بريطانيا: التعاملات البنكية المجانية قد تصبح شيئا من الماضي

بعد قرار بنك «فيرست ديراكت» فرض ضريبة شهرية على الحسابات الجارية

TT

حذر العديد من الخبراء من نهاية عصر التعاملات البنكية المجانية، بعد قرار بنك «فيرست دايراكت الالكتروني» على شبكة الإنترنت بفرض ضريبة خدمة بقيمة 10 جنيهات استرلينية (نحو 18 دولارا) في الشهر عن كل حساب جار لدى البنك. ويأتي قرار «فيرست دايراكت»، بعد اسابيع على قرار مكتب التجارة المنصفة (العادلة) الحكومي، التحقيق في الضرائب التي تفرضها البنوك على اصحاب الحسابات الجارية.

ولهذا يعتبر القرار خطوة استباقية لمواجهة أي قرار حكومي بخصوص الضرائب المصرفية. ويجري المكتب حاليا تحقيقا حول الضرائب التي تفرضها البنوك على الزبائن الذين يفرطون في سحب الاموال، ويتعدون حصصهم وما إذا كانت هناك ضرورة لوضع سقف محدد لهذا النوع من الضرائب.

ومن شأن قرار «فيرست دايركت» هذا، حسب معلومات اهل سوق المال، ان يطول ما لا يقل عن 200 الف زبون من اصل 1.3 مليون لدى البنك، الذي يعتبر أحد الفروع المستقلة لبنك «اتش.اس.بي.سي» العالمي. وكان البنك اول البنوك البريطانية التي تجري تعاملات بنكية على الهاتف، وعبر شبكة الإنترنت عام 1989، كما انه كان الاول قام بتأمين خدمات بنكية على مدار الساعة.

ولا يمكن لأي زبون تفادي تلك الضريبة، الا في ثلاث حالات وهي ادخال ما قيمته 1500 جنيه على الحساب الجاري شهريا، أو ابقاء نفس القيمة في الحساب كل شهر على الاقل، او الحصول على أجر سنوي لا تقل قيمته عن 24 الف جنيه استرليني بعد حسم الضرائب.

وقال المدير التنفيذي في «فيرست دايراكت» كريس بايلين في هذا الإطار: «إذ كنت تريد البقاء زبونا لدى البنك، ضع المزيد من الأموال في حسابك أو اشتر أحد بضائعنا أو ادفع الضريبة».

وما يعنيه بايلين، ان على الزبون الذي يريد تجنب الضريبة، الحصول على قرض عقاري او استخدام بطاقة ائتمان تابعة للبنك بحسب ما نقلت عنه صحيفة «الغارديان» البريطانية.

ويبدو ان الهدف الاساسي من فرض الضريبة الجديدة، هو تغطية تكلفة ادارة ما لا يقل عن 40 الف حساب جار لدى البنك. وتعتبر هذه الحسابات حسابات «راكدة» لا يستخدمها اصحابها أكثر من خمس أو عشر مرات في السنة. من ناحية أخرى جذب زبائن البنك للمزيد من التعاملات وتعميق التعاملات التجارية بين الجانبين.

كما أن البنك يسعى الى تشجيع الزبائن على استخدام «فيرست دايراكت» كبنك اساسي لتعاملاتهم بدلا من الاعتماد على حسابات جارية راكدة لديه، او بكلام آخر تقليص عدد الحسابات الراكدة والتركيز على غيرها، وهو امر أكد عليه روب سكيني مدير المكتب الصحافي لبنك «فيرست دايراكت» في اتصال مع «الشرق الأوسط».

واوضح سكينير «ان القرار الجديد لن يؤثر إلا على 15% من الزبائن أي ما يعادل 195 الف زبون». وإذا كان هذا صحيحا فإن البنك سيجني ما لا يقل عن 1.95 مليون جنيه استرليني في الشهر أي 23.4 مليون جنيه في السنة كضرائب. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» سكينر «أن البنك أجرى الدراسات المطلوبة والوافية قبل اتخاذه بقرار العمل بالضريبة الجديدة، الذي سيبدأ في فبراير (شباط) المقبل عام 2007». وان القرار لم يكن متسرعا واعتباطيا».

بعض الخبراء يقولون ان شروط البنك مجحفة، وان مبلغ 1500 مبلغ كبير بالنسبة للعائلات الفقيرة والمعدمة، ومن شأن ذلك خلق فجوة بين الجانين، بدلا من تعميق العلاقة بينهما، وبالتالي الطلاق بين البعض والبنوك. وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» اكد مكتب التجارة المنصفة (العادلة) الحكومي، ان لا حق له في التدخل في قرارات البنوك، وأن البنوك حرة فيما تتخذه من خطوات لمصلحتها. وأوضح المكتب أنه لا يرى أي علاقة بين التحقيق الذي يجريه حاليا حول الضرائب المفروضة على الحسابات الجارية، وبين الضريبة التي ينوي بنك «فيرست دايراكت» فرضها على زبائنه. واكد المكتب ايضا ان الزبائن يصوتون بـ«اقدامهم»، أي بكلام آخر ان الناس هي التي ستقرر قبول الخطوة او رفضها، وعلى هذا الاساس سيتحدد نجاح الخطوة أو فشلها. ولا تزال مسألة فرض الضريبة على الحسابات البنكية حتى الآن محصورة بالحسابات التفضيلية premium account التي عادة ما تؤمن عدد آخر من الخدمات الجانبية للزبائن مثل التأمين وخدمة اصلاح السيارات المعطلة، وتأمين هاتف جوال وغيره. وتترواح قيمة بعض الضرائب التي يفرضها بنك «لويدز.تي.اس.بي» في هذا الإطار بين 7 و25 جنيها استرلينيا شهريا.

كما أن مسألة فرض سقف على قيمة موجودات الحساب شهريا ليست مسألة جديدة في بريطانيا، فعلى سبيل المثال فإن بنك «اللاينس اند لستر»، يطلب وجود 500 جنيه في الحساب الجاري شهريا كحد أدنى، ويفرض «لويدز» وجود 1000 جنيه كحد أدنى في الحساب، لكن المسألة الجديدة هي رفع قيمة السقف الجديد الى 1500 جنيه، الأمر الذي يعتبره بعض الخبراء مجحف ويضر بملايين الزبائن.

وتقول مؤسسة الأبحاث المالية «ديفاكتو» بأن قرار «فيرست دايراكت»، سيؤدي إلى أمر من اثنين، أما تبني البنوك البريطانية جميعا لنفس المبدأ في المستقبل، وأما ادخال نظام ضرائب أو أجور يمكن عبره للبنوك فرض ضريبة على كل نوع من أنواع التحويلات على حدة.