«العميل الخفي» و«القرن 19» كلمات تبادلها السعوديون والإماراتيون

«المنتدى الشفاف ـ الفعال» عبارة الارتياح الواسع من المشاركين

TT

أوصلت حدة النقاشات التي دارت بين السعوديين والإماراتيين للجوء إلى استخدام عبارات تحمل في مضمونها حالة تأثر سلبية من الواقع المعاش كما كانت عليه الكلمة «عيب.. عيب.. عيب» شدّت إليها انتباه الحضور لما تحمله في ظاهرها من شدة الغضب، شابهها في ذلك التلفظ بكلمات من قبيل «العميل الخفي» و«زمن القرن التاسع عشر» ضمن مداولات الأشقاء في المنتدى الاقتصادي السعودي الإماراتي الذي انتهى أمس. وهزّ صوت قوي القاعة الرئيسية بفندق الفورسيزونز في العاصمة الرياض، مدويا بترداد كلمة «عيب» ثلاث مرات، أطلقها الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس إدارة شركة الزامل للاستثمار الصناعي متوجها بذلك لرجال الأعمال السعوديين والإماراتيين الذين كانوا يشاهدون موقف الحزم والصرامة والشدة من قبل المتحدث في الجلسة الثانية من فعاليات المنتدى.

وشدد الزامل في كلمته «عيب» على استقطاب المشروعات وجلبها إلى داخل البلدان من دون توطين كفاءاتها المحلية والاستعانة بالكوادر الوطنية، حيث قال لابد أن يتحرك الإماراتيون لفرض توطين الوظائف كما هي تجربة السعوديين الناجحة في ذلك، لاسيما ما يخص المشروعات الكبرى والعملاقة.

وقصد الزامل بصرخات العيب الثلاث أن النجاح كان حليف المنشآت السعودية التي استعانت بالكوادر المحلية ضاربا مثالا على ذلك بالبنوك والتي يصف بأن أرباحها تتنامى «ليل نهار»، وكذلك المشروعات الصناعية والبتروكيماوية الضخمة في البلاد، مبينا أن الإماراتيين سيأتيهم يوم لابد أن يواجهوا ذات المشكلة في المستقبل.

وردد الزامل في مضمون لفتة «عيب» أن يكون في البلدين حجم بطالة في الوقت الذي يعتمدان فيه على الأيدي العاملة من الخارج، حيث أشار إلى أن هناك أكثر من 26 ألف إماراتي عاطل عن العمل، وما يفوق على 300 ألف من السعوديين العاطلين، مؤكدا عدم الترحيب بأي استثمار يأتي من دون توظيف الكوادر المحلية.

وفي استخدام آخر، قام الزامل( ذاته)، بالتحدث عن «العميل الخفي» حينما كان يؤكد ما قامت به بلاده من جهود كبيرة في مجال خدمة التفتيش على الحدود والاستعانة بالتقانة والآلات التكنولوجية الجديدة والتي سهلت عمليات الدخول عبر الحدود، مفيدا أن «العميل الخفي» هو عمليات دخول السيارات المشبوهة التي ربما أنها تحمل آفات وممنوعات غير شرعية.

وأكد الزامل حول هذه النقطة التي جاءت ضمن محور «آفاق الاستثمار» أن هذه الجهود التي تم الصرف عليها بمبالغ ضخمة من قبل الجهات الحكومية أدت نتائجها الإيجابية حيث ضيق الخناق وحصرت سيارات «العميل الخفي» من الولوج إلى داخل البلاد بفضل المحاربة الحكومية واستخدام الجديد من التكنولوجيا.

بينما كانت للإماراتيين من ناحيتهم مشاركات حامية، تمثلت إحداها باستخدام أحد رجال الأعمال ويرأس سلسلة فنادق روتانا، عبارة «العيش في القرن التاسع عشر» إذ ذكر في رده على أحد المشاركين حول نقطة التسهيلات البنكية وقلة الحيلة وفشل المشروعات جراء عدم تقديم القروض والتسهيلات من البنوك المحلية إلى أن ذلك غير معيق في تطور وابتكار المشروعات ودعمها، مستدلات بما عمدت إليه أكبر المشروعات العقارية بإمارة أبوظبي والتي لم تتوقف وتنتظر الدعم بل توجهت إلى الاقتراض من البنوك.

وللأمانة الإعلامية، لابد من الإشارة إلى أن كافة تلك العبارات وما شابهها كانت ضمن دائرة الاحترام والتقدير المتبادل والحس الوطني بين الطرفين لاسيما عند المعرفة أن جميع المشاركين من رجال أعمال ومسؤولين حكوميين ومستثمرين من القطاع الخاص من حملة الشهادات العليا ومن الشخصيات ذات الحضور الخُلقي الرفيع والتعامل المهذب، مما ساعدت جميع المشاركين للعيش في أجواء إخوية وحميمة جدا فيما بينهم خلال يومي انعقاد المنتدى.

في هذه الأثناء، شدّ المشاركون بكافة جهاتهم ومرجعياتهم العملية ديناميكية عمل المنتدى ليكون الأول من نوعه في اتخاذ أسلوب الشفافية والسرعة في الطرح، ممزوج بعدم التكلف أو التزلف بل كان مباشرا حتى وصفه مشاركون بـ«المنتدى الشفاف ـ الفعال».

وذهب إلى ذلك بقوة، شهاب محمد قرقاش الرئيس التنفيذي لشركة ضمان للاستثمار الذي وافق بأن سرعة المنتدى وطرحه الفعال بشفافية مطلقة كان إحدى العلامات البارزة والمهمة في هذه المنتدى، مضيفا أنه برغم قصر فترة عرض المتحدثين لكلماتهم، يأتي في سياق البحث عن الرأي الآخر والمداخلات من الحضور والتي هي أساس الملتقى لطبيعة ما سيطرحونه من هموم. وفي هذا الاتجاه، أفاد خالد المالك المدير التنفيذي لشركة تطوير الإماراتية أن فعاليات المنتدى حظيت بحركة دائمة على صعيد إثارة الأفكار والإشكاليات والعقبات وكذلك اقتراح الحلول وإبداء التوقعات المستقبلية بشكل سلس وسريع يعتمد في روحه على المشاركات الحضور لإثراء النقاش.

وكان المنظم صحيفة «الشرق الأوسط» التي عمدت خلال تنظيمها وترتيبها لإقامة المنتدى الاقتصادي السعودي الإماراتي على تقليل المدة المتاحة للتنظير، في مقابل فتح فسحة كبيرة ومنح جل وقت الجلسات للحضور من رجال أعمال ومسؤولين، إيمانا بأنهم من يحملون الهم ويعايشون الواقع الملموس ويريدون طرحه وإيجاد حلول له، وهو الذي لاقى إعجاب المشاركين لما كان له من تأثير وإيصال الفكرة بأسرع وقت ممكن ويضمن بذلك فعالية جلسات المنتدى.