قطاع التعليم يتحول لمنجم ذهب أمام المستثمرين في الإمارات

وفق رسوم تصل إلى 10 آلاف دولار للصفوف المتقدمة

TT

أصبح قطاع التعليم الاساسي في الامارات خلال السنوات القليلة الماضية بمثابة منجم ذهب هائل امام المستثمرين في ظل تنامي عدد السكان الذي وصل وفقا لاحصاء العام الماضي الى اكثر من 4.1 مليون نسمة يشكل الاجانب منهم نسبة تزيد على 75 بالمائة. وتشير احصائيات وزارة التربية والتعليم إلى ان عدد المدارس الخاصة في الامارات يبلغ 500 مدرسة ويبلغ عدد طلابها نحو 360 الف طالب وطالبة. ورغم تفاوت مستوى المدارس الخاصة الا انها تدر على اصحابها ارباحا توصف بالخيالية خاصة في ظل ضعف اجور المدرسين عموما حيث يبلغ متوسط الاجر الفي دولار مقابل رسوم سنوية للطالب الواحد تبدأ في المتوسط بمبلغ 3 آلاف دولار وتصل في الصفوف المتقدمة الى 10 آلاف دولار. ويقول محللون ان نسبة متزايدة من الاماراتيين يتجهون لتسجيل اولادهم في المدارس الخاصة ليحصلوا على فرص عمل افضل في المستقبل. وتشير استطلاعات رأي الى ان التعليم في المدارس الحكومية لا يلبي تطلعات الآباء الاماراتيين الاكثر تعلما حيث يعتقدون ان المدارس الخاصة ذات المناهج الصارمة تعطي اولادهم فرصة افضل للمستقبل.

واعلنت اول من امس «مدارس»، الشركة المساهمة الخاصة التي أسستها شركة «الصكوك الوطنية» عن استحواذها على كل من الصندوق الاستثماري التعليمي «تعليم»، ومزود التعليم الابتدائي والثانوي في منطقة الخليج «بيكون للتعليم»، ليصبح بذلك الرأسمال الإجمالي للشركة 750 مليون درهم (204 ملايين دولار) حال اتمام الاجراءات القانونية. وقالت الشركة ان هذه الصفقة، التي تقدر قيمتها بـ 68.1 مليون دولار، تندرج في سياق استراتيجية «مدارس» الرامية إلى تعزيز أعمالها في قطاع التعليم الذي يشهد نمواً متزايداً. وتمتلك «تعليم» العديد من المدارس بما فيها «أكاديمية المزهر الأميركية للبنات»، و«حديقة الأطفال»، و«مدرسة دبي البريطانية»، و«مدرسة جرين فيلد»، و«مدرسة أب تاون»، و«مدرسة الراحة الدولية الخاصة». وستتولى «مدارس» إدارة كافة هذه المؤسسات التعليمية حال إتمام الصفقة. وتهدف «مدارس» التي يبلغ رأسمالها 500 مليون درهم (136.2 مليون دولار) الى فتح اكثر من 20 مدرسة ابتدائية وثانوية خلال السنوات الخمس القادمة وذلك تلبية لاحتياجات المواطنين والوافدين المتوقعة في منطقة الخليج. وتحتاج صفقة الاستحواذ على موافقة مساهمي مدارس التي دعت الى عقد جمعية عمومية غير عادية في دبي الشهر الحالي للحصول على موافقة مالكي الشركة. وتمتلك شركة الصكوك الوطنية 20% من «شركة مدارس» بينما يملك النسبة الباقية «مصرف الإمارات الإسلامي»، و«شركة أملاك للتمويل»، و«شركة زعبيل للاستثمار»، و«شركة منازل العقارية»، و«مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر»، و«بيت الاستثمار العالمي (جلوبل)» ومقره الكويت، و«شركة المجموعة التعليمية القابضة»، بالإضافة إلى أفراد بارزين في المنطقة. ومن جهتها يستثمر البنك الاسثتماري الاماراتي «ايفولفانس» 100 مليون دولار في صندوق استثماري لشراء امتياز مدارس عالمية عريقة مثل ريبتون البريطانية التي يجري انشاء نسخة منها في دبي حاليا لتكون جاهزة لاستقبال الطلاب العام المقبل والتي قد يبدأ رسم الدراسة السنوي فيها لتلاميذ الروضة بمبلغ ستة آلاف دولار. وعقد خالد المهيري رئيس «ايفولفانس» التنفيذي الذي كان يعمل سابقا في جهاز ابوظبي للاستثمار ويدير حاليا عبر شركته صناديقا استثمارية في الملكية الخاصة يصل حجمها الى مليار دولار، صفقات لافتتاح فروع لمدرسة «اميركان كومينتي سكول» الاميركية والتي يبلغ عمرها 100 سنة ومدرسة بيرلا الهندية وعمرها 70 سنة والمدرسة الفرنسية (150 سنة) في الامارات وقطر وربما في السعودية ايضا خلال اربع سنوات.

وايفولفنس تنضم الى قائمة متزايدة من المؤسسات الاستثمارية التي تدخل الى قطاع التعليم المربح في الامارات ومنطقة الخليج خاصة في ظل سمعة سيئة لنظام التعليم الحكومي ورغبة الكثيرين وخاصة من الاجانب المقيمين الى ان يتلقى اولادهم مستوى تعليميا جيدا يؤهلهم لدخول الجامعات الغربية فيما بعد. واجتذبت كعكة التعليم المربحة خلال السنوات الماضية عددا متزايد من الشركات مثل اعمار العقارية التي اعلنت قبل عامين تقريبا عن خطط لتوسيع استثماراتها باتجاه قطاع التعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والهند بإنشاء مدارس دولية لمراحل التعليم ما قبل الجامعي.

وذكرت الشركة انها تتفاوض لعقد شراكات استراتيجية مع مجموعة من أبرز المؤسسات العالمية المتخصصة في مجال التعليم، كما أنها استحوذت على مؤسسات قائمة حالياً. واعتبر محمد علي العبار، رئيس مجلس إدارة الشركة ان «دخولنا قطاع التعليم خطوة استراتيجية تأتي في الوقت المناسب، ونتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز ربحية الشركة ورفد النمو المطرد الذي تشهده». واعلنت امارة رأس الخيمة في الامارات العام الماضي عبر ذراعها الاستثمارية عن تأسيس شركة مساهمة بهدف إنشاء مشاريع تعليمية تشمل مدارس وجامعات محليا واقليميا برأسمال يبلغ 272 مليون دولار. وكان من باكورة مشاريعها إطلاق مشروع جامعة «جورج مايسون» الأميركية في رأس الخيمة وجامعة رأس الخيمة للعلوم الطبية والصحية وأكاديمية الحمراء التي ستكون أول مدرسة داخلية من نوعها في المنطقة.

ووفقا لمركز دراسات الاقتصاد الرقمي ومقره دبي فقد بلغ حجم الإنفاق على قطاع التعليم في دول الخليج العربي 26 مليار دولار أميركي في عام 2005 نتيجة لعائدات النفط العالية ولالتزام دول المنطقة بتطوير أنظمتها التعليمية. وتصدرت الإمارات المنطقة العربية انفاقاً على قطاع التعليم حيث زادت نسبة إنفاقها من 17.08% في العام 2004 إلى 17.20% في 2005 وخصصت في العام 2004 حوالي 1.11 مليار دولار أميركي للإنفاق على القطاع وحده من حجم الموازنة السنوية العامة التي بلغت 5.6 مليار دولار.