السعوديون والإماراتيون: أزمات الاستثمار الراهنة بانتظار تحرّك سريع واتفاق تقوده الحكومات

وسط اتفاق على سرعة معالجة المعوقات وعدم إحباط رغبة تعزيز الاقتصاد

TT

أجمع المشاركون في المنتدى الاقتصادي السعودي الإماراتي على أن الأزمات الاستثمارية التي تعاني منها السعودية والإمارات في الوقت الرهن تتطلب تحركاً سريعاً لحلها واتفاقاً عاجلاً واستراتيجياً بين الحكومتين للقضاء على تلك الأزمات واحدة تلو الأخرى وعدم السماح للمشكلات الصغيرة والمعوقات البسيطة بالحيلولة دون مواصلة التعاون الاستثماري في أي مجال من المجالات، حتى يتصاعد حجم النمو الاستثماري والتجاري بين البلدين إلى الأرقام المنشودة.

ويأتي ذلك وسط تأكيد حكومي ثنائي بضرورة التعاون والتكامل الاقتصادي والدفع بحركة التجارة البينية وحجم الاستثمارات المنفردة والمشتركة بين البلدين إلى أكثر مما هو قائم حالياً، أكده ما قالته لبنى بنت خالد القاسمي في أول أيام المنتدى على أن التعاون المشترك بين البلدين هو السبيل الوحيد في إرساء دعائم الاقتصاد الوطني، فيما جاء تأكيد لهاشم بن عبد الله يماني وزير التجارة والصناعة السعودي أن الفرصة مواتية لتشخيص مواطن القوة والضعف وتحديد الوسائل العلمية الكفيلة بتحقيق مزيد من الجذب الاستثماري الخارجي واستقطاب المدخرات المحلية لدعم نجاح السياسة الاقتصادية للسعودية والإمارات.

وبخلاف ما كان متوقعاً من عدم طرح المشاكل بشفافية ووضوح دار جدل واسع أمس بين المشاركين في الجلسة الختامية للمنتدى حول تحقيق استثمار متوازن في ظل أنظمة استثمارية مختلفة بين البلدين في ظل تباين الأنظمة من ناحية وبين الإمارات المتعددة داخل الإمارات العربية المتحدة، فيما دار جدل واسع حول التشريعات الاقتصادية والفرص الاستثمارية المتاحة وخصوصاً في الجانب الصناعي والسياحي، إلى جانب القطاعات الأكثر جاذبية للاستثمار في المنطقة خلال العقد المقبل، إضافة إلى عرض تجربة إحدى الشركات ذات الرأس المال السعودي الإماراتي.

وفي هذا الصدد، حذر الدكتور عواد العواد، وكيل محافظ هيئة الاستثمار لشؤون الاستثمار في السعودية، من أن تعمل المشاكل الموجودة والتحديات الراهنة بين البلدين على إحباط الرغبة لدى الجانبين في تعزيز تعاونهما الاقتصادي، لافتاً إلى وجوب عمل الجهات الحكومية التنفيذية لتذليل عقبات الاستثمار وحلول الأزمات وفق خطة ترتبط بجدول زمني محملاً القطاع الخاص مسؤولية المطالبة بحقوقه والدفاع عن أي حق مرتبط بعقبة من العقبات التي يواجهها. وحول الاستثمار في المجالات المختلفة بين البلدين أضاف العواد بقوله «يجب أن نصل إلى آلية تكامل وليس تنافس».

وأمام ذلك، أكد الدكتور عبد الرزاق الفارس، المستشار الاقتصادي باتحاد غرف التجارة والصناعة بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن واحداً من أبرز المعوقات الاستثمارية بين الرياض وأبو ظبي يكمن في وجود إشكالات حقيقية لدى القطاع الخاص في كلا الدولتين، مشيراً إلى أن أحد أبرز المعوقات التي تواجه الاستثمار السعودي في الإمارات يتمثل في تباين النظم بين الإمارات المتعددة في بلاده.

واقترح الفارس أن يتم التعاون والانطلاق من المجال السياحي، وذلك بأن يتم فتح السوقين السعودي والإماراتي على بعضهما بما فيهما تسهيل إجراءات تأشيرات زيارات للقادمين من الإمارات إلى السعودية والعكس، متوقعا أنه في حال تطبيق هذا الأمر ستصعد أعداد السياح في السعودية من 9 ملايين سائح سنوياً إلى 13 مليون سائح خلال العام وفي الإمارات من 6 ملايين سائح إلى 9 ملايين سائح كل عام.

وعن المعوقات التي ما زالت تحبط محاولات الدفع باقتصاد واستثمار البلدين بين بعضهما قال خالد مالك رئيس شركة تطوير إن وضع السعودية والإمارات القيادي لا بد أن يعمل كمحرك قوي في درء المعوقات بشكل سريع بين البلدين. ولفت إلى أن العام الحالي الذي يشهد تطورات اقتصادية متسارعة في كافة أنحاء العالم لا يسمح بأن يتم استعراض مشكلات تجاوزها الزمن كإشكالات الجمارك والإغراق، وأضاف «يجب أن نتحرك بسرعة وأن توضع خطة إستراتيجية واضحة ومحكمة بين الإمارات السعودية ويتم الاتفاقات على ضوئها بين الحكومات».

وفي ذات الموضوع وجه الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس إدارة شركة الزامل للاستثمار الصناعي لومه للجانبين السعودي والإماراتي في عدم تقدم تكاملهما الاستثماري بسبب المعوقات والصعوبات الحالية، متسائلاً «هل الحكومتان قادرتان على مواجهة الواقع؟» وذلك بعد أن ذكر بأن المؤسسات الدولية ترصد وتتابع وتقدر اقتصادات الدول الأخرى وأداءها، حيث أن آخر المؤشرات والأرقام ـ بحسب قوله ـ وضعت السعودية والإمارات في مراتب متأخرة جداً، حيث حصلت السعودية على المرتبة 156 فيما جاءت الامارات في المرتبة 155 من واقع 157 دولة أخرى.

وقال الزامل «إن أشياء بسيطة جعلتنا في مراتب متأخرة اقتصادياً بين الدول»، لكنه تفاءل في الوقت نفسه بتوجه الهيئة العامة للاستثمار في السعودية إلى دراسة تهدف إلى إيصال السعودية إلى المرتبة العاشرة بين الدول بحلول العام 2010.

ورغم أن الزامل فتح نار النقد في كل الاتجاهات وعلى كل المعوقات العامة إلا أنه ركز على بعض الإشكالات البسيطة، كإشكالية السعوديين مع الامارات والتي تكمن في كون التعامل مع دولة الإمارات يكتسب اختلافاً بكونه ليس تعاوناً مع دولة إنما تعامل مع عدد من الإمارات المتعددة والمتباينة في أنظمتها وتعاملاتها.

ونصح الزامل الجانب الإماراتي بوجوب العناية بالمجال الصناعي هناك، وقال «المستثمر الإماراتي في القطاع الصناعي مظلوم»، لافتاً إلى أهمية أن تستفيد الإمارات من التجربة الصناعية في السعودية إن أرادت أن تصبح نسخة أخرى من مدينة (الجبيل الصناعية)، وأشار في المقابل إلى أن السعودية يجب أن تستفيد من التجربة العقارية في الإمارات والتي تعتمد على الشركات الكبرى العملاقة، لافتاً إلى أن ضعف السعودية في هذا الجانب يعود إلى كون غالبية الشركات العقارية في السعودية تعود ملكيتها لعائلات.