خبراء: الأسواق الناشئة ستظل مسيطرة وبورصات الخليج ستتعافى من كبوتها بعد التصحيح

مصرف سيتي غروب يحذر من تأثير عوامل «جيوسياسية» ويتوقع بقاء جاذبية الأسهم

TT

أبدى مصرف سيتي غروب للخدمات الخاصة في تقرير ضمنه توقعاته لاداء الاقتصاد العالمي للسنة الحالية 2007 بان تظل الاسهم افضل الاصول اداء هذا العام في ظل ترشيحات بان تحقق أسواق الأسهم والمال في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية مستوى عال من الأداء. وفي الوقت ذاته، حذر خبراء البنك عملاءه بأن على المستثمرين التأقلم والتكيف مع التحولات الهامة التي ستطرأ: فالعوامل الجيو ـ سياسية (كاضطراب أسواق الطاقة)، والتحولات غير الاقتصادية مهيأة لتصبح أحد أهم العوامل المحفزة للتغيير العالمي خلال السنوات القليلة القادمة. وقال خبراء المصرف ان الأصول العالمية لا تزال خياراً جذاباً في العام 2007 حيث تظهر الشركات أداءً ربحياً مستمراً ومستقراً. ويعزى ذلك إلى الظروف العالمية المشجعة لمفهوم الاقتصاد الكلي (macroeconomics). ففي الوقت الذي تسود فيه التوقعات بتباطؤ الاقتصادات العالمية بعد تحقيقها لأعلى معدلات النمو في 2006، هنالك مؤشرات جوهرية هامة على أن هذه الاقتصادات تنمو بوتيرة مثلى وبشكل يحفظها من التضخم. ويتوقع خبراء البنك استمرار هذه الظاهرة خلال 2007 وربما إلى ما أبعد من ذلك. وبالنسبة للسندات، فقد حظيت بتقييم متواضع وذلك في ظل احتمال محافظة مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على نسب الفائدة الأميركية القصير المدى على حالها (على الأقل حتى منتصف 2007)، مما يعني ارتباطاً وثيقاً لعوائد أدوات الدخل الثابت بـمردود الفائدة على السندات، وهذه، في ظل أسعار المعدلات السائدة للفوائد، لن تظهر ارتفاعاً يذكر في السعر. وفي المقابل يرى المحلل الاقتصادي د. جاسم حسين في حديث لـ«الشرق الاوسط» بانه وعلى الرغم من المؤشرات الايجابية التي تحملها الاسواق الاوروبية هذا العام ودخول اعضاء جدد على الاتحاد الاوروبي الا انه ليس بالضرورة ان ينعكس هذا ايجابا على كل الاسواق الاوروبية بل سنشهد تفاوتا في الاداء بين هذه الاسواق نتيجة التفاوت في النمو وفي ربحية الشركات كما ان استمرار ارتفاع اليورو سوف يضر بالاسهم الاوروبية. ويعتقد حسين بان الاسواق الناشئة ستبقى محافظة على جاذبيتها خلال العام الجاري ولاسيما دول مثل سنغافورة وماليزيا واندونيسيا وايضا هناك توقعات ايجابية بشأن تركيا. ولفت الى ان الارتفاع الذي شهدته اسواق تلك الدول في الفترة الماضية كانت معقولة وطبيعية وستستمر جاذبة في الفترة المقبلة. هذا الامر شدد عليه ايضا منير مكي رئيس شركة فينكورب المالية العمانية في حديث لـ«الشرق الاوسط» معتبرا ان الحذر الذي ابداه خبراء سيتي بنك ازاء اصول واسهم الاسواق الناشئة في غير محله تماما وقال «اعتقد ان انخفاض اسعار النفط الذي شهدناه مؤخرا سيساعد اقتصاديات الدول ككل ولكن بالنسبة لاسواق الاسهم سيبقى العائد على الاستثمار في اسواق الدول الناشئة في المدى البعيد افضل بكثير من مثيلاته في الدول الاوروبية والولايات المتحدة الاميركية خاصة ان الفرص ما زالت موجودة ونمو الاقتصاد يتوقع ان يسير في الفترة المقبلة ايضا على وتيرة جيدة. كما ان الكثير من هذه الاسواق غير مبالغ فيها بمعنى انها تعتمد في ادائها على اجمالي النمو الحاصل في GDP فربحية هذه الاسواق تبقى اعلى خلال الفترة القادمة من الاسواق الاخرى على الرغم من المخاطر الموجودة». واستبعد مكي حصول ارتفاع اكبر لنسبة الفائدة على الدولار خلال العام الجاري وان كان من الممكن ان ترتفع قليلا على اليورو. معتبرا ان السيولة ستبقى متوفرة وستنعكس ايجابا على اداء اقتصاديات مجمل الدول.

ويلفت تقرير سيتي بنك من جهة ثانية الى إن عدم قيام مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بأي تحرك خلال النصف الأول من 2007 ربما يخفف من الاتجاه الهبوطي لسعر صرف الدولار الأميركي على المدى القصير وذلك في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق الاعتماد على معدلات فائدة أعلى في وقت لاحق من العام الحالي. بيد أن هنالك عددا من العوامل الأساسية التي تلقي بظلالها على الدولار الأميركي، ومنها العجز في الحساب الجاري الأميركي، واحتمال قيام المصارف المركزية، والتي يرتكز قسماً كبيراً من أصولها على الدولار، بتنويع احتياطها من العملات. لذا، يتوقع أن يستمر الدولار في الانحدار خلال 2007. ويتوقع محللوا سيتي جروب بأن المعدل الوسطي للعوائد من صناديق التحوط سيكون في حدود 10 بالمائة خلال العام الجاري، وهي زيادة متواضعة بالمقارنة بأدائها المتميز خلال 2006، وهي لا تزال دون المعدل المسجل في العقد الأخير والذي يبلغ 11.4 بالمائة. ونصح خبراء مصرف سيتي جروب للخدمات الخاصة عملاءهم من أصحاب الثروات بأنه سيكون للقوى والعوامل السياسية، وليس مبادئ علم الاقتصاد، أبلغ تأثير على التحولات العالمية خلال السنوات القادمة، وسينعكس ذلك بشكل واضح وجوهري على الأسواق العالمية. وفي هذا السياق، يرى مصرف سيتي جروب للخدمات الخاصة بأن الحاجة الملحة لتطوير أو تأمين مصادر آمنة للطاقة ـ سواء تقليدية (كالنفط والغاز) أو بديلة (كالإيثانول، والطاقة الهوائية والشمسية)، ستتطلب أموالا طائلة. فعلى سبيل المثال، تشير تقديرات سيتي جروب بأن حجم الإنفاق الإجمالي على مصادر الطاقة التقليدية سيزيد عن 15 تريليون دولار بحلول عام 2030، في حين أن تقريراً صادراً عن الحكومة الأميركية يقدر حجم الإنفاق على مصادر الطاقة البديلة بـ 2.6 تريليون خلال العشرين سنة القادمة. ويرى خبراء سيتي جروب برايفت بنك بأن هذا الاستثمار الكبير في قطاع الطاقة هو من بين خطط استثمارية متعددة على المدى البعيد يتوقع لها أن توفر للمستثمرين فرصا استثمارية واعدة. ويتفق المحلل الاقتصادي د. جاسم حسين على ان اسواق الطاقة ستبقى هشة معرضة للهبوط او الارتفاع لاسباب هي بمعظمها خارجة عن ارادة الاسواق معتبرا انه من الصعب التكهن بالاسعار او المنحى الذي ستأخذه على فترة من الزمن. اما فيما يتعلق باداء الاسواق الخليجية فتوقع د. حسين استمرار حركة التصحيح التي كانت قد بدأت العام الماضي. عازيا ذلك الى الارتفاع غير الواقعي الذي شهدته هذه الاسواق في العام 2005. وقال «لا اتوقع ان يكون هناك تداول نشط في مجال الاسهم هذا العام ولكن قد نشهد اداوات استثمارية اخرى مثل العقار على سبيل المثال. كما قد نشهد تأسيس المزيد من الصناديق المتخصصة ان كان في الجانب الصناعي او الاسهم الاوروبية او غيرها. وخاصة ان الصناديق الاستثمارية اثبتت في الفترة الماضية بان المستثمرين من داخلها تعرضوا لخسائر اقل من الاخرين».

ولكن يخالف منير مكي هذه التوقعات معتبرا «ان اسواق دول الخليج ستستقر على هذا المستوى خلال العام الجاري». واذا نظرنا الى الفترة السابقة فقد كانت قيمة الاسهم عالية جدا وهذا امر غير مبرر وكانت هناك اموال كثيرة واسهم قليلة اما ما يحصل اليوم فهو العكس فهناك شركات عديدة لديها اسهم ممتازة ولاسيما في السعودية والامارات. ونحن ننظر الى اسواق دول الخليج بانها تحتوي على فرص جيدة جدا». واضاف مكي «يجب ان لا نتوقف عند التقلبات الحاصلة في الاسواق فقط بل في الاساسيات فقيمة الاسهم على المدى البعيد نامية وهذا يعني ان هناك فرصا جيدة ولكن لمن لديه صبر وتحمل للدخول في هذه الشركات». متوقفا عند الارباح الجيدة التي يحققها العديد من الشركات المدرجة في الاسواق الخليجية. ومن ناحية اخرى اشار مكي الى ان السيولة ستبقى متوفرة في منطقتنا العربية لافتا الى وجود فرص كبيرة في دول عربية تشهد حركة استثمارية مؤخرا مثل الاردن والسودان.