صفقات الاستثمار الجريئة مرشحة لتعديل وضع سوق المال السعودية

بدء عمليات بحث عميق للتأكد من طبيعة صفقات الأسبوعين الماضيين

TT

باشرت مؤسسات الاستشارات المالية في السعودية بحثا عميقا داخل الصفقات المنفذة في سوق الأسهم السعودية، بهدف التأكد من أن صفقات استثمارية جريئة تمت فعليا خلال تعاملات الأسبوعين الماضيين، وذلك ضمن محاولة جادة لمعرفة المسار التالي للسوق التي لا تزال مسلوبة الثقة. وفي حال أثبتت التحريات التي تجري حاليا على قدم وساق داخل ثلاثة من بيوت الاستشارات المالية في جدة (تحتفظ الجريدة بأسمائها)، أن الصفقات التي تمت أخيرا تصنف ضمن الصفقات الاستثمارية الجريئة وليست الصفقات الانتهازية الجبانة، فإن ذلك يستدعي التأكيد على أن صناع السوق يراهنون على مسار تصاعدي طويل المدى. لكن في حال ظلت المعطيات على ما هي عليه، فإن ذلك يستدعي بقاء الصفقات الانتهازية التي تغذيها سيولة جبانة، الأمر الذي يعني إمكانية تأكيد استمرار عمليات المضاربة وتصعيد أسعار أسهم الشركات ذوات رؤوس الأموال المنخفضة وفق موجات متتالية، على أن تضم كل موجة عددا بسيطا للسيطرة على الوضع.

وفي هذا الخصوص رشح لـ«الشرق الأوسط» عدد من المعلومات المتعلقة بنتائج بحوث بيوت الاستشارات المالية، وجاء من أهمها أن الأسبوع الماضي شهد فعليا تنفيذ صفقات جريئة في أسهم قيادية.

وتحتاج بيوت الاستشارات المالية التي تراجع هذه الصفقات حاليا إلى عشرة أيام على الأقل من التداولات للتأكد من أن الصفقات المنفذة لن تستخدم لتأكيد هبوط المؤشر العام خلال الأسبوع الحالي، وذلك من خلال عرض كميات الأسبوع الماضي بأسعار ضاغطة خلال هذا الأسبوع، وذلك وفق ما جرت عليه العادة منذ يوليو (تموز) الماضي.

وفي حال أثبتت التحريات الحالية التوجه نحو الصفقات الاستثمارية، فإن مصير صفقات المضاربة لن يكون مقلقا على الأرجح، وذلك لأن تفوق المحافظ التي تعتمد على إستراتيجية الاستثمار، لن تحدث ضررا على المحافظ التي تنتهج إستراتيجية المضاربة، وذلك في حال تمت الأمور في إطارها الطبيعي دون ظهور عمليات تصنع مسارا إجباريا للتعاملات، وهو أمر يمكن حدوثه في البورصة السعودية بناء على تجارب ماضية.

وفي هذا الخصوص، أكد لـ «الشرق الأوسط» المهندس فيصل المهنا وهو خبير في تحليل مسارات سوق الأسهم السعودية، أن التوجه إلى الأسهم الاستثمارية تحول إلى أمر واقع.وشدد على أن الفترة الحالية تصادف الموعد السنوي لتصعيد الأسعار وارتفاعات المؤشر العام، وذلك بناء على المعطيات التاريخية لتداولات الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وعن تأثير التحول إلى أسهم العوائد على أسهم المضاربة، قال «لن تتأثر بشكل جلي وواضح، إذ غالبا ما تسير التعاملات في هذه الحالة على اعتبار أن السوق كتلة واحدة، مع إمكانية تخلف قطاع أو أجزاء من بعض القطاعات».

وهنا أوضح لـ«الشرق الأوسط» عبد المنعم عداس وهو محلل مالي، أن الأسهم الاستثمارية شهدت تجميعا واضحا خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أنه يتوقع لها أن تعمل على انتشال المؤشر العام من مناطق الخطر التي يقبع فيها حاليا. وقال إن هناك أموالا استثمارية دخلت فعليا في سوق الأوراق المالية السعودية، وتبدو غير مهتمة بأمر الخروج قبل بلوغ الأهداف المرسومة، مشيرا إلى أن حركة الأموال الاستثمارية بطيئة إلى حد ما نتيجة كبر حجمها الذي يصل إلى مئات المليارات من الريالات.

من جانبه يقول عداس «من يعتقد أن دخول الأموال الاستثمارية سيقود إلى شلل المضاربة لا يفهم أبجديات تعاملات سوق الأسهم». ويرى أن أعمال المضاربة جزء من عافية السوق، ووصفها بالضرورية لأنها ترفع مستوى السيولة وتزيد كميات التداول.

وعلى الطرف الآخر، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور أيمن السمان وهو خبير في تحليل تعاملات سوق الأسهم السعودية، إن الصفقات الاستثمارية الجريئة تم رصدها فعليا منذ أكثر من أسبوعين.

وقال إن المؤشر العام بناء على المعطيات الحالية جاهز للصعود، مشددا على أن التراجع في حال حدوثه لن يتجاوز الـ 500 نقطة، وذلك نتيجة وجود كافة أسهم القيادة فوق مستويات دعم قوية.

وشدد على أن تحريك الأسهم القيادية وأسهم الاستثمار بشكل عام، من شأنه إعادة الثقة المنزوعة من السوق بفعل حالات التراجع الحادة التي عادة ما تتعرض لها سوق المال السعودية خلال مسارها الهابط منذ الخامس والعشرين من فبراير (شباط) الماضي.

من جهته، أوضح لـ«الشرق الأوسط» يوسف قسطنطيني المدير التنفيذي لمركز خبراء البورصة في الرياض، أن الأسهم القيادية انتهت من التصحيح بشكل كامل، متوقعا صعود المؤشر تبعا لذلك إلى مستوى 14 ألف نقطة بنهاية العام الحالي.

وبين أن التحليل الإستراتيجي لوضع سوق المال السعودية، يعطي تفاؤلا بمستقبل جيد للأسهم السعودية وذلك لاعتبارات منها توقع تراجع المديونية العامة للدولة من 84 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الحالي. وقال إن العروض النقدية ستتحرك داخل الوطن وليس خارجه على الأرجح، وهو ما سينعكس إيجابا على مختلف المشاريع سواء القائمة أو تلك التي لا تزال قيد التنفيذ. واعتبر أن ارتفاع الوعي الاستثماري سيعزز فرضية الارتفاع إلى مستوى 14 ألف نقطة بنهاية العام. وذهب إلى أن التوقعات الإيجابية لنتائج شركات العوائد بنهاية أعمال الربع الثالث التي سيبدأ الكشف عنها خلال أيام، ستكون مدعاة لتعزيز الصعود المنتظر خلال الفترة المقبلة.

يشار إلى أن المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أنهى تداولات الأسبوع الماضي عند مستوى 11225 نقطة، إثر تداول 945 مليون سهم بقيمة تقدر بنحو 79.1 مليار ريال (21.1 مليار دولار) نتيجة تنفيذ 1.4 مليون صفقة.