مستثمرو الأسهم في دول التعاون.. عين على المؤشر.. وأخرى على أسعار النفط

خبراء اقتصاديون يؤكدون ارتباط البورصات الخليجية بأسواق البترول

TT

ما أن كسرت اسعار النفط العالمية حاجز الستين دولارا نزولا، حتى وضع مستثمرو أسواق الأسهم الخليجية أيديهم على قلوبهم، خوفا من التأثير السلبي لهذا الانخفاض على مؤشرات الأسهم في بورصات دول الخليج، بعد أن ظلت معادلة ربط البورصات بأسعار النفط بعيدة عن نفسيات المتعاملين، منذ الصعود القياسي المتواصل لأسعار النفط منذ أكثر من ثمانية أشهر، وانتفاء أي تأثيرات سلبية بفعل الارتفاع المستمر.

وهبطت اسعار خام القياس الاميركي غرب تكساس الوسيط من 78 دولارا للبرميل في يوليو (تموز)، لتصل الى أقل من ستين دولارا الان بفعل المخزونات العالمية المتزايدة. وفي الوقت الذي يتنبأ فيه بعض المحللين بزيادة كبيرة للانتاج من منتجين خارج اوبك خلال العام المقبل، تسعى المنظمة الدولية إلى تخفيض إنتاجها النفطي حوالي المليون برميل يوميا، بعد تنافي اسباب الإنتاج القياسي، بعد تراجع الاسعار عن أسعارها القياسية.

وقبل ما يقارب السنتين، وعندما كانت اسواق المال الخليجية في عز طفرتها نحو الارتفاعات الشاهقة، كانت اسعار النفط الشغل الشاغل للمستثمرين في أسواق الأسهم هذه، فكلما ارتفعت اسعار البترول انعكس ذلك إيجابا على حركة السوق، ومتى ما انخفضت الأسعار ساهمت في انخفاض أسعار الأسهم.

وبالرغم من أن الاقتصاديين ينفون أي ارتباطات أساسية بين النفط والبورصات، إلا أن التجارب السابقة أثبتت وجود تأثير كبير لاسعار النفط على أسواق المال.

يقول المحلل المالي راشد الفوزان لـ«الشرق الاوسط»، إن التأثيرات السلبية لأسعار البترول ستكون هامشية على المدى الطويل، باعتبار أن النفط سيسير في ارتفاعاته وسيبقى في اسعار فوق الخمسين دولارا، ولكن الفوزان يشير إلى وجود نوع من التأثير على المدى القصير، خاصة «أننا لا نستطيع أن نتحكم في الجانب النفسي للمضاربين والمتعاملين في أسواق الأسهم»، إلا أن الفوزان، في الوقت ذاته، يؤكد عدم وجود رابط جوهري واساسي بين أسواق النفط واسواق المال، ويشير هنا إلى أن الحكومات الخليجية كانت قد اعتمدت أسعار برميل النفط في ميزانياتها في حدود الثلاثين دولارا، «وهو ما يدلل على أن سياسات الدول الخليجية لن تتأثر حتى في حال انخفاض الأسعار».

وبالرغم من الانخفاض المستمر للأسعار العالمية للذهب الاسود، خلال الشهرين الماضيين، الذي قارب العشرين في المائة، إلا أن توقعات الخبراء العالميين تشير إلى أن سعر البترول سيحافظ على اسعار مرتفعة خلال السنتين المقبلتين، ووفقا لتقرير بحثي أصدره البنك الاستثماري «غولدمان ساكس»، فإنه ما زال يتنبأ بان يبلغ سعر النفط الخام الأميركي 68 دولاراً للبرميل في عام 2007.

لكن الدكتور جاسم حسين رئيس وحدة البحوث الاقتصادية في جامعة البحرين، يرى في حديثه لـ«الشرق الاوسط»، أن البورصات الخليجية ستتأثر سلبا بما تحمله لها أخبار انخفاض اسعار البترول العالمية، مشيرا إلى أن المؤشرات الاقتصادية كانت تذهب باتجاه معاودة الأسواق الخليجية للارتفاع خلال الفترة المقبلة، «أتوقع أن انخفاض اسعار البترول سيدفع البورصات الخليجية الى الارتفاع، كما كان متوقعا سابقا». ويضيف «أما إذا واصلت اسعار البترول انخفاضها واقتربت من الخمسين دولارا، فإن أسواق الأسهم الخليجية ستواجه تأثيرات سلبية ستعصف بتطلعاتها للارتفاع»، ولفت الدكتور حسين إلى أن كبار مستثمري سوق الاسهم والمضاربين وصناع السوق يعتمدون في قراراتهم على مثل هذه الأخبار، سواء كانت سلبية أم إيجابية، مما يعني «أن السوق سيتأثر بالضرورة لما يمكن أن تحمله لنا أخبار اسعار النفط المقبلة».

ومع وصول اسعار البترول الى 58 دولارا للمرة الأولى منذ ثمانية اشهر، بدأ المستثمرون في أسواق الاسهم، خاصة الصغار منهم، في العودة إلى متابعة أخبار اسعار البترول، بعد أن غابت عن اهتماماتهم شهور عدة إثر الارتفاعات المتتالية التي سجلتها في الاسواق العالمية، وعاد مستثمرو الأسهم من جديد لربط قراراتهم بالبيع والشراء بتطورات أسعار البترول اليومية.

ويرى محللون أن الربط بين ارتفاع الاسواق الخليجية أو انخفاضها مع التطورات الحاصلة في اسعار البترول، أمر غير منطقي من الناحية الفنية الاساسية، إلا أنهم في الوقت ذاته يؤكدون أن البورصات الخليجية ارتبطت أكثر من غيرها بالعامل النفسي كثيرا، نظرا لسيطرة المستثمرين الافراد على هذه الأسواق، وعدم قدرة صناديق البنوك على أخذ زمام السيطرة على توجهات هذه الأسواق، ويشير هؤلاء المحللون إلى أن عدم وجود صانع البورصات الخليجية، جعل مثل هذه العوامل الجانبية، تتحول إلى عوامل أساسية وتظهر تأثيراتها السلبية على مؤشرات الأسواق، من دون أن تعكس الوجهة الحقيقية للعوامل المؤثرة اصلا على تعاملات الأسهم.