لبنان يبحث عن موارد لسد نقص المياه مع تراجع كميات الأمطار

مشاريع التخزين والسدود عطلتها الخلافات السياسية

TT

أكد مصدر مسؤول في المرصد الجوي التابع لمطار رفيق الحريري الدولي لـ«الشرق الأوسط» أن كميات الأمطار التي هطلت على لبنان في موسم الشتاء تدل على أن العام 2006 – 2007 كان عاما يتسم بتراجع الامطار بالرغم من الفروقات الكبيرة بين الكميات الهاطلة في بيروت والمناطق الاخرى، وحتى داخل العاصمة نفسها وداخل المناطق نفسها.

ويشير المصدر الى ان الكميات التي هطلت على بيروت حتى الآن بلغت 73.8 ملم مقابل معدل عام يبلغ 860 ملم، اما منطقة الغولف المحاذية لجنوب العاصمة فقد بلغت كمية الامطار التي هطلت فيها 769.9 ملم، وعلى مستوى المناطق بلغت الكميات في مدينة طرابلس الشمالية 770.4 ملم مقابل معدل عام يبلغ 802 ملم، في حين بلغت الكميات في وسط منطقة عاليه 1149.3 ملم. وهكذا يتضح ان موسم الشتاء الحالي كان بالغ التمايز من جهة، ودون المعدل العام الإجمالي من جهة اخرى.

ويتسبب تراجع هطول الامطار عادة بنقص في مياه الشرب يقدره المدير العام للموارد المائية والكهربائية فادي قمير بنحو 690 مليون متر مكعب، وقد يرتفع هذا النقص الى اكثر من 800 مليون متر مكعب في العام 2015 بفعل التسخين الحراري.

ويعتبر قمير ان تراجع كميات الامطار ليس هو السبب الوحيد للنقص، بل يشير بصورة اساسية، الى الهدر المائي، الذي يرده المدير العام الى «مجموعة من العوامل ابرزها ظواهر التبخر، تسرب جزء من المياه السطحية والجوفية الى الدول المجاورة والبحر، عدم وجود محطات لمعالجة المياه المبتذلة، اللجوء الى وسائل ري بدائية، والتلوث الناجم عن الافراط في استعمال مبيدات الحشرات والأسمدة والتلوث الصناعي».

ولا يغفل قمير الاستغلال غير المشروع للمياه الجوفية وتأثيره على النقص، وهو يقول في هذا الصدد: من اصل 300 ألف بئر ارتوازية فردية وجماعية هناك نحو 50 الف بئر شرعية فقط تلتزم الشروط التي يحددها القانون، الذي يفرض ان تكون البئر الارتوازية بعيدة عن أي نبع الف متر على الأقل، أما الباقي فكلها حفرت اثناء الحرب (1975 ـ 1990).

ويذكر قمير أن الحكومة اللبنانية وعت ضرورة ترشيد استعمال المياه وادارتها بشكل جيد، فأقرت عام 1999 استراتيجية عشرية تهدف الى تجنب هدر الموارد المائية، وتأمين موارد اضافية من خلال التخزين والبحث عن مخزونات جديدة، وتنفيذ مشاريع لمعالجة المياه المبتذلة واستخدامها في الري، وقدرت كلفة هذه الاستراتيجية بملياري دولار، ولكن هذه الأموال سرعان ما انحرفت نحو مشاريع غير مدروسة، وغير مستدامة قامت لأهداف سياسية انتخابية.

وفي العام 2001 تبنت الحكومة استراتيجية عشرية لإقامة 30 سداً وبحيرة اصطناعية في مختلف المحافظات لتخزين المياه السطحية، وقد خصصت موازنات لهذه المشاريع الا انها لم تصرف في المكان المحدد لها، بحيث توقف مشروع سد «ضهر البيدر» (في البقاع) بعد تلزيمه، فيما توقفت الاعمال في سد العاصي على الحدود مع سورية (يخزن 27 مليون متر مكعب مع معمل كهربائي) بسبب مغادرة الشركة الصينية المنفذة لبنان. ومن اصل مجمل المشاريع المقررة يجري تنفيذ سدين فقط، احدهما (سد شبروح الواقع في جرود كسروان) أوشك على الانتهاء، ومن الممكن ان يسلمه الكونسورتيوم الفرنسي – اللبناني في شهر أغسطس (آب) المقبل بعد اجراء اعمال منع النش. وبإمكان هذا السد ان يخزن نحو 8 ملايين متر مكعب من الماء سنوياً، اي بمعدل 60 الف متر مكعب يومياً».