تقرير: الصين تحقق أعلى معدل نمو اقتصادي في 12 سنة

بلغ 11.9% في الربع الأول > خبير: ستصبح ثالث قوة اقتصادية في العالم

TT

حقق الاقتصاد الاقتصادي اسرع معدل نمو اقتصادي له خلال 12 سنة وسط ارتفاع معدلات التضخم مما عزز التوقعات بانتهاج سياسات أكثر تشددا لمنع نمو محموم في أسرع اقتصاديات العالم نموا، باحتمال قيام الحكومة الصينية بزيادة اسعار الفائدة ودفع قيمة العملة المحلية عاليا من اجل «تبريد» النمو الصاروخي للاقتصاد.

وقال تقرير صدر امس عن المكتب الوطني للاحصاءات في بكين ان الاقتصاد الصيني سجل في الفصل الثاني من العام نسبة نمو بلغت 11.9 في المائة (بحساب المعدل على اساس سنوي)، متجاوزا بذلك كافة التوقعات الاقتصادية. في حين سجل مجددا نسبة نمو مرتفعة في النصف الاول من العام 2007 ونما الناتج الاجمالي بنسبة 11.5 في المائة.

لكن هذا النمو المندفع ترافق كذلك مع ارتفاع ملحوظ لمعدلات التضخم حيث قفز معدل التضخم السنوي في يونيو (حزيران) الى أعلى مستوياته في 33 شهرا ليسجل 4.4 في المائة من 3.4 في المائة في مايو (أيار) بسبب ارتفاع في تكاليف لحوم الخنزير والحبوب. وليتجاوز بذلك المعدل الذي حدده البنك المركزي الصيني والذي يستهدف 3 في المائة.

وتشير البيانات التي أصدرها المكتب الوطني للاحصاءات امس الى ان الصين على المسار الصحيح لتشهد نموا يزيد على تسعة في المائة للعام الخامس على التوالي ولتسبق المانيا وتحتل مكانة ثالث اكبر اقتصاد في العالم.

وعزا التقرير ان هذا النمو القوي الى الاستثمارات الكبيرة في المصانع وقطاع الاسكان التي شهدت طفرة كبيرة كبحت قدرة الحكومة المركزية على تبريد الاقتصاد على الرغم من رفع اسعار الفائدة مرتين خلال العام الحالي والقيود المتنامية على سياسة الاقراض. وقال تيم كوندون من بنك اي.ان.جي الهولندي في سنغافورة «انه امر مذهل. نتوقع ان يرفعوا سعر الفائدة او متطلبات الاحتياطيات في أي لحظة الان». وجاء ارتفاع معدل النمو عن 11.1 في المائة في الربع الاول متجاوزا لتوقعات بأن يبلغ 10.8 بالمئة ودفع عدة بنوك لرفع توقعات نموها في عام 2007.

وقال لي شياو تشاو المتحدث باسم مكتب الاحصاءات ان ضغوط الاسعار ما زالت قوية على الرغم من أن مؤشر اسعار المستهلكين في النصف الاول من العام باستبعاد المواد الغذائية سجل 0.7 في المائة فقط. وابلغ لي الصحفيين «سنستمر في سياسة التشديد المعتدل لاحتواء الوضع النقدي والائتماني».

من جهته قال كبير الاقتصاديين في مؤسسة مورغان ستانلي ـ هونغ كونغ وانغ غينغ «تسارع معدل التضخم وتنامي الاصول الاستثمارية الثابتة يسلط الضوء من السخونة الزائدة.. الطلب في القطاعات الرئيسية لم يتجاوز العرض حتى الان، لكن الحكومة الصينية بدأت تشعر بقلق من الوضع القائم». وتوقع غينغ زيادة معدل الفائدة في «أي وقت من الان».

وجاء الإعلان عن نمو إجمالي الناتج المحلي للصين بعد الإعلان الأسبوع الماضي عن زيادة الفائض التجاري لها خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 84% عن الفترة نفسها من العام الماضي إلى 112.5 مليار دولار، وتجاوز احتياطات بكين من العملات الاجنبية والذهب 1.3 تريليون دولار.

وفي هذا السياق توقع ستيفين غرين كبير المحللين الاقتصاديين في بنك ستاندرد شارترد بشنغهاي قال إنه من المتوقع ان تصعد الصين إلى المركز الثالث عالميا كأكبر اقتصاد متفوقة على ألمانيا التي تحتل حاليا هذا المركز بعد الولايات المتحدة واليابان.

وأضاف غرين انه من الواضح أن الصين تعلن معدلات نموها الاقتصادي بنسبة تقل عن المعدلات الحقيقية بنسبة 20% وهو ما يعني أنها تفوقت على ألمانيا بالفعل منذ شهور.

وكانت الحكومة الصينية قد عدلت بياناتها بشأن النمو الاقتصادي للعامين الماضيين عدة مرات حتى تجعلها قريبة من المعايير العالمية وتضع في الحساب قطاع الخدمات الذي يحقق معدلات نمو سريعة.

وقد زادت الأسبوع الماضي تقديراتها بشأن نمو الاقتصاد العام الماضي إلى 11.1% ليصل إجمالي الناتج المحلي إلى 12.09 تريليون وون (2.79 تريليون دولار).

وتكاد آراء الخبراء تجمع على أن الصين تجاوزت ألمانيا بالفعل وأزاحتها عن المرتبة الثالثة في قائمة أكبر اقتصاديات العالم بعد أن سبق وتغلبت في السنوات الماضية على إيطاليا وفرنسا وبريطانيا ولم يعد أمامها سوى اليابان والولايات المتحدة.

ويشير الخبراء إلى حرص الصين على إعلان أرقام مخفضة لمعدلات نمو الاقتصاد بنسب تتراوح بين 10 و20% من المعدلات الحقيقة والدليل على ذلك التعديلات الاخيرة لمعدلات النمو في عام 2006 من 10.7% إلى 11.1% من إجمالي ناتج الدخل المحلي.

وأظهرت دراسة صينية حديثة أن حجم الاقتصاد غير المسجل «الأسود» في المناطق الحضرية بالصين يزيد عن التقديرات الرسمية المعلنة له بنسبة 75% ليشكل حوالي 24% من إجمالي الناتج المحلي للصين.

وطبقا لنتائج هذه الدراسة فإن إجمالي الناتج المحلي المعلن وهو 2.65 تريليون دولار خلال العام الماضي أقل بكثير من المعدلات الحقيقية ولهذا السبب تأتي الصين رسميا وراء ألمانيا التي بلغ إجمالي الناتج المحلي فيها 2.9 تريليون دولار.

ورغم الحجم الضخم للاقتصاد الصيني فإن الصين تحتل المرتبة 89 عالميا من حيث متوسط دخل الفرد بسبب عدد سكانها البالغ 1.3 مليار نسمة.

ويمضي قطار نمو الاقتصاد الصيني منذ خمس سنوات بمتوسط سرعة 10% ليزيح المنافسين من أمامه ولكن محاولات التحفظ عند صدور البيانات نصف السنوية الخميس المقبل لم تفلح في خفض توقعات الخبراء بأن تصل معدلات نمو الاقتصاد الصيني خلال الاشهر الست الماضية 11%.

أما أهم المشاكل التي تواجه الصين فهي الفائض الكبير في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة وأوروبا بشكل يؤدي إلى توترات سياسية. وقفز فائض الميزان التجاري للصين في النصف الاول من العام بنسبة 83.1% إلى رقم قياسي بلغ 112.5 مليار دولار.

رغم أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان تضغط على الصين منذ فترة من أجل تحرير سعر صرف عملتها المحلية بحيث يرتفع هذا السعر أمام العملات الرئيسية فإنه من الواضح أن مثل هذا الخيار لن يؤدي إلى خفض واضح في الفائض التجاري للصين.

فقد سبق للصين في صيف 2005 أن رفعت قيمة عملتها أمام الدلار بنسبة 7% دون ان يؤثر ذلك على قدراتها التصديرية بصورة ملموسة.

وفي الوقت نفسه لن يمكن للصين زيادة الواردات لعجز الدولة عن إقناع المواطن بإنفاق أموال أكثر وربط الواردات بالاستهلاك المحلي. يشار هنا الى ان قيمة اليوان الصيني صعدت امس الى 7.5615 مقابل الدولار وهو الاعلى منذ عام 2005 . ومنذ ان رفعت بكين ربط عملتها بالدولار في يوليو (تموز) في عام 2005 ، صعدت العملة الصينية بنحو 9.4 في المائة امام العملة الاميركية.