الصين توازن بين مخاطر الاستثمار وعوائده في إيران والعراق في ظل تعطشها للنفط والغاز

TT

طهران ـ رويترز : مع تعطش الصين للنفط والغاز ربما تخاطر سياسيا في ايران وامنيا في العراق لتكتسب موطئ قدم في مناطق تخشى الشركات الغربية الاقتراب منها.

وتمتلك ايران والعراق 19 في المائة من احتياطيات النفط العالمية وبعض أكبر الحقول غير المستغلة في العالم.

وتحصل الصين بالفعل على نصف وارداتها من النفط من الشرق الاوسط مما يمنحها حافزا استراتيجيا قويا لضمان صفقات تنقيب في حقول نفط كبيرة في الدولتين المتجاورتين.

وقال ايان براون رئيس فريق ابحاث الشرق الاوسط في مؤسسة وود ماكينزي إن الشركات الصينية تعمل في ايران «في غياب عدد كبير من المنافسين. أمامها فرصة للمشاركة في حقول نفط عملاقة جدا». وقال براون «وحين تصبح الظروف مواتية في العراق سيتنافس كل كبير وصغير وستقل كثيرا فرص الحصول على نصيب رئيسي».

وتعتمد ايران بشكل كبير على النفط الذي يمثل ما بين 80 و90 في المائة من عائدات التصدير. ولكن قدم حقولها النفطية وتراجع انتاجها يعني انها تحتاج لاستثمارات أكبر للابقاء على الانتاح عند المستوى الحالي وهو حوالي أربعة ملايين برميل يوميا. وتحتاج ايران اذا لتمويل وتكنولوجيا اجنبية ولكن القوانين الاميركية تحظر على الشركات الاميركية الاستثمار في الجمهورية الاسلامية. ويمكن لواشنطن ان تفرض عقوبات على الشركات من دول اخرى اذا استثمرت أكثر من 20 مليون دولار سنويا في ايران.

وقلصت خلافات بشأن العقود وتدخلات بيروقراطية وسياسية ومشكلات خاصة بالبنية التحتية وامتيازات نفطية تقول شركات انها ليست مرضية للاستثمار الاجنبي الى أقل مستوى ممكن.

وربما تكون مشكلة العراق أكثر تعقيدا امدا متمثلة في سقوط ضحايا في تفجيرات يومية والمصادمات الطائفية وتصاعد اعمال العنف.

ولكن العراق يملك ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم ولم يجر التنقيب عن النفط سوى في 10 في المائة من اراضيه.

ووقعت عشرات من شركات النفط الاجنبية مذكرات تفاهم مع العراق باعتبارها السبيل لبدء علاقات مع الحكومة الجديدة في بغداد ويمكن ان تتحول لصفقات حقيقية حين يتحقق الاستقرار.

وبين ابريل (نيسان) 2003 ويونيو (حزيران) 2006 وقع نحو 315 هجوما على البنية التحتية للطاقة في العراق ولم يبدأ العمل فعليا سوى عدد قليل من شركات النفط الاجنبية.

وسعيا لفك القيود التي تحاصرها تلوح ايران بصفقات نفط ضخمة مع الصين التي ربما تكون راغبة في قبول صفقات اقل اغراء من أجل تأمين امدادات الطاقة وهي عادة لا تربط بين السياسة والاستثمار.

وذكرت بي.اف.سي انرجي لاستشارات الطاقة في تقرير انه في حالة نجاح هذه الاستراتيجية «فانها ستتيح لايران اجتذاب استثمارات وخبرة وتكنولوجيا تحتاجها بشكل ملح دون تقديم اي تنازلات في مواقفها المحلية والسياسية».

وبالنسبة لايران فان مثل هذه الصفقات ربما تدفع الصين الى الاحجام عن تأييد العقوبات ضد طهران بسبب برنامجها النووي.

ومع تعثر المفاوضات في مجلس الامن بشأن العقوبات ضد ايران يحدث نفس الشيء للمحادثات بين طهران وشركة سينوبك الصينية بشأن حقل ياداواران وهو جائزة ضخمة قد تصل قيمتها الى مائة مليار دولار. ولكن ما يمنح قد يمنع.

وكتب حسين شريعة مداري مستشار الزعيم الاعلى الايراني «اذا وافقت الصين على العقوبات ضد ايران فان حكومة الجمهورية الاسلامية بل والشعب الايراني سينظران للصين كدولة معادية وربما يؤثر ذلك على التعاون السياسي والاقتصادي».

ولم تحدد الصين موقفها فيما تضغط الولايات المتحدة لاقرار مسودة عقوبات اشد ضد ايران وتطالب روسيا بتخفيف نص المقترحات الاوروبية.

وقال مارك فيتزباتريك من معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن «روسيا اللاعب الرئيسي في خطة ايران لاحباط عقوبات الامم المتحدة».

وأضاف أن الصين «ستحذو حذو روسيا. اذا قبلت روسيا عقوبات أشد فان الصين لن تعترض. علاقات الصين مع الولايات المتحدة أكثر أهمية. ينبغي أن تبيع ايران النفط لاي طرف ولن تستبعد الصين من السوق».

وقبل حرب العراق في عام 2003 وافقت الصين على صفقة حجمها 700 مليون دولار مع حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين لتطوير حقل الاحدب. ويجري حاليا اعادة التفاوض بشأن هذا العقد وتحرص الحكومة العراقية الجديدة على ابرام اتفاق مع الصينيين.

وقال مسؤول بوزارة النفط العراقية «لم تتوقف اتصالاتهم مع العراق في اي وقت. انها أكثر الشركات نشاطا على الاطلاق. انها تعمل على الارض معنا ومستعدة لتقديم كل انواع المساعدة لتطوير قطاع النفط». والشركات الصينية مستعدة للتهوين من المخاطر الامنية لدخول القطاع قبل الشركات العالمية الاخرى.

وقال محمد الزيني من مركز دراسات الطاقة العالمية في بريطانيا «انهم يتنافسون فعليا مع الشركات الاخرى لضمان الحصول على موارد طاقة ويتحملون مخاطر اكبر فعليا بل انهم مستعدون لتقديم شروط أفضل».

والعراق في أشد حاجة للاستثمار لاصلاح الدمار الذي أصاب البنية التحتية للنفط من جراء العقوبات والحرب وعمليات النهب ومن المستبعد ان يثير لغطا بشأن المصدر. وقال المسؤول «ليس من الحكمة تهميش احد. ولى زمن ابرام الاتفاقيات حسب المزاج والعلاقات. ستمنح العقود للقادرين على العمل».