخبار مغلوطة عن موعد طرح سهم إعمار المدينة الاقتصادية، عبر أكثر من وسيلة يدل على عدم دقة المعلومات المتداولة. الأمر الذي ساعد في نهاية الأمر على تفاقم أوضاع سوق المال في بداية التعاملات أمس.

والمعروف أن طرح سهم إعمار مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، لن يتم قبل احتفال الشعب السعودي بمناسبة اليوم الوطني الذي يصادف السبت بعد المقبل، وهو اليوم الذي تقرر أن يكون عطلة في البورصة، مما يعني أن التداولات لن تتم خلال الاحتفال بذكرى بناء الدولة السعودية الثالثة.

وكان محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة إعمار، أكد في تصريحات صريحة وواضحة أمام الصحافيين أمس الاول، أن الإدراج لن يتم على الأرجح قبل مرور أسبوعين من تاريخ انعقاد الجمعية العامة التي تمت قبيل ظهور لوسائل الإعلام بدقائق. حيث يحتاج الأمر إلى رفع نتائج الجمعية التأسيسية للشركة إلى وزارة التجارة والصناعة ليصدر قرار وزاري بتأسيس الشركة، ومن ثم يحال إلى هيئة السوق المالية التي بدورها تحدد موعد التداول. وعادة تعطي الهيئة السوق متسعا من الوقت لاستيعاب التداول، إذ تحدد مواعيد التداول بعد أيام من إعلانها، وهذا يرجح أن يكون موعد التداول بعد أسبوعين من الآن.

في هذه الأثناء، أوضح لـ«الشرق الأوسط» بندر الماضي، وهو محلل فني ومراقب لتعاملات سوق الأسهم السعودية، أن التراجع الذي طرأ على السوق يعتبر تراجعا فنيا.

وذهب إلى أن الدليل على أن التراجع كان تراجعا فنيا بحتا، احترام قوى السوق لنقطة الدعم القوية عند مستوى 11111 نقطة، وهي النقطة التي ارتد المؤشر العام منها قبيل الإغلاق إلى مستوى 11240 نقطة.

من جانبه، قال لـ«الشرق الأوسط» عبد الرحمن السماري، وهو متخصص في تحليل أسواق المال العالمية والمحلية أمس، إن التراجع الذي طرأ على السوق كان متوقعا، على اعتبار أن الفترة الحالية تعتبر فترة جني أرباح موسمية.

وشدد على أن المؤشر العام فشل في تجاوز مقاومة مهمة عند مستوى 11700 نقطة أكثر من مرة خلال الأسبوع المنتهية أعماله أمس، الأمر الذي قاد إلى تداعي أسعار أسهم العوائد والمضاربة على السواء، أثناء تداولات أولى جلسات آخر أيام الأسبوع.

وفي المقابل أوضح لـ «الشرق الأوسط» سعود المالك، وهو خبير في تحليل تعاملات سوق الأسهم السعودية، أن وضع السوق لا يزال مطمئنا على الرغم من حادثة أمس.

وذهب إلى أن أسهم العوائد والأسهم الصناعية المتوسطة، لا تزال قادرة على العطاء، مشيرا إلى أنه لا يزال يرى إمكانية بلوغ المؤشر العام مستوى 15 ألف نقطة بنهاية العام الحالي.

وهنا عاد السماري، ليقول إن أسهم النسب المسمومة من شأنها الإضرار بسوق المال مجددا، خاصة أنها كانت واحدة ضمن أسباب المبالغة في الأسعار التي سبقت انهيار فبراير (شباط) الماضي.

وشدد على أن المضارب الحصيف لا ينتظر المفاجآت؛ في إشارة منه إلى أن التراجع القوي الذي تعرضت له السوق أمس، جاء بعد إرهاصات واضحة. وقال «كانت السوق بشكل عام تنتظر هذا الحدث من قبل».

والتقط الماضي أطراف الحديث مجددا، بقوله «إن تصريف الأسهم التي بالغت في الارتفاع، بدأ منذ الاثنين الماضي لتفريغ حمولات ثقيلة». وتوقع أن يعمد صناع المضاربة على الأسهم إلى تعديل مراكزهم، والبدء مجددا في أسهم جديدة غير تلك التي صعدت بقوة خلال الفترة الماضية.

واستبعد بندر الماضي تعرض السوق لحادثة انهيار جديدة، مشيرا إلى أن الأسهم القيادية لا تزال واعدة بعطاء جيد خلال الفترة القريبة المقبلة، وهو ما يعني استبعاد فرضية الهبوط إلى قيعان لم يتم تسجيلها خلال تعاملات العام الجاري.