الأسهم السعودية تعيش امتحان مفرقي «الانزلاق» أو«الانطلاق» خلال تداولات الأسبوع

«القيعان السعرية» الجديدة وميزانية الدولة ترجح النظرة المتفائلة

TT

تعيش سوق الأسهم السعودية خلال هذا الأسبوع أمام مفرقي طريق تحديد مصير المؤشر العام بين «الانزلاق» لهاوية نقطة حادة أو «الانطلاق» في تحطيم بعض حواجز مقاومة التي لم تلامسها منذ أسابيع، وذلك بحسب امتحان تفاعل التداولات التي تنطلق اليوم. إذ يمكن أن تتسبب بانخفاض حجم السيولة وعمليات الشراء هذا الأسبوع لتهاوي المؤشرات وبدء سلسلة من التراجعات المتوالية كما وقع في التجربة الأخيرة لسوق الأسهم، أو عودة مرشحة للسيولة تسهم في دعم المؤشر لتجاوز نقاط مقاومة بعيدة.

وستكون سوق الأسهم بدءا من اليوم تحت رحمة تفاعل المستثمرين والمتداولين بجميع شرائحهم لإنقاذها من خطر وقوعه في مطب كسر نقاط دعم حساسة اتفقت الآراء الفنية على أنها ستكون عند مستوى 8000 نقطة كمحطة أولى تساهم في انزلاق نحو مستوى 7777 نقطة كمحطة دعم ثانية تدفعها للانخفاض أكثر نحو مستوى 6500 نقطة، في حين إذا لم تقم شريحة المستثمرين والمتعاملين بالدخول والتعاطي مع المحفزات الحالية للسوق فإنها المؤشر سيتعرض لضغوطات حتمية مصيرها الهبوط الحاد.

في المقابل، يرشح أن تكون النظرة المتفائلة بعودة المؤشر العام للصعود هي الأقرب هذا الأسبوع بدعم محفزات فنية قوية يأتي في مقدمها القيعان السعرية التي وصلت لها غالبية أسعار أسهم الشركات في السوق والتي كشفت في آخر تعاملات الأسبوع الماضي عن نجاح إغرائها للمتعاملين والمستثمرين. حيث تراجع متوسط سعر سهم الشركات المساهمة بمعدل 58.4 في المائة إلى 31 دولارا نهاية الأسبوع الماضي بدلا من 53 دولارا عند نهاية الربع الثالث من العام الجاري. وجاء المتوسط الحسابي لقيمة سعر سهم كناتج لقياس متوسط سعري بين أعلى وأدنى قيمة سعر سهم لكافة الشركات المدرجة والتي تراوحت بين مستوى سعري عند 213.50 ريال (57 دولارا) تمثل قيمة سعر سهم «مصرف الراجحي»، ومستوى سعري عند 14.75 ريال (4 دولارات) تمثل قيمة سعر «السعودية للكهرباء» الذي يعد أدنى سعر سهم في السوق. ولا بد من الإشارة إلى استثناء سعر سهم واحد فقط من بين أسعار 84 سهما للشركات المدرجة وذلك لوقوعه خارج المعدلات الطبيعية للأسعار القائمة في سوق الأسهم المحلية، فلا يمكن الاعتداد بقيمته مقابل باقي الشركات، ويتمثل هذا في سهم «المصافي» الذي يبلغ سعره حاليا 447 ريالا (119.2 دولار). وجاء محفز «القيعان السعرية» الجديدة مرجح بقوة لإعادة رسم خارطة ارتفاعات جديدة للسوق أو على الأقل شد أزر المؤشر للدخول في موجة صعود ولو كانت «مؤقتة» تتخطى معها حاجز 9000 نقطة وحتى 10200 نقطة، في الوقت الذي تنصب فيه الترشيحات على تولي أسهم بعض الشركات القيادية زمام المبادرة في تحريك مؤشرات القطاعات الأخرى للتداول بديناميكية. وأيد النظرة المتفائلة منور العنزي المحلل المصرفي السعودي الذي توقع أن تشهد تداولات هذا الأسبوع حركة دينامكية ربما تصل بمؤشر السوق فوق حاجز 9000 نقطة وذلك بفضل الأسعار التي وصلت إلى حدود قصوى لن ترتضيها بعض شرائح قوى السوق المحركة لمؤشراته من بينها صناديق مصرفية، مشيرا إلى أن انحدار حجم السيولة في عمليات الشراء ستكون فيصل لا سيما عند اختراق نقاط الدعم الرئيسة بين 8200 و8000 نقطة.

وشدد العنزي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أن هناك إشكالية في سوق الأسهم لازمته منذ شهور وتسببت في اضطراب سلوكه وهي سياسة جني الأرباح السريعة جدا، مفيدا بالقول «ما إن ينطلق المؤشر نحو تسجيل مستويات نقطية جديدة حتى يعاود الانتكاسة نتيجة جني الأرباح السريع وهي تمثل عامل خطورة لكثير من المحافظ وتكشف عن حالة نفسية مرتبكة تعيشها بعض شرائح قوى السوق».

من جهته، يرى علي بن حسن الحازمي محلل اقتصادي وزميل الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية أن عملية التراجع مرشحة نتيجة المعالجة الدراماتيكية الطبيعية التي تمارسها السوق بعد الفقاعة والتضخم السعري الواقع في مكوناتها خلال العامين الماضيين، متوقعا أن تبدأ السوق في استقبال محفزات رئيسية في الفترة المقبلة مع قرب انتهاء العام الميلادي الحالي.

وأبان الحازمي لـ«الشرق الأوسط» أن أبرز المحفزات المرتقبة والتي يمكنها أن تنتشل المؤشر وتزيد من توجهه نحو الاستقرار، تكمن في قرب الإعلان عن نتائج مالية قوية جدا في الميزانية العامة للبلاد، والذي يأتي ضمن محفزات الاقتصاد المحلي المنتعش بفضل الكثير من المستجدات كأسعار النفط وبيئة الاستثمار والمشاريع العملاقة القائمة. وقال الحازمي إن المكررات الربحية للشركات ستنخفض بإعلان الشركات عن قوائمها المالية النهائية لنتائج العام بعد إعلان الربع الرابع، لتكون الأوراق المالية مكشوفة وتعتمد نتائجها المالية على حساب قوائم السنة المالية المنتهية في عام 2006، موضحا أن انخفاض معدل المكرر الربحي يفترض أن يدعم جاذبية شركات كثيرة في السوق.

وهنا، يشير عبد الله بن محمد العتيق، وهو متداول في سوق الأسهم السعودية إلى أن الثقة عامل ينقص القوى المحركة للسوق وهو الأمر الملموس بدلالة جماعية صعود المؤشر أو هبوطه وجماعية ارتفاع الشركات بمعدلات متقاربة أو انخفاضها بذات الطريقة، موضحا أن هذه الظاهرة لا بد أن تبدأ في الانحسار في حال الرغبة في استقرار السوق وإعادة الحيوية لتداولاته.

وأبان العتيق أن سوق الأسهم وصلت لمراحل سعرية سجلت في مطلع العام 2005 وهو يعني أن محافظ قوى الشراء التي دخلت هناك لن ترضى بهبوط أكثر من الهبوط الجاري حاليا لعدم مقدرتها على تحمل خسائر أي هبوط سعري دون التي وصلت إليها أسعار أسهم الشركات، وهو الأمر الذي يدعوا للتفاؤل خلال الفترة المقبلة من عمر السوق في هذا العام.