الدولار يواصل تراجعه القياسي أمام اليورو والاسترليني

خبير: استمرار هبوط العملة الخضراء يقلق أوروبا أكثر مما يزعج أميركا * اندهاش المحللين من انتعاش الين بعد الإبقاء على الفائدة اليابانية

نار الانخفاض تواصل محاصرتها للدولار («الشرق الأوسط»)
TT

هبط الدولار الى مستوى قياسي أمام اليورو وبلغ أدنى مستوى في عدة سنوات امام سلة من العملات الرئيسية أمس متأثرا بمخاوف من ان يتسع نطاق المتاعب في سوق الرهن العقاري عالي المخاطر والاسواق الائتمانية بالولايات المتحدة ليشمل الاقتصاد الاوسع نطاقا.

وبدا أن هذه المخاوف انحسرت قليلا في اسواق اخرى مثل بورصات الاسهم الاوروبية والسندات الحكومية لكن عائد السندات الامريكية تراجع.

واستفاد الين من متاعب الدولار لينتعش بشكل عام بعد ان ترك بنك اليابان المركزي أسعار الفائدة دون تغيير عند 0.5 بالمئة مثلما كان متوقعا.

لكن مكاسب الين كانت محدودة مما ترك العملة ذات العائد المنخفض قرب أدنى مستوياتها أمام العملات ذات العائد المرتفع مع تشكك بعض المستثمرين في فرص رفع الفائدة اليابانية في اغسطس (اب).

وبحسب رويترز أبدى بعض المحللين دهشتهم من انتعاش الين بعد ان صوت صانعو السياسة النقدية في بنك اليابان المركزي بأغلبية ثمانية اصوات ضد صوت واحدة لصالح ترك الفائدة دون تغيير في اشارة الى ان رفع الفائدة قد لا يتحقق قبل شهرين. ورتفع اليورو 0.3 بالمئة الى 1.3784 دولار بعد ان سجل مستوى قياسيا عند 1.3792 دولار وفقا لبيانات رويترز.

وتراجع الدولار ربع نقطة مئوية امام الين الى 122.10 ين في حين ارتفع الجنيه الاسترليني الى أعلى مستوى في 26 عاما عند 2.0364 دولار. ومع صعود الجنيه الاسترليني واليورو الى اعلى مستوياتهما تاريخية امام الدولار الاميركي، تساءل أناتول كاليتسكي احد اهم المحللين الاقتصاديين وكاتب العمود الاسبوعي في صحيفة التايمز البريطانية.. هل الهروب من الدولار في الاسواق المالية، هو مؤشر على التراجع النسبي للولايات المتحدة نفسها.وهل يمكن ان تكون اميركا وليس أوروبا، غير القادرة على المنافسة في الاقتصاد العالمي المعولم، وهي الآن مهددة على المدى الطويل؟ وأكد كاليتسكي ان الكثير مما يحدث في العالم يؤكد ان الهيمنة الاميركية التي كانت سائدة حتى بضع سنوات خلت، ربما بدأت بالتراجع وما يؤكد هذا الاتجاه ليس مجرد «الهزيمة العسكرية» فى العراق والنكسات الجيوسياسية التي منيت بها الدبلوماسية الاميركية من الشرق الاوسط مرورا بفنزويلا وصولا الى كوريا الشمالية.

ولكن مؤشر التراجع يظهر في العناوين الاقل بروزا في وسائل الإعلام، ولكنها في بعض النواحي اكثر ازعاجا، تتمثل في مؤشرات الاداء الاقتصادي: الاعتماد على الاقتراض الخارجي (يعادل الفي دولار امريكى سنويا لكل رجل وامرأة وطفل في الولايات المتحدة)، تراجع الهيمنة العالمية وول ستريت الهيمنة العالمية في مجال الخدمات المالية الى مدينة لندن، الآن وعلاوة على ذلك، انهيار الدولار الى مستويات قياسية. ولكن بحسب كاليتسكي فان قوة العملات لا يعكس بالضرورة التفوق الاقتصادي، فقد حدث ذلك في وقت من الاوقات في القرن التاسع عشر عندما كانت قوة الاسترليني تعكس ازدهارا لا مثيل له للامبراطورية البريطانية. لكن الوضع تغير تماما منذ تحرير العملات والاسواق المالية في الثمانينات والتسعينات، فعلى سبيل المثال، يخطئ من يظن ان هبوط قيمة الدولار الامريكى قد يضر الاميركيين، بل على العكس فان تراجع العملة الخضراء ستكون له فوائد عظمى للاقتصاد الاميركي حيث ان هبوط الدولار سيساهم في موازنة التراجع في اسعار العقارات.

والساسة في اميركا، يدركون ذلك جيدا لذا فان جميعهم رحب بهبوط قيمة الدولار وجرى الضغط على الصين واليابان لزيادة قيمة كل من الين والرينميمبي امام الدولار، كما هو الحال في الوقت الحاضر، مقابل اليورو والجنيه. وفي الحقيقة فان ارتفاع اليورو والجنيه الاسترليني يقلق المصدرين في أوروبا لأنه يجعل صادراتهم اغلى في الخارج ويقلل من ارباحهم لانهم يريدون المنافسة والحفاظ على اسواقهم المعروفة.

وبحسب كاتيلسكي فانه يبدو أن صناع القرار الأوروبيين ليس لديهم أي فكرة عن كيفية عمل أسواق العملات على عكس نظرائهم الأميركيين والآسيويين، باستثناء زعيم أوروبي واحد هو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يبدو أنه يعرف المخاطر المترتبة عن اليورو القوي. ولهذا فان ساركوزي حاول اقناع المسؤولين الأوروبيين بضرورة في اجتماع وزراء المال في الاتحاد الأوروبي في بروكسل هذا الاسبوع الى تبني سياسة اقتصادية أوروبية أكثر توسعا غير أن دعوته قوبلت بـ«الاستهزاء» من الحوكات الأخرى ومن البنك المركزي الأوروبي. وخلص كاتيلسكي في الأخير الى القول بأن «هذا هو واقع الحال في أوروبا اليوم، وهذا أحد الأسباب التي تجعل أميركا برغم مشاكلها تبقى محافظة على هيمنتها على الاقتصاد العالمي في العقود المقبلة.

وعلى صعيد البورصات العالمية انخفض المؤشر نيكي القياسي 0.36 في المئة في نهاية التعامل في بورصة طوكيو للاوراق المالية اليوم الخميس ليسجل أدنى مستوى اغلاق منذ أسبوعين تحت وطأة هبوط أسهم شركة طوكيو الكترون وشركات أخرى مماثلة بعد أن أعلنت الشركة ضعف الاقبال على الرقائق في اليوم السابق. وهوت أسهم نومورا هولدنجز أكبر شركات السمسرة في اليابان نحو خمسة في المئة بعد أن خفضت شركة دويتشه سيكيوريتيز السعر المستهدف لسهمها استنادا الى مخاوف من أن تتأثر أرباحها بالمشاكل التي يعاني منها سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة. وفي وقت سابق تجاهلت السوق قرار بنك اليابان المركزي ابقاء أسعار الفائدة دون تغيير على 0.5 في المئة للشهر الخامس على التوالي مثلما كان متوقعا.

وهبط المؤشر نيكي-225 بنسبة 0.36 في المئة أي 65.37 نقطة الى 17984.14 نقطة ليسجل أدنى مستوى اغلاق منذ 28 من يونيو (حزيران). وانخفض مؤشر توبكس الاوسع نطاقا بنسبة 0.26 في المئة الى 1763.06 نقطة. من جهتها ارتفعت الاسهم الاوروبية صباح أمس بعد أن ساعدت اجواء التفاؤل بشأن نتائج الشركات الامريكية وحمى عمليات التملك والاندماج في قطاع شركات التعدين السوق على وقف موجة هبوط استمرت يومين والتحول للصعود.

وفي تحليل فيليب جيجسلز، المحلل في فورتيس بنك في بروكسل لرويتر «من ناحية هناك مخاوف من الفائدة المرتفعة وقطاع الرهن العقاري عالي المخاطر (في الولايات المتحدة) وقوة سوق المساكن ومن الناحية الاخرى يحدونا الامل بموسم جيد للغاية فيما يتصل بنتائج الشركات» وارتفع مؤشر يوروفرست 300 الرئيسي لاسهم الشركات الكبرى في أوروبا 0.15 بالمئة الى 1603.54 نقطة.

من ناحية أخرى تحدد سعر الذهب في جلسة القطع الصباحية في لندن اليوم الخميس على 663.00 دولارا للاوقية (الاونصة) دون تغيير عنه في جلسة القطع المسائية أول من أمس الاربعاء. وبلغ سعر الذهب عند الاقفال أمس في نيويورك 660.30-660.90 دولار للاوقية.