خبير: مستقبل أسواق المال الخليجية يحول عملية التخمين إلى تنجيم

في ظل توقعات يسودها الغموض والضبابية الكثيفة

TT

وصف خبير مالي امس مستقبل اسواق المال الخليجية بأنه ضبابي وغامض على الرغم من عودة معظم الأسواق إلى حالة من الانتعاش النسبي أخيرا.

وقال هاني سري رئيس مجلس إدارة هيئة سوق الأوراق المالية المصرية إن مستقبل الاسواق الخليجية هو من الغموض ومن الضبابية الكثيفة مما يجعل عملية التخمين تتحول إلى تنجيم واضح. وعانت اسواق المنطقة من عمليات تصحيح عنيفة مطلع العام الحالي بعد الارقام القياسية التي سجلتها تلك الاسواق في السنوات الخمس الماضية، وذلك لتخفيف الضغط عنها.

وخسرت الاسواق الخمس الرئيسية في المنطقة في الاشهر الاربع الاولى من العام الحالي ما يزيد على 200 مليار دولار من قيمتها السوقية وانخفضت مؤشراتها الي ما دون اغلاقها نهاية 2005. وقال سري «قد يكون القادم أسوأ إذا ما اعتبرنا ما حدث ويحدث باستمرار انهيار لسوق الأسهم لأن الانهيار يعني سنوات من إعادة الترميم وسنوات من السياسات وبناء سوق جديد، كذلك سنوات من تأهيل الكفاءات القادرة على إدارة السوق إذا كانت الكفاءات السابقة فشلت في قيادة السوق». وأضاف «أما إذا ما اتفقنا على أن ما حدث هو تصحيح أو تصحيح قوي جداً، فإن أمامنا فرصة أخاف كثيرا أن تضيع كما ضاعت فرص غيرها إذا لم يتم استغلالها لتطوير السوق». واعتبر سري الذي كان يتحدث في مؤتمر بدبي حول اسواق المال الخليجية ان فترة التصحيح هي الفترة المناسبة لذلك التنظيم الذي تحتاج إليه السوق. وتساءل قائلا «ولكن قبل هذا وذاك علينا أن نتفق على تشخيص ما حدث منذ 26 فبراير (شباط) وهل هو تصحيح، تصحيح قوي جداُ، أم انهيار».

واشار الى ان دور الجهات المنظمة لسوق الأوراق المالية في الحكومات الخليجية يبقى مهماً لمنع وقوع الانهيار، وذلك بتنفيذ برامج الإصلاحات الاقتصادية لبنود الأجندة الاقتصادية والتنموية وتطبيق المعايير المنظمة للبورصات الدولية في البورصة بمثل ما انتهت إليه تقارير صندوق النقد الدولي.

وعبر سري عن خشيته من ان يظل التخوف قائماً حيث لا زالت آليات العمل الإصلاحي بطيئة بسبب تواضع الجهود المبذولة واختراقها بمعوقات وعقبات سياسية وآيديولوجية دائمة التكرار.

وذكر ان الخلل في الهيكلة الاقتصادية لا يزال قائماً والهوة تتسع بعداً بين جهود الإصلاح ونتائجها، فهنالك تباين بين الفرضية والنتائج وعدم موضوعية العلاقة السببية بينهما كما هي في التشخيص والعلاج أيضاً.

وقال «كلما تأخرت دول الخليج في العملية الإصلاحية وتطبيق المعايير الدولية وتوصيات صندوق النقد الدولي وتأخرت في وضع آليات التنفيذ لها، كان الوضع محرجاً وضاعت فرص الإصلاح وتطلب الأمر جهوداً أكبر وثمناً باهظاً أكثر».

واشار سري الى ان تضارب وتعدد التحليلات المالية التي تفسر ظاهرة التراجع المفاجئ الذي شهدته سوق الأسهم الخليجية يعيق مسألة التوقع بحالة السوق المستقبلية.

وأرجعت بعض التحليلات الهبوط الدراماتيكي لسوق الأسهم الخليجية وفقا لسري إلى عدة أسباب لعل من أهمها تأخر إقامة سوق للأوراق المالية وعدم اكتمال البنية الهيكلية والتنظيمية لهذه السوق من بورصات وشركات وساطة وصناع قرار للسوق، وافتقار التحليل الفني الذي يعتد عليه غالبية المحللين الماليين للرؤى المستقبلية والتركيز فقط على نتائج الحدث الفعلي وإغفال مثل هذه التحليلات الفنية عددا من العوامل الاقتصادية كالناتج المحلي الإجمالي أو الدين العام أو معدل البطالة أو التضخم، هذا إلى جانب عدم تحقيق الشفافية في هذا القطاع والمتمثلة في عدم ربط السوق بالقوائم المالية للشركات فيما يخص الموازنات المالية والمديونيات ومكرر الربحية بما يجعل المتعاملين والمستثمرين على دراية كاملة بطبيعة الأسهم التي يرغبون في التعامل عليها. واشار ايضا الى عدم وجود توافق بين مؤسسة النقد والبنوك التي تدفع نحو المضاربة وتحفز المستثمرين عليها من خلال إعطائهم التسهيلات المالية للدخول في السوق بما يدفع نحو المزيد من أنشطة المضاربة على أسهم ليس لها قيمة سعرية حقيقية، إلى جانب صغر حجم الأسهم المتداولة في السوق مقارنة بحجم السيولة الكبيرة التي وفرتها العائدات النفطية المالية من ناحية والأموال العائدة من الخارج بعد أحداث 11 سبتمبر لتستمر في أوطانها من ناحية أخرى. وأشار الدكتور سري الى أن البعض لا يزال متفائلا ويتوقع أن مرحلة انهيار السوق لا تزال بعيدة جدا على ضوء المستويات العالية التي حققتها السوق وإن كان الهبوط سيستمر ولكن بمعدل أقل من المعدلات الحالية ولن يتحقق الهدوء والاستقرار في السوق إلا بعد القضاء على مصادر الشائعات وإعلان مبدأ الشفافية في الأداء وتحديد أدوار كل من المستثمرين والبنوك وشركات الاستثمار وتوقف البنوك عن دعم عمليات مضاربة جديدة على أسهم ليس لها قيمة.