الهند: الطفرة الاقتصادية تجذب المديرين التنفيذيين الأجانب

بسبب النقص المحلي

TT

النقص في الكفاءات المحلية الاقتصادية يفتح الباب مشرعا امام المديرين التنفيذيين الاجانب الذين يتهافتون على الهند .

بعد ثلاث سنوات من رفض فرصة العمل في الهند بسبب أن البلد يتميز بالفقر والفوضى، أقنع اندرو ليفرمور، مدير البيع بالتجزئة الذي كان قد عمل في جنوب أفريقيا وبريطانيا، من جانب مشروع عائلي قوي لإقامة أول هايبرماركت على الطراز الغربي في الهند.

وقال «غيرت موقفي عندما اطلعت على رؤيتهم. وقد كانوا جديين تماما وكان علي أن اقوم ببعض التكييفات العصرية ولكنها كانت فرصة جيدة لا يمكن إضاعتها. ومن الطبيعي أن الراتب جيد». وإذ يوشك على افتتاح 28 متجرا جديدا يقنع ليفرمور ،44 عاما، اثنين آخرين من المغتربين بترك وظائفهم في الغرب والعمل في الهند. وقال «لقد عينت للتو مدير العمليات لدي من «سانزبيريز» في المملكة المتحدة وهناك موظف اجنبي آخر لعمليات الشراء».

وليفرمور جزء من طريق جديد الى الهند. واذ يزدهر الاقتصاد فانه ليس هناك ما يكفي من المواهب لملء العدد المتسع من الوظائف الادارية الوسطى ويحتل مزيد من المغتربين الغربيين وظائف عالية. ويقول مستشارو التوظيف ان العاملين الهنود يطلبون اعادة النظر برواتبهم ارتباطا بوجود عدد كبير من الأجانب».

ويقول كريس لاكشميكانك الرئيس التنفيذي لمؤسسة «هيدهنترز انديا»: «الأمر يحدث بسرعة كبيرة في الوقت الحالي. نحن نرى ما يزيد على 15 في المائة من الوظائف الادارية والتي تتطلب مهارة عالية يحتلها المغتربون. وفي ادارة الفنادق هناك خطوة يتطلبها التغيير ولا يمكن أن نحقق ذلك الا من الخارج. وفي صناعة الخطوط الجوية هناك 50 في المائة من الطيارين هم من الأجانب. وقبل سنوات قليلة كانت نسبتهم لا تصل الا لـ5 في المائة من قوة العمل». وتضاعفت رواتب المديرين التنفيذيين خلال السنوات القليلة الماضية وتتراوح الآن بين 125 الفا الى 600 ألف جنيه استرليني. ويمكن ان يتوقع المديرون الكبار راتبا يبلغ 100 ألف جنيه استرليني سنويا. ويتلقى مدير العلاقات العامة في شركة هندية راتبا قدره 40 ألف جنيه استرليني.

وتقول «بهارتي ايرتيل»، وهي أكبر شركة لتشغيل الهواتف المحمولة في البلد، ان المديرين الأجانب كانوا في السابق نادرين ولكنهم الآن يتمتعون بقيمة مماثلة لقيمة الهنود. وأبلغ سونيل بهاراتي ميتال، مؤسس الشركة، الصحافيين الشهر الماضي، ان شركته كانت قد بدأت توظيف «مغتربين ممن يكلفون أقل من المديرين الهنود».

والتحقت أندريا ستون، مديرة التسويق في «تليسوفت» وهي شركة برامج تابعة لـ«بهارتي»، بالعمل وفق شروط محلية عام 2005. وقالت ان راتبها «كاف للمعيشة بصورة جيدة في دلهي. جلبت مهارات لم تكن متوفرة لديهم، وهي خبرات توفرت لدي من خلال عملي في بريطانيا وهونغ كونغ واليابان وألمانيا ويمكنني التعامل مع الزبائن الخارجيين. والشيء الآخر هو تحفيز فرق العاملين الشباب الذين يتسمون بالحيوية».

وتقول ستون ان التحدي الحقيقي يأتي عندما تغادر المكتب «حيث لا يمكنك السير في الخارج بسهولة. فالطقس حار جدا وليس هناك الكثير من المتنزهات. كما أنه لا يوجد في دلهي نظام نقل عام وهو امر صعب. لا يمكنك التوجه الى جناح الأغذية في متجر «ماركس أند سبنسر»، ولكنك تتكيف مع الوضع».

وتبدو مصاعب العيش في العالم النامي بسيطة مقابل المال الذي يحصل عليه المرء هناك. كما أن الشركات الأجنبية تسترد أفضل ما لديها الى الهند. فقد نقلت «سيسكو سيستمز»، وهي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة، سبعة من كبار مديريها الى مكتبها في بانغالور هذا العام. ورئيس يونيليفر، وهي الشركة «الأنجلو-هولندية» المتعددة الجنسية، في البلد هو من جنوب أفريقيا. ورئيس «غولدمان ساكس» أميركي.

ومن بين الثلاثة ملايين طالب هندي يتخرجون كل عام تعترف الصناعة الهندية بأن 15 في المائة فقط يمكنهم الحصول على وظائف في الشركات المتعددة الجنسيات. ويصبح تشغيل وتدريب العمال الهنود المهرة أكثر صعوبة وكلفة مما كان عليه سابقا. وتصبح الرواتب أضخم في الهند بصورة اسرع من أي بلد آخر في آسيا. ووفقا لدراسة قامت بها «هيويت أسوشييتس»، وهي شركة موارد بشرية، فان متوسط الزيادة في الراتب في الهند يزيد على 14 في المائة سنويا بالمقارنة مع حوالي 8 في المائة في الصين واقل بقليل في كوريا الجنوبية والفلبين. ولكن شركات كثيرة تقول انه في السعي الى تحقيق تقدم فانها تحتاج الى المساعدة الأجنبية. وتنفق «ريلاينس اندوستريز» وهي أكبر شركة خاصة في الهند 2.5 مليار جنيه استرليني من أجل اقامة سلسلة من المتاجر الكبرى في مختلف أنحاء الهند. ويشغل قسم البيع والتجزئة فيها الآن 100 من كبار مديري الادارة ممن يجلبون «خبرة عالمية قيمة». وهذه المهارات، وفقا لما قاله رئيس الشركة «موكيش أمباني»، حاسمة في محلات «ريلاينس» التي تبيع السلع المتنوعة. وقال «نحن متقدمون في العالم في هذا المجال. وعندما ذهبت «تيسكو»، وهي سوبرماركت عملاق في بريطانيا، الى كاليفورنيا، اختارت ان تستخدم النموذج ذاته. ويظهر ذلك كيفية استفادتنا من المواهب الأجنبية».

* خدمة «الغارديان» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»