تقرير لـ«ميريل لينش»: التباطؤ في الولايات المتحدة لن يؤثر كثيراً على الاقتصاد العالمي

ثمة مصادر للنمو خارج أميركا

TT

قال تقرير للجنة الابحاث الاستثمارية في بنك «ميريل لينش» تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، ان تباطؤاً حاداً بالاقتصاد الاميركي عام 2007، قد لا يجرّ معه الاقتصاد العالمي الى الانخفاض. والخبر السار، حسب التقرير، هو ان ثمة مصادر للنمو خارج الولايات المتحدة لا تتأثر بتباطؤ اميركي يقوده الاستهلاك.

ويتوقع الخبراء الاقتصاديون بشركة ميريل لينش، ان ينخفض الناتج المحلي الاجمالي في الولايات المتحدة الى 1.9 في المائة في 2007 من 3.4 في المائة في 2006، وان يتدنى معدل النمو خارج الولايات المتحدة فقط نصف في المائة (5.2 مقابل 5.7 في المائة). ويكمن وراء فك الارتباط هذا ارتفاع بالطلب من قبل البلدان الواقعة خارج الولايات المتحدة وتحسّن في التجارة البينية في المناطق وسياسات اقتصادية شاملة في عدد من اقتصادات العالم. ورغم ان بعض البلدان تبدو سريعة التأثر بالتباطؤ الاميركي، هناك في الواقع بلد واحد من اصل كل خمسة يسير نحو نمو أسرع في الناتج المحلي الاجمالي عام 2007.

وتبدو آسيا واليابان والهند، حسب التقرير، في وضع جيد لفكّ الارتباط بالولايات المتحدة، مع انه يرجح ان تتأثر هونغ كونغ وسنغافورة. وقد تشعر بعض البلدان الاوربية باللطمة، لكن الطلب الداخلي المتصاعد داخل تلك البلدان من شأنه ان يساعد الاقليم على اتقاء العاصفة، افضل بكثير من فترات الركود السابقة في الولايات المتحدة. في الاميركتين يرجح ان تتأثر كندا. لكن البرازيل هي في وضع يجعلها عصيّة على التأثر بتباطؤ يقوده الاستهلاك.

ويرى التقرير ان التصحيح الذي طالما ناقشه المحللون في سوق السكن، والذي أصاب مؤخراً الاقتصاد في الولايات المتحدة قد يجرها الى حافة الركود في اوائل 2007. ويتوقع ميريل لينش تدنياً دفعة واحدة قد يصل الى 5 في المائة في العام القادم، ويرى ان التدني في اسعار المساكن مقروناً بالتباطؤ في نمو المخزون منها، يُتوقع ان يخفّض من مجموع قيمة المساكن بأكثر من تريليون دولار اميركي في 2007. وهذا بدوره يعني ان المستهلكين في الولايات المتحدة سينفقون 1 في المائة اقل من المعتاد في الجزء الاكبر من السنة القادمة.

في المقابل يرى خبراء ميريل لينش أن اليابان تبدو اكثر قدرة على الصمود بوجه التباطؤ في الولايات المتحدة اكثر من اي بلد آخر. فللمرة الاولى، منذ عقد من الزمن، يبدو جهاز هذا البلد المالي يطفح بالاموال، والبنوك ترغب بقوة ان تسلّف الى الشركات والعائلات. كما ان اسواق التصدير اليابانية هي اقلّ اعتماداً، الى حد بعيد، على الولايات المتحدة، مما كانت عليه في التسعينات، وراح 78 في المائة من بضائعها وخدماتها تتوجه الى الصين وباقي آسيا. اما باقي آسيا، فيرى التقرير أنها مرتبطة بإحكام اكبر بأحوال الاقتصاد الاميركي. فتايوان، والى درجة اقل، هونغ كونغ وسنغافورة، قد تجد من الصعب التخلص من تداعيات التباطؤ في الولايات المتحدة.. وحتى الصين، حيث الصادرات الاميركية تبلغ 8 في المائة من اجمالي الناتج المحلي، قد تكون سهلة الانعطاف اذا اعتمد زعماؤها سياسة متجاوبة اندفاعية.

من جهة أخرى يرى تقرير ميريل لينش، انه رغم التلازم التاريخي بين الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، فلدى الأخيرة حظ كبير في اجتناب التداعيات الناجمة عن التباطؤ في الولايات المتحدة. اولاً، لأن نمو الناتج المحلي الاجمالي، ولو متواضعاً، يسيّره طلب داخلي اكثر قوة، لا الصادرات، ثم ان نصف كل الصادرات هي بضائع انتاجية، يمكنها ان تصمد بقوة اكثر من البضائع الاستهلاكية. ويتوقع التقرير ان يتباطأ الناتج المحلي الاجمالي في منطقة اليورو من 2.6 في المائة الى 2.1 في المائة خلال 2007.

من ناحية أخرى يرى خبراء ميريل لينش ان نمواً اكثر تباطؤاً في الولايات المتحدة قد يؤثر في الاسواق الناشئة؛ بطريقة مباشرة من خلال طلب متدنٍّ لمنتجات البلدان الناشئة. ويرى التقرير ان اميركا اللاتينية، هي في وضع افضل مما كانت عليه خلال الانخفاضات السابقة بفضل تنويع اشمل في التجارة واستعمال اوسع لأسعار العملات في نظام القطع المرن. فالمكسيك وبلدان اميركا الوسطى هي الاكثر حساسية بالنسبة لتباطؤ يحدث في الولايات المتحدة. وفي حال تدني اسعار السلع، قد تتضرر فنزويلا والتشيلي والاكوادور. وتتمتع البرازيل بحظ اكبر في فك الارتباط بالولايات المتحدة من جراء الاعتماد الخفيف على التصدير والفائض الحالي في الحساب الجاري. اما في نطاق الاقتصادات الناشئة في اوروبا، فإن الاثر سيكون كثير التنوع، لأنه ضمن البلدان الكبرى، فان تركيا هي اكثر تعرضاً لانكماش بالسيولة ولتباطؤ في الولايات المتحدة وارتفاع بمعدلات الفائدة، بينما وضع روسيا، على العموم، جيد.

على صعيد متصل يتوقع خبراء الاقتصاد في ميريل لينش افتراقاً في معدلات الفائدة بين البلدان التي ستستمر في تطبيع سياستها النقدية، وبين تلك التي يرجّح ان تعكس الاتجاه الناجم عن التباطؤ الاقتصادي. فمن المرتقب، ان اليابان واكثر البلدان الاوروبية والاسيوية، ستستمر في رفع اسعار الفائدة. ومن المتوقع ان تبقي استراليا وكندا والمملكة المتحدة معدلات الفائدة على حالها. وعلى العكس من ذلك، يتوقع خبراء ميريل لينش ان يخفض الاحتياطي الاتحادي الأميركي اسعار الفائدة 125 نقطة اساس في 2007.

وعلى مستوى أداء العملات يتوقع خبراء ميريل لينش انزلاقاً للدولار ازاء الين الياباني وارتفاعاً ازاء الدولار الاسترالي والليرة التركية.