الشركات الهندية تنطلق نحو العالمية عبر أوروبا

تحولت من فريسة للشركات الأجنبية إلى صياد ماهر يقتنص الفرص

TT

نيودلهي ـ د.ب.أ: يمكن استعارة عنوان رائعة الروائي السوداني الطيب صالح «موسم الهجرة إلى الشمال» لتلخيص أحداث عام 2006 الذي يودعنا بعد أيام قليلة بالنسبة لدنيا المال والأعمال في الهند.

فبعد نحو عشر سنوات من انطلاق برنامج الإصلاح والتحرير الاقتصادي في البلاد وقيام كيانات اقتصادية هندية عملاقة في مجالات عديدة شملت الزراعة والتجارة والشاي والصلب، جاء العام الحالي ليشهد اتجاه العديد من الامبراطوريات الاقتصادية الهندية نحو الشمال حيث القارة الأوروبية لتصبح أوروبا قاعدة انطلاق الهنود نحو السوق العالمية.

وبعد أن كانت الشركات الهندية طريدة أو فريسة للشركات الأجنبية العملاقة التي تبحث عن صفقات استحواذ أصبحت تلك الشركات الهندية صيادا ماهرا يطارد الشركات العالمية الكبرى ليستحوذ عليها في إطار بحثها عن مكان لها بين الكبار.

وشهد العام الحالي قفزة كبيرة في صفقات الاندماج والاستحواذ والتي قامت بها الشركات الهندية حيث ضخت تلك الشركات حوالي 20 مليار دولار لتمويل صفقات الاستحواذ مقابل 9.6 مليار دولار العام الماضي. ورغم أن عدد صفقات الاستحواذ الأجنبية التي نفذتها الشركات الهندية خلال العامين الأخيرين بلغت 320 صفقة فإن متوسط حجم أي صفقة زاد خلال الفترة نفسها بنسبة 500 في المائة تقريبا إلى 150 مليون دولار.

وبدا واضحا خلال العام الحالي أن الشركات الهندية لم تعد تركز على الأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا بحثا عن صفقات استحواذ وإنما بدأت تتجه بقوة إلى الأسواق الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة.

ومن أبرز الصفقات التي عقدتها الشركات الهندية خلال عام 2006 استحواذ شركة ميتال ستيل للصلب على شركة أرسيلور الاوروبية، ومقرها لوكسمبورغ بعد معركة شرسة حيث تكونت بذلك أكبر شركة للصلب في العالم. كما نجحت شركة فيديوكون الهندية في شراء شركة طومسون الفرنسية للالكترونيات وشركة دايو إلكترونيكس الكورية الجنوبية في صفقتين بلغت قيمتهما مليار دولار. أما شركة تاتا تي للشاي إحدى شركات مجموعة تاتا غروب فقد اشترت شركة الأغذية والمشروبات الاميركية إنيرجي براندس مقابل 677 مليون دولار، واشترت شركة ألبان ليود الهندية شركة النفط النرويجية الكبرى سينفيست مقابل 425 مليون دولار. واشترت شركة سوزلون إنيرجي شركة هانسون ترانسميشن البلجيكية مقابل 565 مليون دولار.

كما شاركت شركات الأدوية الهندية في سباق الاستحواذ على الشركات الأجنبية حيث شهد هذا القطاع عدة صفقات ضخمة؛ بينها نجاح شركة دكتور ريديز في شراء شركة بيتا فارما الالمانية مقابل 570 مليون دولار وشركة رانباكسي في شراء تيرابيا الرومانية مقابل 324 مليون دولار.

ومع اقتراب العام الحالي من نهايته، تقدمت شركة تاتا ستيل بعرض لشراء شركة الصلب الهولندية البريطانية العملاقة كوروس مقابل 9.2 مليار دولار لتصبح أكبر صفقة استحواذ خارج الهند حال إتمامها. واتسع نطاق صفقات الاندماج والاستحواذ التي كانت قد بدأت عام 2000 على نطاق محلي في الهند خلال السنوات الماضية لتشمل كافة المجالات تقريبا من شركات الفنادق الأميركية إلى شركات الصلب والدواء الأوروبية. وذكر تقرير لبنك إم.إيه.بي.إي الاستثماري «فجأة صار المستثمرون الهنود قوة كبيرة في صفقات الاستحواذ والاندماج في مجالات عديدة مثل الدواء ومكونات السيارات والنفط والغاز».

ويقول أنجان روي، المستشار الاقتصادي لاتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية، إن عددا من الشركات الهندية أصبحت عالمية من خلال صفقات الاستحواذ والاندماج التي ساعدتها في تثبيت أقدامها على الساحة العالمية وفتح أمامها أسواقا عالمية جديدة وحصلت على اعتراف عالمي بمكانتها الدولية.

وفي إشارة واضحة إلى توجه الشركات الهندية نحو أوروبا لتكون قاعدة انطلاق لها نحو العالمية استحوذت أوروبا على 48 في المائة من إجمالي عدد صفقات الاستحواذ والاندماج التي نفذتها هذه الشركات خلال العام الحالي والتي تجاوزت 300 صفقة. ويقول روي إن أوروبا هي الخيار المفضل للشركات الهندية التي تبحث عن العالمية.