شركات التحصيل الإلكتروني

TT

تحدثت في مقال سابق من الأسبوع قبل الماضي في هذه الزاوية عن معاناة مجتمع رجال المال والأعمال والمجتمع السعودي عامة من مشاكل تحصيل الديون وعن الأثر السلبي لذلك على الاستثمارات الأجنبية، في مقال كان بعنوان «إلى مجلس الشورى: مجانية التقاضي ضيَّعت الحقوق!»... واقترحت أن تقوم هيئة التحقيق والادعاء العام بمطالبة المماطلين المقتدرين على الوفاء بتكاليف التقاضي، إضافة إلى تحميلهم تكاليف التحصيل. وكنت أنوي هذا الأسبوع أن أكتب عن أهمية تفعيل دور شركات متابعة تحصيل الديون التقليدية. لتكون لدينا صناعة متخصصة ومنظمة في مجال خصم الديون وتحصيلها، بحيث يجد المقترض جهة يعول عليها في تحصيل دينه. وإذا صدَرَ الحكم بإدانة المدين وإلزامه بالسداد، يتضمن الحكم دفع المدين تكاليف التحصيل. وعلى وجه الخصوص المدينين المماطلين لديون القروض الحسنة وكفلاء القروض المصرفية وكفلاء قروض شركات التقسيط.. لكنني وبمتابعة ردود فعل المقال الأول، وجدت من بين الحلول التي ذكرني بها أحد الإخوة مشروع يساهم في تسهيل مهمة تحصيل الديون، وبطريقة سهلة وآمنة ومضمونة (بإذن الله) وهو مشروع التحصيل الإلكتروني. ففي البداية بدأ المشروع الأساسي للتحصيل الإلكتروني «سداد»، الذي تقوم عليه مؤسسة النقد العربي السعودي، والذي يستهدف في البداية خدمة كبار العملاء مثل شركة الكهرباء والاتصالات وموبايلي ووكالات السيارات الكبيرة. وينتظر له أن يستقطب شركات كبيرة أخرى. كما ينتظر لـ«سداد» أن يسهل مهمة شركات أخرى لتعطى جزءاً من سوق التحصيل الإلكتروني (Segment Market) للقيام بخدمات التحصيل للشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، مثل مؤسسات تقسيط القروض الشخصية وقروض التأجير طويلة الأجل للسيارات والمعدات. وهذا النوع الآخر من شركات التحصيل تقوم على تحصيل الأقساط المستحقة إلكترونياً، وهي شركات ستكون لها مشاركة أو تقاسم في سوق التحصيل الإلكتروني لتكون المشاركة بين هذه الشركات وبين مشروع «سداد» الذي بدأ بالفعل يقدم خدماته. والأمر الطبيعي هنا، أن المجتمع السعودي وكما اقتنع بالخدمات المصرفية الإلكترونية لفواتير الخدمات العامة، فإنه وبدون أدنى شك سيقبل ويقتنع باقتناء خدمات السداد الإلكتروني للأقساط.. والمسألة مسألة وقت. فمن إيجابيات هذا المشروع أنه سيقلل من السيولة المتداولة في أيدي الناس، ويزيد من توفر النقد وقدرة البنوك على الإقراض، لأن الناس لن تحتاج لسحب النقود من البنك لسداد ما يستحق عليها من أقساط، مما ستكون له انعكاسات إيجابية على السوق المالية، والذي ينبغي التأكيد عليه هنا: أننا بحاجة إلى تهيئة هذه الخدمـات وتعريفها ومميزاتها ومخاطرها.

والعمل على تقصير فترة دخول عملاء هذه المشاريع في دائرة عملها، بل نشجع الجهات الأخرى للعمل على الاستفادة من هذه الخدمات، وحتى تستفيد كافة المؤسسات المالية والشركات والوكالات وبقية رجال الأعمال على اختلافها من هذه الخدمات. وأخص منهم ملاك العقارات المؤجرة (شقق ومحلات) بعقود فردية. وكذلك شركات تقسيط السيارات ومؤسسات تقسيط الحاسب الآلي والمستلزمات المكتبية الأخرى والمواد الكهربائية كالمكيفات والثلاجات والبرادات والمستلزمات الكهربائية الأخرى. ومثل ذلك جميع وكالات تقسيط السيارات على مختلف أحجامها. والفكرة هنا.. أن هناك مقترضين حسني النية ولديهم الرغبة الجادة في السداد لحساب الشركات المقرضة ويحتاجون لجهة وسيطة تقوم يإيصال مدفوعاتهم للمقرضين وتسلمهم سندات إيصال بذلك، نظير ذلك مصاريف معقولة. وهناك شركات سبقت ونجحت في هذه الخدمة كشركات الخدمات كالاتصالات والكهرباء. فمجتمعنا وبالأخص فئة الشباب مقبل على الشراء بأقساط لكافة مستلزماته الحياتية، بل أن هناك من الشباب من بدأ في تملك الشقق بأقساط شهرية، وهناك من يشتري السيارة بأقساط وهناك من يشتري الأدوات الكهربائية وجهاز الحاسوب الشخصي باقساط ميسرة. وفي المستقبل، يتوقع أن تشهد عمليات التسديدات الإلكترونية التجارية نمواً لا يخطر على بال، سواء لتسديد الأقساط أو غيرها. فإذا وجد المؤجر والمستأجر جهة وسيطة تضمن لهما توصيل الأقساط لتدخل في حساب المالك لدى البنك وتخصم من حساب المستأجر لدى البنك وتوفير سندات تثبت السداد بالوفاء والتمام. وبحيث تتوفر هذه الخدمة وعلى مدار الساعة، ففي الغالب أن غالبية الملاك سيهرعون إلى هذه الشركات الوسيطة. وختاماً، فإن شركات التحصيل الخاصة سيكون المجال أمامها أرحب لتقديم خدمات أخرى كمتابعة الديون لدى الجهات القضائية والتنفيذية. ولها أن تشتري الديون من دائنيها نظير عمولة خصم، وأن تعيد بيع الديون وشراءها، ويحتمل أن تكون لدينا سوق لإعادة بيع الديون وشرائها. فالسوق المالية لا ينبغي أن ينظر إليها كما يراها البعض إنها سوق أسهمٍ، فنحن مقبلون على طفرة في عالم المال والأعمال.. وانتظروا وسترون ذلك قريباً.. بإذن الله. [email protected]