رجل الأعمال السعودي صالح كامل: بنك الاستخلاف سيمول من البنوك الإسلامية والمستثمرين بقيمة 100 مليار دولار

قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: غياب الفرص الاستثمارية المناسبة وراء عودة هجرة الأموال العائدة بعد أحداث سبتمبر

TT

أرجع رجل الأعمال السعودي ورئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، صالح عبد الله كامل، عودة هجرة الكثير من الأموال التي عادت بعد أحداث11 سبتمبر الى السعودية أو عدد من البلدان الإسلامية الى عدم وجودها فرصا استثمارية مناسبة.

وأعلن رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» في جدة عن تحرك لإنشاء بنك إسلامي (بنك الاستخلاف) بتمويل قدره 100 مليار دولار يشترك فيه مستثمرون ومجموعة بنوك اسلامية، وإنشاء شركة «فرص» لاستكشاف الفرص الاستثمارية في دول منظمة المؤتمر الإسلامي بتمويل قدره 200 مليون دولار.

وأوضح صالح كامل ان الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة قطعت ما يقارب 40 في المائة من الخطة العشرية التي اعتمدتها القمة الاسلامية الاستثنائية التي عقدت في مكة المكرمة، مشيرا الى ان الغرفة تحركت بشكل كبير لإنشاء الهيئة العالمية للزكاة. وعزا رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة المساعي لإنشاء هيئة عالمية للزكاة الى الاهتمام بجمع الزكاة حتى لا تضل الطريق إلى أغراض أخرى، مشيرا الى ان كل الزكاة تذهب الآن للفقراء، وأغفلت الأقسام الـ 8 الأخرى التي حددها الله «فأصبحنا أمة من الشحاتين».

وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

* بصفتك أحد المهتمين بالصيرفة الإسلامية والمؤثرين فيها، لم نر مشاريع استثمارية تحل مشكلات الناس لتكون البديل الشرعي للجميع؟ ـ كلامك صحيح، وأنا كرئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الاسلامية أقول إن لدينا مؤتمرا في 8 مايو (أيار) في مملكة البحرين، يجمع بعض اصحاب البنوك ووالعديد من هيئات الرقابة الشرعية، لكي نحاول ان نصحح المسيرة لأن البنوك الإسلامية نجحت في أشياء كثيرة، لكنها لم تنجح في ما ذكرته أنت الآن، فهي لم تتجه للتنمية، وهي مقصد الاقتصاد الإسلامي، فليست مهمة البنوك الإسلامية جمع الأموال من الناس وتصديرها للغرب، فلا بد أن تتوجه الأموال للاستثمار، فالتوجه للغرب حلال، لكنها لم تنم منطقتنا وما شغلنا أولادنا وما كافحنا البطالة، فهذا المؤتمر للنظر في كيفية تصحيح المسيرة وتوجه البنوك الإسلامية للتنمية.

* سحبت أموال كبيرة بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، وكنت من بينهم، وعادت إلى الداخل، لكن مقامها لم يطل كثيرا لتغادر من جديد؟ ـ أولا أنا لم يكن لي أموال في الغرب حتى أسحبها، لأني دائما استثماراتي في الدول الإسلامية. نحن كمجموعة موجودون في 43 دولة إسلامية بفضل الله عز وجل، ويعمل لدينا أكثر من 73 ألف موظف في العالم الإسلامي، فلم يكن لنا أموال في الغرب لنسحبها، وإن كان الاستثمار في الغرب ليس حراماً أو عيباً. وما ذكرته انه كان مجيء ورحيل مرة أخرى، كلام صحيح، لأن ما وجدت الفرص الاستثمارية في المنطقة، ولهذا أنشأت شركة «فرص»، حتى لا يقول الناس لا يوجد فرص للاستثمار، شركة «فرص» تأخذ الدعم وتأخذ العناء والمخاطرة، وتقدم الاستثمار جاهزا «مقشرا»، لمن يرغب في الاستثمار، وحينها نستطيع أن نلوم أصحاب الأموال الذين لا يستثمرون أموالهم في الدول الإسلامية، الآن لا نستطيع أن نتوجه لهم باللوم، لأننا مقصرون، وما أوجدنا الآليات التي تستوعب هذه الأموال الضخمة التي رزقنا بها الله سبحانه وتعالى.

* الى أين وصلت خطتكم العشرية الخاصة بالغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والتي حدد لتنفيذها 10 سنوات؟

ـ جاءت خطة الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة نتيجة مؤتمر القمة الاستثنائي في مكة المكرمة ونتيجة مؤتمر وزراء الخارجية المسلمين الذي عقد في أذربيجان في يونيو (حزيران) 2006، واستطعنا خلال سنة واحدة أن ننفذ 30 إلى 40 في المائة من الخطة العشرية، وهذا بتوفيق الله، ثم دعم خادم الحرمين الشريفين، ورؤساء الدول الإسلامية التي زرتها خلال العام الماضي، وهي نحو 20 دولة، فمثلا عندنا من أهم آليات الخطة، الهيئة العالمية للزكاة، وقد أعلن في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، عن إنشاء الهيئة العالمية للزكاة من قِبل رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي، ورئيس وزراء ماليزيا أحمد عبد الله بدوي، والـ20 دولة التي قابلت المسؤولين فيها وكلهم كان عندهم التشجيع وإعطاء الموافقة المبدئية، وبدأنا مع الدول دولة دولة، فمثلا السعودية، الملك عبد الله بن عبد العزيز أحال الموضوع إلى هيئة كبار العلماء، وتشرفت بالمثول أمام الهيئة، وشرحت عن هيئة الزكاة، ووجدت من أصحاب السماحة تفهما كبيرا، والموضوع الآن لديهم، واجتمعت الهيئة العالمية للزكاة بعلماء تونس، وشيخ الأزهر ومفتي مصر، ووقعت اتفاقيات فعلا مع جمهورية موريتانيا، السنغال، بنين، وبقية الدول في الطريق.

* وعلى ماذا تقوم فكرة هذه الهيئة وما هي ابرز ملامح تحركها؟

ـ فكرة الهيئة العالمية للزكاة أن الزكاة الركن الثالث للإسلام، ولا يوجد مسلم يجحد الزكاة، لكن معظم المسلمين يجهلون الزكاة، ويجهلون آثارها الاقتصادية، لهذا فكرت الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة بإنشاء هيئة علمية للزكاة تهتم بجمع الزكاة حتى لا تضل الطريق إلى أغراض أخرى، هذا أولا، وثانيا، لتعميق شعور التكافل بين المسلمين، والتجار أعضاء الغرف التجارية الذين هم أعضاء الغرفة التجارية الإسلامية للصناعة والتجارة، هم بفضل الله الذين عندهم الأموال، ويجب أن نتثقف وأن نتعلم مقاصد الزكاة وليس فقط أن نحسب الزكاة، وعندنا في مملكة البحرين، في 5 و6 و7 مايو (أيار)، مجمع الفقه الإسلامي يعقد جلسة على مدى 3 أيام لمناقشة مواضيع هيئة الزكاة، ومناقشة المواضيع المستجدة حتى نحصل على موافقة من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

* وكيف وجدتم مواقف الدول لهذه المشروع؟ وما هي المعوقات التي واجهتكم؟ ـ الزكاة من علامات السيادة، في كل دولة، هناك دول تجمع الزكاة مثل السعودية والسودان، وهناك دول تخلت عن جمع الزكاة، لكن حتى الدول التي تخلت عن جمع الزكاة، لا بد أن نحصل على موافقة الحكومة فيها على التنظيم الإداري الذي سيتم من خلال الغرف التجارية في المدن، حتى نستفيد من تجميع الزكاة بدلا من نقطة لا تروي العطشان، لكن إذا تجمعت تعمل سيلا، والأمر الثاني، حتى لا يُساء استخدام الزكاة، لأن فيه مجلس إدارة، ومحاسبا قانونيا، ودفاتر، وأشياء، لذلك يكون التصرف في الزكاة كما أراد الله سبحانه وتعالى، وان نصرف على الـ8 أقسام التي حددها الله تعالى في القرآن الكريم، ولم يترك تحديدها لبشر، والآن نحن نغفلها، وكل الزكاة تروح للفقراء، فأصبحنا أمة من الشحاتين.

* هل تم تحديد أماكن صرفها في الاتفاقيات؟ ـ أماكن صرفها ربنا حددها، ولكن في نحن الهيئة العالمية للزكاة نختص بدول منظمة المؤتمر الإسلامي.

* ضمت اجندة الاجتماعات الخاصة بالغرف الإسلامية إطلاق شركة فرص الاستثمارية فما هي أبعاد هذا المشروع وحجم تمويله؟

ـ كان هذا هو الإنجاز الثاني الذي تحقق لنا، وهو إنشاء شركة لاستكشاف الفرص الاستثمارية في دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وأنشئت شركة فرص للاستثمار برأسمال 200 مليون دولار، في السعودية، ويشارك فيها من كل أنحاء العالم الإسلامي، إلى الآن جمعنا 100 مليون دولار، فقط من 3 دول: السعودية، الكويت، وموريتانيا، وبقية الدول ستكون لها مساهماتها حتى لو زدنا رأسمال الشركة، شركة «فرص» هذه أنشئت شركة «فرص» الموريتانية برأسمال 4 ملايين دولار، ومهمة شركة فرص الموريتانية أن تبحث أو تضع خارطة للاستثمار في موريتانيا، ثم تبحث عن الفرص وتأخذ ترخيص من الحكومة، وتبدأ في التنفيذ، ثم تبحث عن مشترين للمشروع، وبذلك نكون سهلنا عليهم، ولذلك نهتم بالسوق الأولية، قد نبيع عند بداية التنفيذ، وقد نبيع عند النهاية، وقد ننتظر حتى نجاح الشركة وتحويلها إلى مساهمة عامة، ومتى حققت ربحا يتم بيعها. فشركة «فرص» من أهم الآليات في الخطة، وستنشئ مئات الشركات للاستثمار في كل العالم الإسلامي.

* هل ترى أن 200 مليون دولار كافية لشركة بهذا الحجم؟ ـ هي شركة للبحث عن الفرص، لكن لن تتملك، لذلك هي أكثر من كافية، والذي يكمل شركة «فرص» من الآليات بنك الإعمار الدولي، أو بنك الاستخلاف، هذا البنك سيظهر للوجود خلال 2007، وتصل موارده بالتدريج إلى 100 مليار دولار.

* على ماذا تعتمد فكرة إنشاء بنك الاستخلاف؟ وما هي الجهات التي ستساهم فيه؟

ـ هذا البنك يعمل بالطريقة الإسلامية، ومهمته الأساسية الاستثمار وليس التمويل، في كل المجالات، وشركة «فرص» ستكون ذراعا لهذا البنك لكي تبحث عن الفرص، وستساهم في إنشائه البنوك الإسلامية والأفراد الذين عندهم ثروات كبيرة، وله أربعة مصادر للأموال: أسهم الإدارة، أسهم الاستثمار العام، أسهم الاستثمار المخصص، والصكوك التي يصدرها وتمثل مشاريع قائمة، ومن هذه المصادر الأربعة يستطيع أن يصل إلى 100 مليار دولار، وسيكون بنكا مستقلا وستنشئه البنوك الإسلامية ورجال الأعمال الذين يرغبون، لكن ليس تابعا لأحد.

* وما هو دوركم في هذا البنك؟ هل تمثلون الغرف الإسلامية، أم ماذا؟ ـ نحن المروجون، لكننا لسنا المؤسسين، نحن مَن بدأ الفكرة، ونجمع لها الناس، لكن ليس عندنا فلوس كغرفة إسلامية، ولا كمجلس عام، وسيكون المساهمون بنوكا إسلامية كما قلت، ومجموعات استثمارية، والرغبات التي وصلت لنا الآن كبيرة بفضل الله تعالى، لأنه سيبدأ بمليار دولار أسهم الإدارة، و10 مليارات دولار أسهم الاستثمار العام.

* متى سيتم الإعلان رسميا عن هذا البنك ليبدأ في مزاولة نشاطه؟

ـ أتوقع أنه خلال 2007، نكون قد انتهينا من اجراءات التأسيس، بحيث أنه في أوائل 2008 يكون العمل، ونحن الآن في مفاوضات مع عدد من الدول لكي يتم إنشاء مقره فيها، ربما في السعودية أو دبي أو البحرين أو ماليزيا. ما زلنا في مفاوضات مع هذه الدول، وهو قرار سيادي يعود للدولة التي نتحدث معها، ونحن في تفاوضنا مع دولة المقر، نريد أن تكون شروط معينة متوفرة، سوق مالية نشطة، وان يسمحوا للصكوك بالتداول وأن تشتريها البنوك، ويكون فيه شركاء من البنوك في هذه الدولة.

* ما هو التوجه الاستثماري الذي ستركزون عليه من خلال البنك والشركة؟ ـ الاستثمار في كل شيء، لكن من المعايير الأساسية كمية فرص العمل التي ستتيحها هذه الشركة، وماذا تنتج، وهل ستساعد في زيادة التصدير من هذه الدولة، وهل ستساعد في التقليل من الاستيراد لهذه الدولة، وأن تكمل الشركات بعضها بعضا في العالم الإسلامي، وأن نكون متكاملين لا متنافسين. هذه توجهاتنا الرئيسية للاستثمار، ويشمل الاستثمار ابتداء من التكنولوجيا وتشجيع الاختراعات والأبحاث،مرورا بالاستثمار التقليدي الزراعي والصناعي والتجاري.

* وماذا تبقى لديكم من الخطط التي تعد من الأولويات في أجندتكم؟

ـ بشكل عام الهيئة أو الشركة والبنك يمثلون العمود الفقري للخطة، وهي التي ركزنا عليها، وبقية الآليات من إنشاء شركة، إلى تدريب العمالة وتوظيفها في العالم الإسلامي، وإنشاء شركة تنمية السياحة بين دول العالم الإسلامي، وإنشاء مناطق حرة، كل هذه الآليات مهمة، يعتمد نجاحها بعد الله عز وجل على إنشاء شركة «فرص»، وإنشاء البنك، والهيئة العلمية للزكاة.

* نوقش خلال اجتماعات المنظمة موضوع «تأشيرة مكة»، فماذ تقرر بشأنها؟

ـ هي الآن اسمها تأشيرة أصحاب الأعمال في دول منظمة المؤتمر الإسلامي، الـ20 دولة التي زرتها أبدت الموافقة عليها، الآن نحن بصدد إعداد الاتفاقيات حتى توقعها الدول، دولة دولة، في السعودية صدر أمر خادم الحرمين الشريفين لوزارة الداخلية والخارجية والتجارة والهيئة العامة للاستثمار، وهناك اجتماعات مكثفة بيننا وبينهم، ستكون أول اتفاقية مع المملكة العربية السعودية، وتليها بقية الدولة، وقد عينا أمين عام لاتحاد أصحاب الأعمال لشؤون العضوية والتأشيرة اللواء مرزوق الروقي، وكان مدير جوازات في الرياض والمدينة، ولديه خبرة كبيرة في موضوع التأشيرات والجوازات، هو الآن مسؤول عن متابعة إجراءاتها.

* وعلى ماذا تعتمد فكرة هذه التأشيرة؟

ـ أن يكون لديك كصاحب عمل تأشيرة طويلة المدة ومتعددة السنوات، تسهل انتقالك بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي إذا أردنا زيادة التبادل التجاري، وأردنا التبادل السياحي، وغير ذلك، فكيف يتم هذا إذا كان التنقل ليس بالسهل، فلا بد من تنقل أصحاب الأعمال بسهولة بين الدول إذا أردنا كل ما ذكرناه.