رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية: استثمارات سعودية وإماراتية ضخمة في الطريق إلى مصر

زياد بهاء الدين لـ الشرق الاوسط: شيء من الصحة في تقرير البنك الدولي عن مناخ ممارسة الأعمال وسنسعى لمعالجته

TT

أكد الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الهيئة العامة للاستثمار أن الجهود ستستمر لجذب الاستثمارات العربية الى مصر وعدم الاكتفاء بما تحقق، مشيرا الى أن استثمارات ضخمة بأموال سعودية واماراتية ستقام في الفترة المقبلة منوها بصفة خاصة الى ما تعتزم مجموعتا الراجحي والشربتلى القيام به في توشكى والصعيد.

وقال الدكتور زياد في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الهيئة مع جهات عديدة لديها اصرار على اقتحام المشاكل التي ما زالت تحول دون حصول مصر على النصيب الذي تستحقه من الاستثمار الأجنبى المباشر، مثل تسوية منازعات الاستثمار والتسجيل العقاري والتراخيص المختلفة، ونفي المسؤول الأول عن الترويج للاستثمار وجود أية حساسيات تجاه التقارير الدولية التي تنتقد مناخ الاستثمار في البلاد، مؤكدا أنه على الرغم من عدم دقة بعض التقديرات والدراسات الواردة بتلك التقارير فان ملاحظات البنك الدولي على بيئة الأعمال ستشكل جانبا مهما من أجندة الإصلاح في المستقبل.

وكشف بهاء الدين أن استخراج البطاقة الضريبية للمستثمرين سيتم خلال 3 أيام بعد أن كان يستغرق 18 يوما، ودعا إلى الاستفادة من تجارب المناطق الصناعية في الصين، كما أوضح أن مجال النقل البحري سيصبح من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمار في الفترة المقبلة ليس فحسب بسبب موقع مصر وتزايد التجارة بين أوروبا والصين (آسيا)، ولكن أيضا بسبب الإصلاح القانوني والمؤسسي الذي يتم لتفعيل جاذبية هذا القطاع. وفي ما يلى نص الحوار > قمتم بجولتين للترويج للاستثمار في منطقة الخليج شملت السعودية والإمارات والكويت وقطر. هل هناك جولات أخرى قادمة وما مردود الزيارات استثماريا؟ ـ هناك حالة من التواصل الجيد مع المستثمرين العرب وقد شهدت الفترة الماضية زيارات لكثيرين من كبار المستثمرين العرب لمصر وبعد أن أصبح التواصل منهجيا قلت الحاجة الى القيام من جانبي بجولات أخرى، وأود أن أشير إلى أن معظم المستثمرين العرب لا يرغبون في الظهور الإعلامي ونحن نحترم ذلك لكن يمكن القول إن استثمارات عربية ضخمة في الطريق للمجيء وبالذات من السعودية والإمارات، وكمثال فان مجموعة الراجحي أبدت اهتماما قويا بالاستثمار في توشكى ونحن نحتاج لخبرتها في مجال إنتاج وتوزيع المواد الغذائية، وتدرس ايضا مجموعة الشربتلي الاستثمار في المجال السياحي وفي قطاع التوزيع وسوف نقوم معا بجولة في صعيد مصر الشهر القادم للتعرف على المشروعات المتاحة للاستثمار والمناسبة لهم هناك، كما تجري حاليا مفاوضات بين وزارة السياحة ومجموعة اماراتية لاقامة مشروع سياحي وتنموي عمراني ضخم في منطقة راس الحكمة. > بمناسبة الاستثمارات الإماراتية لاحظنا تدفقا هائلا لها، فهل مرد ذلك إلى الصدفة أم جهود الترويج أم ماذا؟ ـ بالتأكيد فان الترويج كان أحد العناصر التي قادت الى ذلك ولكن هناك عناصر أخرى كالمناخ الاقتصادي العام واستقرار سعر الصرف والإصلاح الضريبي والجمركي وفتح آفاق للفرص الاستثمارية في قطاعات جديدة وتسهيل المعاملات، وهناك عوامل من الطرف الآخر منها الفوائض البترولية والنمو القوى للشركات الإماراتية في بلادها وغير ذلك.

> هناك مرواحة بين الزهو الشديد بما تحقق على صعيد جذب الاستثمار الأجنبي المباشر والقول بأن الطريق أمام مصر لا يزال طويلا.. أين يكمن الموقف السليم؟

ـ الزيادة التي تحققت في صافي الاستثمار الاجنبي في العامين الماضيين طيبة فقد زاد الرقم من 408 ملايين دولار في 2004 الى 1.3 مليار دولار في 2005 ثم قفز الى 4.3 مليار دولار في 2006 (مع استبعاد قطاع البترول) وقد منحنا ذلك دفعة جيدة وأشعرنا بأننا نسير على الطريق الصحيح وهذا مهم لكي يتطور العمل، وأذكر أنه حين فازت اتصالات الإمارات بصفقة المحمول الثالث بقيمة نحو 2.3 مليار دولار دفعة واحدة قال البعض على سبيل الفكاهة ان فريق الترويج للاستثمار سوف «يصيف»، أي يجلس بلا عمل حتى نهاية العام لأننا أنجزنا الهدف، وبالتأكيد تلك نكتة لأنه لا نهاية للطريق في هذا المجال، وبعيدا عن الزهو أو التواضع فمصر بحاجة الى المزيد من الاستثمارات لتحقق أهدافها التنموية وتوجد فرص عمل كريمة لمئات الآلاف ممن يدخلون سوق العمل كل عام، ثم إن مصر تستحق أيضا أرقاما اكبر بكثير من الاستثمار الأجنبي.

> وضع البنك الدولي مصر في الترتيب 165 دوليا في مجال تيسير الأعمال وقد احتج المسؤولون المصريون على البنك.. فإلى أي حد أثر الترتيب على مناخ الاستثمار وكيف ستعالجون الموقف؟ ـ الجديد هنا أنه لم تعد لدينا تلك الحساسية المفرطة تجاه مثل تلك التقارير، والجديد أيضا أننا لم نعد نتوقف كثيرا عند اشادتها بنا ـ حين تحدث ـ بل نهتم بالنقد أكثر ما دام صحيحا ومقنعا ولا ندفن رؤوسنا في الرمال، وقد دعونا الى أن تفرق تلك التقارير بين مؤشر الاجراءات وبين مدى جاذبية المناخ الاستثماري، فالتقرير مثلا اعتبر العراق أفضل من مصر بينما واقعيا لا يمكن المقارنة في مجال الجاذبية فهي في صالح مصر ونحن نعرف الظروف الصعبة التي يمر بها هذا البلد العربي الشقيق. هناك مبالغة في تقرير البنك الدولي لكن هناك شيء من الصحة، وسنستفيد من ذلك دون أي حساسية، كما نهتم بما أثاره التقرير حتى من دون أن يقصده ولذلك سنعني بدراسة مجتمعات المحاسبين والمحامين في علاقاتهم بالمستثمرين.. لقد اختصرنا إجراءات تأسيس الشركات من 34 يوما إلى ثلاثة أيام والبطاقة الضريبية التي كان استخراجها يستغرق 18 يوما نتفق حاليا مع مصلحة الضرائب على استخراجها من خلال مجمع خدمات الاستثمار في 3 أيام فقط وذلك قبل انتهاء العام الحالي، وسنواصل عمل كل ما من شأنه إراحة المستثمرين معتمدين على الثقة التي تولدت فينا ومواصلين الحرص على دعمها بل أؤكد أن التوجه هو عدم التنصل من أي قصور حتى لو لم يكن واقعا في إطار مسئوليتنا القانونية، وأنتم ترون ان وزير الاستثمار حريص على العمل على إيجاد حلول للمشاكل التي تثار من جهات أخرى مع الوزراء المعنيين، استنادا إلى أن المسئولية تضامنية عن مناخ الاستثمار في البلاد.

> من المشاهد أن زيارات المسؤولين المصريين الى الصين تتزايد. ما الذي نريده من ذلك وما سبل الاستفادة من التجربة الصينية؟ ـ للصين تجربة هامة في اقامة المناطق الصناعية المتخصصة وفي خدمة مستثمري تلك المناطق، ونحاول أن نستفيد من ذلك في عمل منطقة صناعية متطورة في شمال غرب خليج السويس تكون نموذجا، وقد أزور الصين اذا سمحت الظروف لهذا الغرض وقد أنهينا منذ ايام تأسيس شركة تنمية 21 كيلومترا في غرب السويس بشراكة مع القطاع الخاص ومع صينيين، وسيبدأ العمل في 5 كيلومترات لتكون منطقة رائدة وبعدها نواصل وستكون البنية التحتية بهذه المنطقة على أعلى مستوى في العالم، وقد نفتح الموقع لاحقا للاستثمارات الخدمية، لكننا سنبدأ بالصناعة وسيكون لدينا داخل المنطقة مركز نموذجي لفض منازعات الاستثمار. > قلت إن مجال النقل البحري وأنشطة الموانئ ستكون من أهم مجالات الاستثمار، فما الذي عطل ذلك؟ وماذا فعلتم لإظهار جاذبية هذا القطاع ؟

ـ تجري حاليا عملية هامة مزدوجة قوامها اعادة اكتشاف أهمية الموقع، خاصة مع تزايد حركة التجارة بين أوربا والصين وآسيا عموما، مما يضاعف من مكانة الموانئ المصرية كنقاط مرور محورية، وذلك الاكتشاف يشارك فيه المصريون والأوربيون والآسيويون. ومن ناحية أخرى أصبح اهتمام السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة ووزارة النقل بجعل القطاع جاذبا للاستثمار قويا وواعيا بأهمية استغلال الفرصة قبل أن تفلت، وتقوم وزارة النقل بنفسها بالترويج للاستثمار في هذا المجال ونساعدها في ذلك، كما أنها تبذل جهودا كبيرة في إصلاح البنية التحتية بالموانئ وشبكة النقل البري وأظن أن مجيء التحالف الإماراتي ـ البحريني لإنفاق مليارات الدولارات سنويا في كافة مجالات النقل هو بداية مبشرة.

> من خلال ما يرد إليك من طلبات لتأسيس الشركات هل لاحظت تغيرا في أولويات المستثمرين؟

ـ بالفعل هناك تغير في الأولويات نتيجة التنافس الشديد بين هيئات الاستثمار في العالم كله على جذب الأموال من خلال زيادة عرض فرص الاستثمار المتاحة، فازداد الطلب بصورة كبيرة على مصر في مجال الاستثمار العقاري، كما حدثت طفرة في القطاع المالي، كما يتوقع أن تحدث طفرة مماثلة في الاستثمارات الوافدة لمجال البنية التحتية والطرق والمناطق الصناعية المتكاملة، وأرى أن حل اشكالية الاستثمار في مصر يحتاج الى بذل جهد في دراسة الإطار القانوني للاستثمار في قطاعات مختلفة، بعد أن ولى عهد الترويج القائم على تاريخ وجغرافية البلاد.

> لماذا لا نشهد لكم دورا في الترويج لبرنامج الخصخصة المصري؟

ـ الترويج للخصخصة من صميم عمل وزارة الاستثمار، والهيئة ليست طرفا فاعلا فيه، وإنما نفضل الاهتمام بتأسيس الشركات الجديدة، فالمستثمر يفضل بناء مصنع جديد وبيع أسهمه في البورصة عن شراء شركة قائمة.

> أعلنتم عن إصدار بطاقة المستثمر العربي التي تيسر الكثير من الإجراءات.. كم بطاقة قمتم بإصدارها حتى الآن ؟

ـ لم نبدأ حتى الآن في إصدار البطاقات بعد، ولكننا نأمل الاحتفال بإصدارها في ملتقى القاهرة للاستثمار الذي تنظمه مصر في ديسمبر المقبل، خاصة أن هذه البطاقة ستيسر حركة المستثمر العربي من حيث دخوله المطار هو وأفراد أسرته وتيسير إجراءات الإفراج عن سيارات السائحين وكذلك تقديم العديد من الخدمات التجارية والفندقية.