وفد اقتصادي سعودي يبحث في باريس دعوة الشركات الفرنسية للاستثمار المباشر

إلى جانب توثيق العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين

TT

«المملكة السعودية يتعين أن تكون وجهة استثمار رئيسية للشركات الفرنسية» هذه الجملة تختصر«الرسالة» التي حملتها بعثة رجال ونساء الأعمال السعوديين المنضوين تحت لواء «مجلس الأعمال الفرنسي ـ السعودي» التي تقوم بزيارة الى فرنسا حافلة بالاجتماعات واللقاءات الرسمية والخاصة والتي «دشنتها» أمس صباحا بلقاء مطول في مقر جمعية أرباب العمل الفرنسية. ونظم للبعثة التي يقودها كامل صلاح الدين المنجد، احد رئيسي مجلس الأعمال، لقاءً مع فرنسوا لوس، الوزير المفوض لشؤون الصناعة ومع فرنسواز باريزو، رئيسة هيئة أرباب العمل الفرنسية ومع فيليب فور أمين عام وزارة الخارجية الفرنسية وحفلت بلقاءات جانبية عديدة بين مسؤولي الشركات من الطرفين. وبعد ظهر أمس، عقد المجلس التنفيذي لمجلس الأعمال اجتماعه لتقويم التقدم الذي حصل في مهماته ولرسم خريطة الطريق لتحركه المستقبلي.

ويضم الوفد السعودي المكون من حوالي 50 شخصا بينهم العديد من النساء ومنهن لما السليمان، عضو المجلس الإداري لغرفة صناعة وتجارة جدة وسارة الفاعور ممثلة هيئة «ساجيا» في فرنسا، ممثلين عن قطاعات البناء والصناعات الغذائية والفنادق والسياحة والاتصالات والنفط والغاز والفنادق وغيرها من القطاعات الفاعلة في الاقتصاد السعودي. وتمثلت في اللقاء الصباحي أمس أهم القطاعات الفرنسية المهتمة أو ذات العلاقة بالمملكة السعودية. وحضر السفير الفرنسي في الرياض شارل هنري داراغون اجتماع أمس فيما حضره اركان السفارة السعودية في باريس من غير السفير محمد آل الشيخ الموجود في الرياض.

من الناحية الإجمالية، لا خلاف بين الجانبين السعودي والفرنسي على أهمية السوق السعودية وعلى ضرورة أن تكثف الشركات الفرنسية حضورها فيه بالنظر لمستقبله الواعد ولقدرته الشرائية العالية ولتوافر ملاءة مالية مريحة بسبب العائدات المتنامية من الصادرات النفطية. يضاف الى ذلك أن العلاقات السياسية الفرنسية ـ السعودية ممتازة ما تعكسه الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات بين قادة البلدين والشراكة «الاستراتيجية» القائمة بينهما. وبالطبع، هناك اتفاق على أن علاقات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين «يجب أن تكون بمستوى العلاقة السياسية والصداقة بين البلدين».

وتشير الإحصائيات المتوافرة أن المبادلات التجارية بين البلدين بلغت العام الماضي 5238 مليون يورو منها صادرات فرنسية قيمتها 1651 مليون دولار. وتأتي فرنسا في الموقع الثامن من بين الدول المصدرة فيما تتراوح حصتها ما بين 4 و5 بالمائة. ويميل ميزان التبادل التجاري لصالح السعودية بسبب الارتفاع الذي تعرفه أسعار النفط الخام ومشتقاته وهي التي تشكل الجزء الأكبر من الصادرات السعودية الى فرنسا. أما فيما خص الاستثمارات الفرنسية المباشرة، فإن فرنسا تأتي في الموقع الثالث مع حصة تبلغ 13 بالمائة فيما تحتل اليابان الموقع الأول مع حصة تبلغ 45 بالمائة والولايات المتحدة الأميركية الموقع الثاني مع حصة تبلغ 16 بالمائة. وتأتي ألمانيا في الموقع الرابع 11 بالمائة. وبشكل عام، فإن السعودية تجتذب 20 مليار دولار من الاستثمارات بحيث تحل بعد تركيا وقبل مصر في منطقة الشرق الأوسط بالمعنى الواسع. وتتساوى الاستثمارات الخارجية في السعودية مع الاستثمارات السعودية في العالم التي تبلغ هي أيضا 20 مليار دولار. ويتمثل الحضور الاستثماري الفرنسي في السعودية بستين شركة تساهم بـ 54 مشروع استثماري تبلغ قيمتها الإجمالية 4.35 مليار دولار وتنصب على القطاعات المصرفية والكهربائية والصناعات الغذائية والتسلح والكهرباء والنفط و الغاز والخدمات وغيرها. إزاء هذا الوضع وبفضل القدرات والحاجات المتنامية للاقتصاد السعودي، فإن كامل صلاح الدين المنجد شدد على أهمية أن تهتم الشركات الفرنسية اكثر فأكثر بالفرص الاستثمارية السعودية للسنوات القادمة. وأشار المنجد الى أن الحكومة تخطط لمشاريع استثمارية كبرى للسنوات القادمة في قطاعات ثلاثة رئيسية هي: الطاقة والنقل والصناعات القائمة على تكنولوجيات المعرفة. وينتظر أن يجتذب القطاع الأول الذي يشمل الصناعات البتروكيماوية والمياه والتعدين مشاريع بقيمة إجمالية تصل الى 300 مليار دولار. وينتظر بحسب المنجد أن يجذب كل من القطاعين المتبقيين 100 مليار دولار. وقال المنجد متوجها لرجال الأعمال الفرنسيين: «أقول لكم: لا تدعوا الفرصة تفوتكم. نريد شراكات معكم». أما حمد السليمان، الذي ركز مداخلته على «القدرة التنافسية للسعودية في المحيط الإقليمي» فقد أكد أن السعودية «دخلت مرحلة جديدة غير مسبوقة» مضيفا أن السعودية «تريد استخدام فائضاتها النفطية ليس للاستهلاك وإنما للاستثمار في القطاعات الإنتاجية». وعرضت في الندوة الإصلاحات المتنوعة التي قامت بها المملكة أو هي بصدد القيام بها. وبحسب هنري غيومان، مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك Calyon، فقد اشار الى رقمين اعتبرهما بالغي الدلالة على خطط المملكة: الأول يمثل الاستثمارات المنتظرة في السنوات الـ 15 القادمة والبالغة 623 مليار دولار مشيرا الى مشروع بناء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية على البحر الأحمر حيث ينتظر استثمار ما لا يقل عن 27 مليار دولار. أما الرقم الثاني فيمثل قيمة المؤسسات التي سيتم تخصيصها في السنوات العشر القادمة والبالغة 800 مليار دولار. وقال غيومين لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية «تمتلك أوراقا رابحة لجذب الاستثمارات الأجنبية رغم المنافسة من قبل بلدان مثل الصين أو الهند أو دول أوروبا الشرقية». لكنه لاحظ أن ثمة «مشكلة» تتمثل في «صورة» المملكة في الخارج والتي يتعين «تصحيحها» وكذلك «حسن التعريف بما هو حاصل في السعودية من تطورات إيجابية رئيسية».