مصر : احتدام الجدل حول تصدير الطاقة وحقوق الأجيال القادمة وحصص الشركاء الأجانب

71 مليون طن حجم صادرات البترول عام 2006

TT

احتدم الجدل حول قضية الطاقة في مصر قبل أيام من الإعلان عن سياسة جديدة لأسعار الطاقة الموجهة للصناعة. وتزامن هذا مع ارتفاع أصوات من داخل القطاع الصناعي المصري تطالب الحكومة بالتخلي عن قرار وقف الترخيص لمصانع جديدة في مجالات الإسمنت والبتروكيماويات والأسمدة، وهي القطاعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة، حتى تتحقق الرؤية الحكومية في قيادة الصناعة للتنمية. ترافق ذلك مع انعقاد اجتماعين متتاليين لهيئة البترول في تشكيلتها الجديدة، وقد ترأس الثاني أحمد نظيف رئيس الوزراء حيث نوقشت خلاله السياسة المستقبلية المتبعة في الطاقة وفتحت المناقشات من جديد حول هذا الملف الشائك، من حيث إعادة تصدير الغاز وتسعيره وكيفية تحديد الاحتياطيات من الغاز والزيت بدقة.

وزاد الجدل في الفترة القليلة الماضية ما بين تزايد مخاوف العلماء من تعرض البلاد لمجاعة في الطاقة مستقبلا وتطمينات مضادة من وزارة البترول بارتفاع الاحتياطيات المصرية. وطالب بعض المتخصصين والخبراء بضرورة مراجعة الاتفاقيات المبرمة مع شركات البحث والتنقيب عن الغاز والبترول، وكذلك مراجعة حصة الشريك الأجنبي، والكف عن إطلاق يد الوزير في عقد تلك الاتفاقيات بدون دراسة كافية من البرلمان. وخرجت وزارة البترول لأول مرة عن نهجها المعتاد بالرد على الانتقادات التي توجه لسياسة إدارة الثروة القومية من خلال أخبار العلاقات العامة بالصحف والمطبوعات المختلقة، واتجهت للرد رسميا على هذه الانتقادات.كانت المناقشات قد بدأت بدراسة للدكتور حسن عبد الله، خبير الطاقة المعروف الذي كان يشغل منصب وكيل أول وزارة البترول لسنوات، حذر فيها من سرعة نضوب احتياطيات البترول والغاز في ظل ندرة بدائل الطاقة المتاحة قبل حلول عام 2020 نتيجة الإسراف الملحوظ من قبل الحكومة في سياسة التصدير، مستندا في ذلك إلى الزيادة المطردة في معدلات التصدير الذي قفز من 58 مليون طن عام 2005 إلى 71 مليونا عام 2006، وتوقع زيادته ليصل إلى 80 مليون طن في العام الحالي.

وأكد عبد الله أن زيادة معدلات تصدير البترول تزيد من سرعة نضوبه، خاصة أن الجانب الأكبر من قفزة الإنتاج كان من نصيب الشريك الأجنبي الذي يحصل على نحو 40% من الإنتاج، ما يتسبب في فقدان مصر قرابة برميل من الغاز والزيت مقابل كل برميل تحصل عليه. وطالب بوضع خطة واستراتيجية وبرامج مفصلة للطاقة على امتداد ربع القرن المقبل، تتاح بياناتها للجميع ويناقشها خبراء مستقلون عن الجهات الرسمية التي وصفها بالميل للمبالغة والتضخيم.

من جهته انتقد الدكتور رمضان أبو العلا، الأستاذ بكلية هندسة البترول بجامعة قناة السويس، وعضو مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، مبدأ تصدير الغاز الطبيعي بحجة زيادة الصادرات والواردات من العملة الأجنبية، لافتا إلى أن تلك السياسات سيكون لها مردود سلبي ستدفعه الأجيال القادمة، وطالب بمراجعة الاتفاقات الحالية التي أكد أن المسؤولية الرئيسية لانحيازها للشريك الأجنبي تقع على عاتق نواب البرلمان الذين يقرونها بدون دراسة كافية. ولفت أبو العلا إلى أن مصر تبيع سعر المليون وحدة حرارية من البترول حاليا بمتوسط 3 دولارات، أي أن برميل البترول يقدر بحوالي 18 دولارا فقط بينما يتعدى حاجز الـ 40 دولارا في الأسواق العالمية.

وحذر أستاذ هندسة البترول من مخاطر المستقبل، مفترضا أن متوسط سعر برميل البترول سيستقر عند 60 دولارا خلال عام 2010 ، بما يعني ضرورة توفير 60 مليون دولار يوميا بإجمالي 211.6 مليار دولار سنويا للطاقة فقط، وهو رقم ضخم لا يمكن أن يتحمله الاقتصاد المصري مستقبلا، وأشار إلى سياسة التعتيم التي تنتهجها وزارة البترول حول حجم الإنتاج وحصة الشريك الأجنبي، وقلل أبو العلا من قدرة الهيئة العامة للبترول بتشكيلها الجديد في إعادة النظر في اتفاقيات البترول لتحسين استغلال الموارد المصرية، وأن دورها سينحصر في الشأن السياسي. من جانبها أكدت وزارة البترول أن حصة مصر من الإنتاج تبلغ 73% وحصة الشريك الأجنبي لا تزيد على 27% شاملة مصاريف الاسترداد والحصة في الأرباح، وان احتياطي الغاز المؤكد 70 تريليون قدم مكعب، بما يغطي احتياجات مصر لمدة 35 عاما في حال عدم حدوث اكتشافات جديدة. من جهته قال عبد العليم طه رئيس هيئة البترول إن مدة الاتفاقيات مع الشركات الأجنبية تتراوح بين 20 و30 عاما أي أنها تخدم الأجيال القادمة، ودعا للتفاؤل بالمستقبل لأنه بافتراض نجاح 30% فقط من هذه الاتفاقيات فإن الاحتياطيات ستزداد شكل كبير.