البنك الدولي: إصلاح نظام الإدارة العامة قد يحقق عائدات إنمائية هائلة

يلعب دورا بالغ الأهمية في تحسين المستويات المعيشية

TT

اظهر تقرير جديد للبنك الدولي امس انه يمكن للبلدان التي تقوم باصلاح نظام الإدارة العامة، أن تتوقع تحقيق عائدات إنمائية هائلة، حيث يؤدي التحسّن الذي يطرأ على نظام الإدارة العامة إلى رفع مستوى دخل الفرد بواقع ثلاثة أمثال على الأمد الطويل. وقال التقرير الذي صدر بعنوان «قضايا نظام الإدارة العامة، 2006: مؤشرات عالمية لنظام الإدارة العامة» إنه بالإمكان قياس أبعاد نظام الإدارة العامة، وإن ضعف نظام الإدارة العامة ليس تحدياً مقصوراً على بلدان العالم النامية، وإن البلدان التي تسير في درب الإصلاح يمكنها إجراء تحسينات كبيرة في مجالي نظام الإدارة العامة وكبح الفساد في فترات زمنية قصيرة نسبياً تقل عن عشر سنوات.

ودحض هذا التقرير على سبيل المثال، آراء «المتشائمين بشأن أفريقيا»، موضحاً أن بلداناً تسير على درب الإصلاح كتنزانيا وغانا وبتسوانا ونيجيريا وموزامبيق والسنغال قد حققت تقدماً في واحد أو أكثر من أبعاد نظام الإدارة العامة على مدى السنوات العشر الأخيرة. وتوضح المؤشرات أيضاً أن أكثر من اثني عشر بلداً من غير البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي «OECD»، منها على سبيل المثال سلوفينيا وشيلي وبوتسوانا وإستونيا، تحقق حالياً درجات تقييمية أعلى في مجالي سيادة القانون ومكافحة الفساد مقارنة ببعض البلدان الصناعية كاليونان وإيطاليا. كما تبدي بعض الاقتصادات الناشئة مثل هذا النوع من التحسّن في أبعاد أخرى لنظام الإدارة العامة. وتشمل البلدان التي أجرت إصلاحات قوية على مدى السنوات العشر الأخيرة بلداناً متنوعة مثل بيرو وغانا وتنزانيا والمكسيك والبوسنة وصربيا وكرواتيا، حيث شهدت تحسينات قوية في مجال إبداء الرأي والمساءلة؛ وبلداناً كبلغاريا والجمهورية السلوفاكية ورومانيا في مجال الفعالية الحكومية؛ وبلداناً كأرمينيا وهنغاريا والجمهورية السلوفاكية ولتوانيا في مجال الجودة النوعية للأطر التنظيمية؛ بالإضافة إلى بلدان كجورجيا ولاتفيا وكوريا الجنوبية في مجال مكافحة الفساد. وقال دانيال كاوفمان المدير المسؤول عن نظام الإدارة العامة في معهد البنك الدولي وأحد مؤلفي هذا التقرير، «ثمة إدراك واسع لدى دعاة الإصلاح الحكوميين والمواطنين ومؤسسات الأعمال المحلية والجهات المقدمة للمعونات والمستثمرين الأجانب في جميع أنحاء العالم بأن لحُسن نظام الإدارة العامة دوراً بالغ الأهمية في تحسين المستويات المعيشية، حيث تقوم حكومات عددٍ من البلدان حالياً بتطبيق إصلاحات في مجال الشفافية، كالإصلاحات المتعلقة بنظام التوريدات «المشتريات» والإفصاح عن الممتلكات، والإدارة المالية، في حين تقوم حكومات أخرى بإتاحة قدرٍ أكبر من حرية التعبير عن الآراء لمواطنيها ووسائل إعلامها، ويمكن ترجمة تلك الإصلاحات إلى تحسّن في التقديرات الترتيبية لنظام الإدارة العامة، وفعالية المعونات، والتخفيف من حدة الفقر».

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المؤشرات الخاصة بأكثر من 200 بلدٍ تستند إلى مئات من المتغيرات وإلى مجموعة مُصنفة تضم أكثر من 120 ألف استجابة لمواطنين وخبراء ومؤسسات أعمال من جميع أنحاء العالم، تم استخلاصها من 30 مصدراً أساسياً. ويمثل الإصدار الحالي لهذه المؤشرات ومصادر بياناتها أكبر مورد للبيانات المتاحة للجمهور بشأن نظام الإدارة العامة على مستوى العالم. وتساعد تلك المقاييس التجريبية المستندة إلى الشواهد والأدلة الأطراف المؤثرة المعنية بعملية التنمية على تتبع الجودة النوعية للمؤسسات، ومساندة بناء القدرات، وتحسين نظام الإدارة العامة، والتصدي للفساد، علماً بأن المؤشرات العالمية لنظام الإدارة العامة تقوم بقياس المكونات الستة التالية لحُسن نظام الإدارة العامة هي كتالي: إبداء الرأي والمساءلة، الاستقرار السياسي وانعدام العنف، الفعالية.

وقال التقرير إن الاتجاهات العالمية في مجال نظام الإدارة العامة مثيرة للقلق، فمتوسط نوعية نظام الإدارة العامة على مستوى العالم لم يشهد تحسّناً كبيراً. وبالرغم من التحسينات التي طرأت في عددٍ من البلدان، فإن هناك عدداً مماثلاً من البلدان قد شهد تدهوراً، وعدداً كبيراً آخر لم يظهر فيها بعد أي تغيّر ملموس. من جهة أخرى، قال آرت كراي، وهو خبير اقتصادي أول في مجموعة البحوث التابعة للبنك الدولي، والمؤلف المشارك مع كوفمان في وضع هذا التقرير، «إن قياس نظام الإدارة العامة مسألة عسيرة، ولا يوجد مؤشر واحد يمكن الاعتماد عليه بنسبة 100 في المائة من حيث إعطاء معلومات دقيقة تماما.

، وتتمثل إحدى السمات الأساسية لنظام الإدارة العامة لدينا في أننا نبذل قصارى جهدنا كي نتحلى بالشفافية بشأن درجة عدم الدقة، التي توجد في جميع المقاييس الأخرى لنظام الإدارة العامة، والتي نادراً ما نقر بوجودها. وحيث إننا نقوم بتجميع المعلومات من مصادر مختلفة وكثيرة للبيانات، فإن مؤشراتنا أكثر إفصاحاً من مصادر البيانات المنفردة».

وأكد كوفمان أن ثمة حاجةً ملحّةً لقيام الوكالات المانحة وقيادات البلدان المعنية، والمجتمع المدني والقطاع الخاص بتنسيق ما يتم بذله من جهود، وذلك لمساعدة البلدان المعنية في تحسين نظام إدارتها العامة في المستقبل، «إننا في حاجة إلى أن نتعلم من نواحي النجاح والفشل، وأن نتخلى عن المبادرات التي ثبت فشلها، وينبغي علينا أن نساند الحكومات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي تضع الإصلاح نصب أعينها، والتي تحاول جاهدةً زيادة الشفافية والمساءلة في دولها».