عبد الرحمن الزامل: المنتدى الاقتصادي السعودي الإماراتي.. «سوق واحدة بعدة مدن»

رئيس مجلس إدارة مركز تنمية الصادرات السعودية لـ«الشرق الأوسط»: علينا استغلال التجمع المقبل بالمصارحة والمكاشفة والانفتاح

TT

قال الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس إدارة مركز تنمية الصادرات السعودية ورجل الأعمال المعروف، إن قطاع الأعمال السعودي والإماراتي أمام موعد لتعزيز سوقه الواحدة والانطلاق إلى الاستفادة القصوى من كافة مكونات البلدين ومقومات المدن الأخرى، متطلعا إلى زيادة ضخ الاستثمار في مدن أخرى بين الدولتين، كالدمام وجدة وأبوظبي والشارقة وغيرها.

وأكد الزامل، الذي يتهيأ الآن للإعداد والمشاركة في المنتدى الاقتصادي السعودي الإماراتي، الذي تنظمه صحيفة «الشرق الأوسط» خلال منتصف هذا الشهر، ضرورة استغلال مكونات الأعمال للتجمع المقبل بالمصارحة والمكاشفة والانفتاح والحديث عن العلاقات الاستثمارية والتجارية المشتركة، بما فيها ما يعترضها من إشكاليات وصعوبات وعقبات، لاسيما مع حضور حكومي منتظر، واعتماد وضع حلول جذرية لما يعتري قطاع الأعمال من مصاعب.

وشدد الزامل على أهمية المنتدى الاقتصادي، حيث يراها نابعة من طرفين رئيسيين من أطراف دول الخليج، تمثلان أكثر من 75 في المائة من اقتصاد دول الخليج، في الوقت الذي ستحمل فيه (المنتدى الاقتصادي) ملفين مهمين هما تعزيز التجارة وآفاق الاستثمار، بينما اعتبر فيه السوقين: «سوقا واحدة بعدة مدن» نتيجة لتزاوج الشركات وارتباط المستثمرين من البلدين مع بعضهم بعضا.

وتوقع الزامل عبر حواره مع «الشرق الأوسط» أن يكون المنتدى الاقتصادي نقلة نوعية ويصل بحلول استراتيجية، حيث قال «على الصناعيين والتجار والعقاريين الاستفادة من هذا التجمع وأن يكونوا صريحين مع أنفسهم والإدلاء بما لديهم»، لافتا إلى أن هناك ملفات مهمة لبعض الأنظمة المحلية لابد أن تراجع.. وإلى باقي نص الحوار:

* هل ترى أن الوقت قد حان لمبادرة عمل ملتقيات متخصصة بين دولتين، كما هو واقع حال المنتدى الاقتصادي السعودي الإمارتي، الذي تنظمه «الشرق الأوسط» هذا الشهر، وتشارك فيه شخصيا؟

ـ تعودنا أن تكون مثل هذة المنتديات، إما تحت غطاء الحكومات أو غطاء الغرف، ودائما مثل هذا التنظيم الرسمي أو شبة الرسمي يعطي صفة المجاملة بين المتحدثين، فالكل يحاول عدم تخطي الخطوط الحمراء، في حين تتعزز التوقعات بمثل هذا التنظيم من قبل جريدة «الشرق الأوسط» كبادرة ودعوة إلى المصارحة ودعوة إلى الانفتاح للحديث عن العلاقات المشتركة بين البلدين. وهنا، لا بد أن نسجل حقيقة البادرة الإيجابية من قبل جريدة «الشرق الأوسط»، خاصة أن هذه المطبوعة هي جريدة من الصحف القيادية في الإمارات والسعودية، وهي جريدة خليجية واتمنى عليها أن تستمر في تنظيم مثل هذة المنتديات مع الدول الخليجية الأخرى في الرياض.

* وماذا عن معطيات أهمية مثل هذه الملتقيات المخصصة؟

ـ أهمية مثل هذا المنتدى نابعة من أنه منتدى بين طرفين رئيسيين من أطراف دول الخليج، الإمارات والسعودية، التي تمثل حوالي أكثر من 75 في المائة من اقتصاد دول الخليج، بينما 25 في المائة موزعة على بقية الدول الأربع الخليجية، في حين تبلغ قيمة التبادل التجاري الخليجي 29 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم جدا، فالتجارة بين الدولتين رئيسية، كما هو حال الاستثمار أيضا. ولعلها فرصة طيبة بمناسبة المنتدى الاقتصادي السعودي الإماراتي، أن أوضح أن التصور القائم بأن استثمارات السعودية في الإمارات بمكوناتها المؤلفة من 1500 شركة وعشرات المصانع والشركات العقارية، تمثل 40 في المائة من سوق الإمارات للعقار، في حين أن الصناعيين كل يوم ينشئون مصانع، هو صحيح ولكن يجب أن ندرك أن هناك استثمارات إماراتية في السوق المحلية السعودية، بل هي استثمارات ضخمة في قطاعات مختلفة، والإماراتيون نشيطون في قطاع الاستثمار الصناعي، وكذلك لهم في القطاع العقاري دور كبير.

* (مقاطعين) أعطنا أمثلة لتؤكد على الحضور الإماراتي في مجال الاستثمار داخل السعودية؟

ـ أهم استثمار لهم الآن إعمار مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، التي تعد استثمارا رئيسيا واستراتيجيا ضخما جدا، وكذلك استثمار الإمارات في الاتصالات أيضا هو الآخر ضخم جدا، تصور أن مثل نوعية هذه الاستثمارات تعطي قوة دفع كبيرة للتزاوج بين سوقين، فعند القول إن أكبر شركات قيادية في الإمارات كالاتصالات وإعمار كلها استثمارات إستراتيجية، لا بد أن ندرك في المقابل أن الاستثمار يبحث عن أرض خصبة وليس السبب الذي يعيق الاستثمار «العقد والبيروقراطية» فالاستثمار يتنقل للحاجة.

* وأنت الصناعي والمصدر ورجل الأعمال السعودي، وقبلها مسؤول حكومي، كيف يمكن أن تبرر اهتمام قطاع الأعمال الإماراتي للحضور في السوق السعودية؟

ـ كما ذكرت الإماراتيون يقومون باستثمارات ضخمة داخل السعودية ليس بسبب عقد إدارية أو مشاكل بيروقراطية في بلدهم ولا لمحدودية السوق عندهم، وهم بحاجة إلى السوق السعودية للعمق الإستراتيجي، فبالنسبة لشركة اتصالات الإمارات عندما دخلت سوق السعودية أعطتها قوة كبيرة جدا وأهلتها لأن تصبح شركة إقليمية ضخمة، ونفس الشيء شركة إعمار، التي تستثمر في كل العالم ولكن استثماراتها في السعودية ضخمة جدا وتقدر بمليارات الريالات.

* إذن أنت تؤمن بمبدأ التكامل والتزاوج بين أسواق دول الخليج، وعلى وجه التحديد السعودية والإمارات؟

ـ سوقا الإمارات والسعودية هما السوقان الرئيسيان، وأنا أعتبرهما سوقا واحدة نتيجة لتزاوج الشركات وارتباط المستثمرين من البلدين مع بعضهم بعضا، فالذي يطور العقار في الشارقة وغيرها من المناطق هم السعوديون باستثمارات كبيرة، ونحن الآن نعيش مثالا آخر، وهو انفتاح سوق أبو ظبي، حيث تغيرت الأمور وبدأت بعض القيود في المرونة، فبعدما كانت الحكومة تشترط الترخيص لأي مشروع صناعي أو استثماري في أبو ظبي بأن يكون مع شريك إمارتي بنسبة 51 في المائة وهو مخالف للاتفاقيات الخليجية، نجحنا نحن في شركة الزامل للاستثمار الصناعي (الحديد)، باتصالات مباشرة مع المسؤولين على رأسهم ناصر السويدي، متزامنا مع قرار مجلس الوزراء باعتماد قرارات السماح للخليجيين الترخيص بنسبة 100 في المائة، كما صدر مؤخرا قرار تأسيس مصنع الزامل للحديد في أبو ظبي، وهذا أول استثمار خليجي 100 في المائة مملوك من قبل سعوديين، إذن نحن لا بد أن نستفيد من مناسبة الملتقى السعودي الإماراتي وأن يكون شفافا.

* وماذا تأمل شخصيا في مناقشته من موضوعات خلال المنتدى؟ ـ أتطلع للتركيز على مناقشة موضوعات الاستثمار وانتشاره وتوسعه والاستفادة من كافة المكونات، حيث آمل في السماح بالاستثمار في جدة وأبو ظبي وأم القوين والشارقة والدمام وباقي المدن الأخرى، وهذا المنتدى سيكون نقلة نوعية، وقناعتي أن يستطيع الجميع التحدث عن سوق واحدة خليجية بعدة مدن، بمعنى أننا لا نتحدث عن دول الشركاء في أي شركات قيادية في الخليج يمتلكها شركاء من جميع أبناء الخليج.

* يواجه قطاع الاستثمار في البلدين بعض المشاكل والعقبات، رغم كل التطورات التي حصلت مؤخرا، ولكن كيف ترى فرصة الإدلاء والتصريح بكل تلك الإشكاليات للمسؤولين الحكوميين؟

ـ وهنا تكمن أهمية المنتدى الاقتصادي بتجمع هؤلاء المستثمرين للبلدين وذلك للتباحث وتفعيل عنصري المنتدى الاقتصادي، وهما تعزيز التجارة وآفاق الاستثمار، حيث أصبح المستثمرون من البلدين مواطنين في كل المناطق الخليجية، وعليه نتطلع لطرح مشاكل المستثمرين السعوديين والإماراتيين أمام المسؤولين للنظر فيها، وأتمنى أن يكون المستثمرون السعوديون في العقارات صريحين مع أنفسهم وأن يطرحوا حلولا واقعية، وطرح تساؤل ما هي العوائق في المجال العقاري، وكذلك الأمر للصناعيين، وحتى الجانب الإماراتي، لا بد من التساؤل هل يواجهون عوائق عند دخول استثماراتهم للسعودية، لا بد من وضع كافة العقبات على طاولة النقاش للرد عليها من قبل مسؤولين على مستوى الجانبين السعودي والإماراتي.

* كيف يمكن أن تربط لنا العلاقة التكاملية بين سوقي السعودية والإمارات وأهمية هذا المنتدى؟

ـ الهدف من إقامة المنتدى أن يعطي حلولا واقعية وإستراتيجيه تخدم المستثمرين بين البلدين، خاصة من لديهم مصالح مشتركة، وتبرز أهمية المنتدى في عدد الساعات المعينة الصباحية، كون البرنامج المعد سيتحدث ضمن أحد أيامه عن تعزيز التجارة، وهذا شيء رئيسي للتجارة، وهي المحك، حيث تقوم الإمارات بتدوير الصادرات وإعادة الصادرات النفطية بنسبة 40 في المائة، ونحن نصدر عن طريق الإمارات إلى العالم، وهي سوق في غاية الأهمية، حيث تمثل صادراتنا بالمليارات، في المقابل إعادة الصادرات من دبي للسعودية ضخمة، والسعودية بالنسبة للإمارات تمثل العمق لأي تجارة نحو الدول العربية، حيث تمر في السعودية فتكون بذلك تهم التجار الإماراتيين ان يكونو مشاركين وأن يكونوا حاضرين وان يطرحوا النقاط والمشاكل التي يواجهونها في هذا المنتدى.

من هذا المنطلق يعتبر المنتدى فرصة إستراتيجية لكبار رجال الأعمال ومتوسطي الأعمال أن يعرفوا بعضهم بعضا، بل أعتقد أن تكون إنتاجية المنتدى الاقتصادي أكثر من الملتقيات العامة لأنه سيركز على نقاط محددة تهم بلدين معنيين ومستثمرين معنيين ويريدون حلولا مستعجلة، لارتكاز المنتديات على فرص مهمة في عمليات تطويرية لبحث المشاكل وحلها في أسرع وقت.

* وهل ترون إمكانية تعميم فكرة المنتدى الاقتصادي؟

ـ بالتأكيد في المستقبل القريب، نأمل في أن يقام منتدى خاص مع دولة الكويت لأنه يعتبر مدخلا مهما للعراق، كما أن الكويتيين اليوم نشيطون في السوق السعودية وكانوا منتشرين استثماريا في العالم والآن بدأوا في السوق السعودية.

* ولكن هل تتوقعون أن تتجاوب القيادات الإدارية في الدولتين مع مطالب قطاع الأعمال في البلدين؟

ـ لا بد أن أعترف، من خلال تجاربي الشخصية، بأن قيادتنا الإدارية في دول الخليج قيادات متجاوبة وتعتمد على الحلول ولا تحكمها العقلية البيروقراطية، التي كنا نتوقعها، بل إن الحلول العلمية على مستوى الوزراء والوكلاء تقدم يوميا. وأنا على قناعة تامة بأن التوصيات والأفكار ستجد آذانا صاغية من الطرفين، ولعلي استذكر أن أبو ظبي اتخذت قرارا في الصيف الماضي بمنع استيراد التمور السعودية وبقليل من الاتصالات بين المصدرين ومعرفة الوقائع اتخذت قيادة أبو ظبي، القرارات الإصلاحية، وهو الأمر الذي يؤكد مدى استجابة القيادات للطلبات والنداءات في الإصلاح الإداري. وهذا الأمر الذي نجده في السعودية، فمثلا كانت الشكاوى كثيرة على الحدود، لاسيما ما يخص تفتيش السيارات، وحاليا تجاوبت السلطات المختصة واستثمرت مئات الملايين لبناء محطات الكشف الإلكتروني وبات القاصي والداني يشكر قطاع الحدود نتيجة التسهيلات الرائعة التي الآن بدأت تقدم، وهذا كله نتيجة المبادرات التي يأخذها رجال الأعمال بجدية عبر الملتقيات، فعلى هذا القطاع الإعداد وتحديد العقبات ووضع الحقائق.

* ما هي أبرز الملفات الاقتصادية التي تتوقع أن يبرزها المشاركون في المنتدى؟ ـ أعتقد أن هناك جملة من الموضوعات التي ستطرح وأكثر المشاكل التي أسمعها من التجار المصدرين والموردين هي صرامة السعودية على المواصفات، حيث لا تقبل منتجات مخالفة للمواصفات أو مخالفة للأمور الصحية، والعكس صحيح حيث أن بعض المنتجات غير المطابقة للمواصفات منتشرة في مناطق الإمارات، رغم محاولات محاربتها، كما أن القطاع التجاري مطالب بالتسهيلات وانا أتوقع من الإمارتيين ان يثيروا موضوع فتح الاستثمار في المجالات الاقتصادية كلها مثل البنوك والتأمين مثل سوق الأسهم عموما وأيضا للعقار الذي يفترض أن يكون في الخليج ولكن بضوابط معينة. أعتقد أن السعوديين سيثيرون موضوع الوكالات الحصرية، يعني لا تستطيع أن تصدر للإمارات إلا من خلال الوكيل مع ان هذا الوضع غير موجود في السعودية. كما أتصور أن يطرح السعوديون موضوع توحيد الإجراءات والأنظمة في الإمارات المختلفة بالإمارات، حيث لا توجد قوانين فيدرالية مشتركة متفق عليها بين جميع الإمارات.

* هل تشتكون من شح أو ضبابية في معلومة عن آفاق الاستثمار بين السعودية والإمارات؟

ـ طبعا المستثمر السعودي يتحدث في المنتدى عن تطلعاته المستقبلية في الإمارات والعكس صحيح، وأنا متأكد من أن الكثير من المستثمرين السعوديين في الإمارات سيطرحون مشاكلهم في الاستثمار، في المقابل أتوقع من المستثمرين السعوديين في الإمارات بحكم الحجم الذي يقدر بالاول بين حجم الاستثمارات الدولية هناك، أن يكونوا حريصين وأن لا يخجلوا من أن يتحدثوا عن مشاكلهم.

* لماذا نرى الاستثمار السعودي محصورا في قطاع الخدمات في المقابل خفوت الحيوية في الصناعة أو التجارة في الإمارات؟

ـ لأن النظام في الإمارات لا يسمح بالتجارة وفتح المتاجر كالنظام في السعودية، فلا يسمح للإماراتي أن يفتح وكالات تجارية. النشاط التجاري في كل بلد محصور بمواطنيه وهذا أحد العوائق التي يجب أن تحل، وهو موضوع اشتراط الوكالات الحصرية على دول الخليج. والإمارات ترفض أن تطبق هذا القرار ومنع حركة التبادل إلا بسماح الوكيل الإماراتي، وهو الأمر الذي نرغب في القضاء عليه، حيث سيؤثر في التبادل التجاري على مستوى الوكالات التجارية، والضرورة ملحة لإزالة العقد فنحن نحتكر 40 في المائة من سوق المباني الجديدة مثلا في الإمارات، إذن لا يمكن أن أترك العميل الإماراتي، وعلي في ذات الوقت تأسيس مصانع في الإمارات وتعزيز مركزي الأساسي في السعودية لتلبية احتياجات العملاء هنا وهناك.