أياد الدوجي لـ«الشرق الأوسط»: الأسواق العربية في مرحـلة انتعاش وما شـهدته في السنوات الـ3 الماضية لن يتكرر بنفس الطريقة

الرئيس التنفيذي لشعاع كابيتال يرد على منتقدي الشفافية في بورصات المنطقة

اياد الدوجي
TT

هاجم الرئيس التنفيذي للبنك الاستثماري شعاع كابيتال منتقدي الشفافية في الاسواق المالية العربية قائلا ان مقولة «افتقار اسواقنا الى الشفافية» اصبحت نوعا من الشماعة التي تعلق عليها كافة مشاكل اسواقنا، في حين ان اسواقنا وان كانت لا تتمتع بنفس درجة الشفافية في بعض الاسواق المتقدمة، فانها في مستوى الاسواق الناشئة الاخرى. وقال اياد الدوجي ان الشفافية ليست هي المسؤولة عن هبوط الأسـواق اكثر مما كانت مسؤولة عن صعود الأســواق ذاتها عام 2005 . واعتبر في حوار مع «الشرق الأوسط» ان اسـواق المنطقة مازالت في مرحـلة انتعاش وان ما شـهدته في السنوات الثلاث الماضية لن يتكرر بنفس الطريقة خاصة بعد ان استفاد المستثمرون من التجربة القاسية والاليمة التي تعرضوا لها. وفيما يلي نص الحوار الذي جرى في دبي:

> هناك انعدام للأمل في اسواق المنطقة بعد الهبوط الكبير الذي تعرضت له منذ نهاية 2005، الا ان كثيرا من المحللين يرون ان دورة التصحيح الطويلة تكاد تصل الى نهايتها فما هي توقعاتكم لأداء الاسواق المالية ؟

ـ بناء على المعطيات الاقتصادية العامة لدول مجلس التعاون الخليجي تحديدا، وهي الدول المنتجة للنفط وعدد من الدول العربية الاخرى، التي تشهد ايضا، نموا سنويا يتجاوز 6% فإننا نتوقع نموا مطردا في عدد كبير من القطاعات وزيادة في ارباح الشركات والبنوك العاملة في هذه الدول. هذا النمو في الارباح من شأنه ان يعزز اسعار الشركات المدرجة ويدفعها للارتفاع مجددا، وفي تقديرنا فان هذا الارتفـاع سوف يكـون حثيثا ومتـذبذبا وليس سريعا وعـامـوديا كما حصـل في عام 2005. كما يتـوقع ان يحـقق المستثمرون في هذه الاسواق عائدا سنويا بنسبة 20-25 % خلال السنوات الثلاث القادمة وهذا عائد ممتاز يعادل ضعف العائد المحقق في اسواق الأسهم عالميا على المدى الطويل الذي بلغ حوالي 12% سنويا. بكلـمة اخرى: اسـواقنا مازالت في مرحـلة انتعاش وما شـهدناه في السنوات الثلاث الماضية لن يتكرر بنفس الطريقة، اذ استفاد المستثمرون من التجرية القاسية والاليمة التي تعرضوا لها.

في جميع الأحوال، ان تجربتنا لا تختلف كثيرا عن تجارب الأمم الأخرى، فكثير من اسواق الدول شهدت مضاربات محمومة في وقت من الاوقات مع دخول عدد كبير من المستثمرين للسوق لأول مرة .. وقد رأينا ذلك في اليابان في الثمانينات، وفي جنوب شرق آسيا في التسعينات، وفي الولايات المتحدة في طفرة «الدوت كوم» وحاليا في الصين حيث تشهد رواجا شديدا، ادى الى ارتفاع اسعار اسهمها ثلاث مرات في غضون عامين. قياسا على هذا، فإن ما حدث في منطقتنا لا يخرج عن نطاق النمو والتطور الطبيعي للأسواق المالية، التي تحركها المشاعر وليس العقول في المدى القصير. من هنا ارى ان اعتقاد البعض بأن ما حدث لاسواقنا هو حالة فريدة من نوعها هو اعتقاد خاطئ، وعلى المستثمرين أن يبتعدوا عن الشائعات و«نظرية المؤامرة» التي يحاول البعض تفسير اداء السوق اليومي. وتأسيسا على كل ما تقدم اقول ان اسواقنا مازالت بخير بشهادة حجم التداولات اليومية والطلب القوي على الاصدارات الأولية، مضاف الى ذلك دخول المستثمرين الدوليين لاول مرة وبشكل ملحوظ الى الأسواق الخليجية. > لكن كثيرين يتحدثون علانية او همسا عن تلاعبات في الاسواق ويحصلون على كل شيء وشفافية مفقودة فما هو رأيك؟

ـ نحن اولى المؤسسات التي تحدثت عن الشفافية وكنا ومازلنا سباقين لتطبيقها والالتزام بالمعايير العالمية قبل دخولها الى منطقتنا، لعلمنا الكامل بأهميتها في المدى الطويل، وبأهمية ان نقوم بتطبيق ما ننصح الاخرين بالقيام به. ومؤخرا وتحديدا في 30 ابريل عام 2007 ، صـدر قرار وزاري في دولة الامـارات العربية بخصوص ضرورة الالتزام بمعايير جديدة من الانضــباط المـؤسـساتي، يلزم الشركات المدرجة في اسواق الامارات بتطبيقه خلال فترة 3 سنوات للتطبيق. نحن سنكون اول شركة تلتزم بكامل المعايير بنهاية سنتنا المالية 2007 حيث اننا قمنا قبل سنتين من صـدور هذا القــرار بتطــبيق الكــثير من مفرداته بالاعتماد على افضل ما هو متبع عالميا، حيث قمنا باعتماد نظام للانضباط الداخلي بتعيين اعضاء مجلس ادارة مستقلين، ولدينا لجنة تدقيق ونقوم بافصاح كامل كل ربع، ونفصح عن كل المعاملات الداخلية لاعضاء مجلس الادارة والادارة التنفيذية وغير ذلك من المعايير التي تعزز من الشفافية.

في الوقت نفسه، أود أن الفت النظر الى أن كلمة الشفافية وبالاحرى مقولة «افتقار اسواقنا الى الشفافية» اصبحت نوعا من الشماعة التي تعلق عليها كافة مشاكل اسواقنا، في حين ان اسواقنا ان كانت لا تتمتع بنفس درجة الشفافية في بعض الاسواق المتقدمة، فانها في مستوى الاسواق الناشئة الاخرى. الشفافية ليست هي المسؤولة عن هبوط الأسـواق اكثر مما كانت مسؤولة عن صعود الأســواق ذاتها عام 2005. والجهات الرقابية ليست ايضا هي الطرف المسؤول ايضا. الجهات التنظيمية وهيئات سوق المال عملت ومازالت تعمل على توعــية صغــار المســتثمرين وحمايتــهم من خلال رفع درجة الافصــاح، وتوفـير المعــلومات اللازمة للمستثمرين للقيام بقراراتهم الاستثمارية، وهذا يعني ان لا أحد من هذه الجهات مسؤول عن عواقب هذه القرارات اذا كانت قرارات خاطئة.

أخيرا، ان الشفافية والافصاح ومراقبة الاسواق هي عملية تراكمية تحتاج الى قدر من الزمن، لأن الخبرة لا يمكن اكتسابها الا من خلال المــمارسة مع مرور الوقت. وتجربـتنا في المنطقة مازالت قصــيرة لكنها تمضي بالاتجاه الصحيح، والمهم بتقديري هو التعامل بسرعة مع ما يثبت انه غير كفوء واصلاحه. > مع الطفرة الحالية في المنطقة وظهور مراكز مالية عديدة، دخل لاعبون جدد الى قطاع الخدمات المالية ، كيف تجدون هذه المنافسة الجديدة بالنسبة الى موقعكم ؟ ـ صناعة الخدمات المالية في منطقتنا مازالت صناعة جديدة وناشئة، ومن الطبيعي دخول شركات جديدة وناشئة، تطمح للحصول على حصة في السوق. وقد شهد عام 2006 دخول عدد كبير من هذه الشركات، وفي اعتقادي أن عددا منها سوف ينمو ويتطور، لكن عددا آخر سيواجه مصاعب ولن يجد النجاح الذي يطمح اليه لعدم تمتعه بميزة تنافسية. اضف لما تقدم، هناك عدد كبير من المؤسسات المالية العالمية التي لديها خطط واضحة لدخول أسواقنا، وعدد منها قام بالفعل بافتتاح مكاتب تمثيلية في المنطقة، أو الدخول في شراكات مع شركاء محليين. ان دخول لاعبين جدد عزز المنافسة، وسيدفع بأسواقنا الى المزيد من النمو والتطور، ويرفع المعاييرعامة، ويحسن الخدمات للمستهلكين. فالمنافسة الآن أصبحت حقيقة، وستبرز قدرات الإدارة الحقيقية للشركات العاملة في قطاع الخدمات المالية للسنوات القادمة، لأن توفر الرساميل بسبب الطــفرة في سوق الاسهم خلال الفترة الماضية شجع الكثيرين على الدخول في ميدان هــذه الصناعة، وربما اساء البعض تقدير مدى صعوبتها والتحديات الكبيرة التي هي من طبيعتها، بما في ذلك العامل البشري. من جهتنا، فنحن على ثقة باننا سوف نحافظ على موقعنا كاحدى اكبر ثلاث مؤسسات اقليمية على مستوى المنطقة، وليس في خطتنا الحالية أن ننافس عمالقة هذه الصناعة القائمة على تحويل المدخرات الى الأسواق العالمية، ولكن المحافظة على كوننا شركة متخصصة في توجيه الرساميل الى اسـواقنا المحلية. وتقديم خـدمات مميزة للشركات المتوسطة الحجم وللمستثمرين في الاسواق الخليجية. > ما هو تفسيركم لقيام الحكومات الخليجية بالاستثمار في الخارج ؟ ـ مع ارتفاع مداخيل النفط وتراكم فوائض مالية جديدة، فإنه من الطبيعي أن يتم توظيف هذه الرساميل الجديدة داخل وخارج المنطقة، وهنا يجب الاشـارة الى ان المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والشركات الخليجية اصبحت لها خبرة اكبر بكثير مما كانت عليه في السبعينات من القرن الماضي، لذا نلاحـظ الان خـطين رئيسـيين للاستثمار لم تعهدهما المنطقة من قبل، الاول: توجيه جزء كبير من هذه الرساميل الى استثمارات استراتيجية وليست مالية، بمعنى قيام شركات ناجحة في المنطقة بالتوسع عالميا مثل شركة موانئ دبي في الامارات أو سابك في السعودية أو (أم تي سي) في الكويت وغيرها، حيث استفادت هذه الشركات في توفر الرساميل فعززت قاعدتها المالية باستخدام هذه الاموال لشراء شركات تقوم هي بإدارتها وتوسيع اعمالها عالميا، وهو شيء يجب أن نعتز ونفخر به لأنه سيزيد من رصيدنا العالمي ويؤهل شركات عربية لأن تصبح في مصاف الشركات العالمية.

الثاني: ان الاستثمارات الخليجية اصبحت تجد طريقها ليس فقط الى الاقتصاديات المتقدمة في اوروبا وشمال اميركا وانما الى الاسواق المجاورة اقليميا مثل تركيا وباكستان والاردن ومصر، اضافة الى الاقتصاديات الاسيوية الجديدة وتحديدا الصين والهند والاسواق الناشئة الأخرى.

> هل انتم راضون عن ادائكم المالي خلال هذا العام ؟

ـ نتائج الربع الأول جاءت ضمن ما سبق أن اعلن عنه للمستثمرين وهو تحقيق عائد سنوي على حقوق المساهمين يعادل 20% والمحافظة على نسبة نمو 20% سنويا.

نتائج الربع الأول جاءت ايضا متوازنة حيث نمت نشاطاتنا الرئيسية الاربعة (ادارة الأصول، الصيرفة الاستثمارية، التوسط في اسواق المال والعوائد عن الشركات التابعة والشقيقة والمحافظ الإستثمارية).

فقد ارتفعت أرباح الربع الأول من العام الحالي إلى 75 مليون درهم إماراتي مقارنة بـ 2 مليون درهم لنفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفعت الايرادات إلى 165 مليون درهم إماراتي في الربع الأول من العام المالي الحالي مقارنة بـ 28 مليون درهم إماراتي لذات الفترة من العام الماضي.

> اين وصلتم بموضوع اصدار السندات القابلة للتحول الى اسهم ؟

ـ الاتفاق الذي تم الاعلان عنه مع مجموعة دبي المصرفية، بانتظار الحصول على موافقة مساهمينا أولا، والجهات المختصة لاحقا. وقد دعا مجلس الادارة الى جمعية عمومية غير عادية لهذا الغرض ولم يتوفر النصاب القانوني لها والبالغ 75% في تاريخ انعقاد الجلسة الاولى 5 اغسطس 2007 ، وستوجه الدعوة الى جلسة ثانية بتاريخ 2 سبتمبر 2007 التي تحتاج الى نصاب قانوني 50%. في حال الموافقة على اصدار السندات القابلة للتحويل الى أسهم سوف تزداد ميزانيتنا بمقدار 1500 مليون درهم، وفي حال تحويلها بعد سنة الى أسهـم سـوف تصبح لمجــموعة دبــي المصرفية حصة نسبية تعادل 32% في شعاع كابيتال، وتصبح قاعدتنا الرأسمالية 3 مليارات درهم، وهذا من شأنه ان يؤثر ايجابيا في السنة الاولى، على نصيب السهم من الربح، حيث نتوقع أن نقوم بتوظيف مبلغ 1500 مليون درهم بعائد سنوي يفوق سعر الفائدة السنوية عن هذه السندات والبالغة 6%. وفي السنوات اللاحقة في حال تحويل السندات الى اسهم سوف ترتفع القيمة الدفترية للسهم الى 4 دراهم تقريبا، وسوف تمكننا قاعدتنا الرأسمالية الجديدة من المضي قدما في خطة عملنا الطموحة والتي تحتاج لزيادة رأسمالنا البشري الى 450 موظفا من 220 حاليا، وتمويل الاستثمارات اللازمة للحصول على حصة مؤثرة في اسواق السعودية وقطر. > هناك الكثير من الانتقال ما بين الموظفين في القطاع المالي... ما هو تفسيركم ؟ ـ اعتقد ان انتقال الكفاءات، نتج عن دخول عدد جديد من اللاعبين من المؤسسات المالية المحلية والعالمية على السواء. في كل الاحوال، فانا اتوقع استقرارا نسبيا في سوق العمل عما قريب.. ونحن مثل اية شركة اخرى، وجدنا صعوبة في التعامل مع هذا الوضع ولكننا ايضا تمكنا من زيادة عدد الموظفين اكثر من 40% خلال الفترة ذاتها.