لبنان يؤجل إعداد موازنة 2007 .. والمشروع مرشح للإرجاء إلى ما بعد «باريس 3»

للمرة الثالثة على التوالي .. الحكومة لم تنجزها في الموعد المحدد

TT

للسنة الثالثة على التوالي لم تنجز الحكومة اللبنانية مشروع موازنة عام 2007 في المواعيد المحددة دستورياً، فلم تتم مناقشة المشروع في مجلس الوزراء في شهر سبتمبر (ايلول)، وهذا يعني ان مجلس النواب لم ولن يتلقى مشروع الموازنة خلال دورة الخريف النيابية التي بدأت يوم الثلاثاء الثالث من شهر اكتوبر (تشرين الاول) لتنتهي في يوم الثلاثاء الثالث ايضاً من شهر ديسمبر (كانون الاول)، وهو الموعد الدستوري المقرر للتصويت على الموازنة.

وتقتضي الاشارة الى ان موازنة عام 2005 لم تقر الا في عام 2006، اما انفاق عام 2006 فكان يتم دوماً على القاعدة الاثنى عشرية. واذا كان التأخر في انجاز موازنتي العامين 2005 و2006 قد املته ظروف سياسية، فان التأخر في وضع ميزانية عام 2007 املته ظروف مختلفة لعل ابرزها صعوبة التوقعات في ما خص الانفاق عام 2007، خصوصاً ان الانفاق الحكومي بعد حرب يوليو (تموز) الاسرائيلية ضد لبنان قد ارتفع، حكماً، وبشكل كبير في ضوء التقديرات التي اعتبرت ان العدوان الاسرائيلي فرض على الدولة اعباء تناهز 1.6 مليار دولار، اي ما يوازي 8% من اجمالي الناتج المحلي، وتتمثل هذه الاعباء بالمساعدات الانسانية الطارئة وكلفة ارسال 15 الف جندي لبناني الى الجنوب تنفيذاً للقرار الدولي 1701. وعلى هذا الاساس سيكون شكل موازنة عام 2007 مرهوناً من جهة بحجم المساعدات الدولية، ونوعيتها، ومن جهة اخرى بحجم مساهمة الدولة في كلفة تمويل عملية الاعمار وتنفيذ المشاريع.

ولعل صعوبة تقدير حجم الانفاق في مشروع موازنة 2007 مرده في البداية الى عدم انجاز عملية تقدير حجم الخسائر وتالياً الى عدم اعتماد رقم محدد في ظل التقديرات المتعددة والمتباينة. اما عائدات الخزينة، فان اي توقع لا يمكن الركون اليه، لان الامر يرتبط بمدى تباطؤ النمو الاقتصادي وبانخفاض اداء مختلف القطاعات الانتاجية.

وفي مطلق الاحوال، سيكون من المؤكد ان يترجم عجز موازنة عام 2007 حجم الكارثة التي تسبب بها العدوان الاسرائيلي، ومدى الضرر الذي ألحقه بالاقتصاد الوطني. ويقول بعض الخبراء ان هذا العجز لن يكون اقل من 40% في حال كانت المساعدات في حدود المعقول، وهي حتى الآن لم تبلغ هذه الحدود، حتى الارقام التي اعلن عنها لم تصل كلها بعد الى الخزينة، وقد يرجأ اعداد مشروع الموازنة الى ما بعد «مؤتمر باريس 3» المقرر في منتصف الشهر الاول من العام المقبل.

وفيما تعتبر مصادر وزير المال ان الدولة، الخاسر الاكبر في الحرب، استطاعت ان تمتص الصدمة، اكدت بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت لبنان اخيراً متانة الوضعين المالي والنقدي، منطلقة من سياسة مصرف لبنان المركزي والقطاع المصرفي، ومن التغطية العربية للوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان سواء عبر الودائع التي اودعت في المصرف المركزي او عبر المساعدات التي قدمتها بعض الدول الخليجية، وجاءت في توقيتها المناسب جداً.