العلاقات الاقتصادية الألمانية ـ الإيرانية تواصل تراجعها والرابح الإمارات

طهران تهدد بنوك برلين بالمقاطعة.. والألمان يديرون رؤوسهم نحو شريكهم الثاني في منطقة الشرق الأوسط

قوارب إيرانية في مرسى دبي («الشرق الاوسط»)
TT

تبدو المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، من الحزب الديمقراطي المسيحي، أكثر استعدادا ممن سبقوها في المنصب للتعاون مع الإدارة الأميركية وإن كان ذلك على حساب علاقاتها مع الشريك الاقتصادي الأول في الشرق الأوسط (إيران). وأدت الضغوط الاقتصادية الأميركية على ألمانيا، بهدف أشراكها في إجراءات المقاطعة ضد الدولة الفارسية، إلى ردود فعل إيرانية قد تطيح بمستقبل صادرات إلمانية إلى طهران ترتفع الـ 5 مليارات يورو (6.77 مليار دولار) سنويا.

وعبر محمد جعفر مجرد، نائب رئيس بنك إيران المركزي، لصحيفة «فايننشيال تايمز دويتشلاند» الألمانية أمس الخميس، عن عدم ارتياح بلاده لسياسات البنوك الألمانية تجاه طهران. وقال مجرد «ترتكز علاقاتنا الاقتصادية على الثقة، ومن الصعوبة جدا، ان نستعيد هذه الثقة حينما يجري التجاوز عليها مرة واحدة». وهدد مجرد بشكل مباشر بالقول «ليست هنا ضمانات بإمكانية العودة إلى زمن العلاقات الجيدة»، وأضاف «نعرف أن البنوك الألمانية تحت ضغط، لكن إجراءاتها تلحق أضرارا باقتصادنا».

وتعتبر تصريحات مجرد رد فعل على الإجراءات التدريجية التي دأبت البنوك الألمانية باتخاذها تجاه إيران بضغط من حكومة برلين، إذ سبق أن أعلن الدويتشة بانك والكوميرس بانك عن تقليص نشاطهما الاقتصادي في إيران إلى حد كبير بسبب السياسة المغامرة التي تنتهجها حكومة الرئيس أحمدي نجاد. وأعلن الدريسدنر بانك، يوم الأربعاء الماضي، عن وقف كافة أعماله مع إيران إلى أجل غير مسمى.

وعدا عن الوضع غير المستقر، والخشية من حرب مفاجأة قد تندلع في إيران بسبب برنامجها النووي، فإن البنوك الألمانية الكبرى تخشى على علاقاتها الاقتصادية الأهم مع الولايات المتحدة الأميركية. وسبق لبنوك أخرى دولية أن ساهمت في حملة مقاطعة التعامل مع إيران بالدولار وفرض اليورو على المعاملات الاقتصادية مع الجانب الإيراني. ومعروف أن إيران تتلقى العملة الصعبة عن صادراتها، والنفط على وجه الخصوص، بالدولار، الأمر الذي سيكلف الجانب الإيراني خسائر مالية لا يستهان بها. وشاركت بنوك «بن امرو» و«كريدي سويس» و«يو بي أس»، إضافة إلى بنوك من فرنسا وبريطانيا، في وقف التعامل بالدولار مع إيران.

لم تتأثر العلاقات الاقتصادية بين ألمانيا وإيران بعد سقوط نظام الشاه، بل أن الصادرات الألمانية للجمهورية الإسلامية تجاوزت حاجز الـ 8 مليارات مارك في الثمانينات خلال فترة حكم المستشار الأسبق هيلموت كول. لكن العلاقات الاقتصادية بين طهران وبرلين شهدت العام الماضي أول تراجع لها منذ عقود بسبب السياسة المغامرة التي ينتهجها الرئيس أحمدي نجاد في الشرق الأوسط. وتشير دراسة نشرتها غرفة التجارة والصناعة الألمانية إلى أن العديد من المستثمرين الألمان يديرون رؤوسهم باتجاه دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن شعروا بالقلق جراء سياسة الحكومة الإيرانية الحالية. وكان اسم الإمارات قد تقاسم مع إيران عام 2005 مرتبة الشريك الاقتصادي الأول لألمانيا في الشرق الأوسط.

وشملت دراسة أجرتها غرفة التجارة والصناعة الألمانية، عددا كبيرا من الشركات الكبرى والمتوسطة العاملة في إيران، إلا أن 33 في المائة من هذه الشركات يعاني في الاشهر الأخيرة من تردي العلاقات التجارية مع طهران. وتشير إحصائية الغرفة إلى تراجع مداخيل الشركات العاملة في إيران خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2006 بنسبة 14 في المائة.

ومعروف أن حكومة هيلموت كول منحت إيران في الثمانينات ضمانات هرمز، وهي ضمانات تأمينية حكومية للشركات الألمانية الراغبة بالعمل في إيران، لكنه لا تتوفر مؤشرات اليوم على ان حكومة ميركل ستجدد هذه الضمانات. وذكر رينيه اندريش، المتحدث الرسمي باسم ضمانات هرمز، لصحيفة «فايننشيال تايمز دويتشلاند» أن الحكومة تتفحص العقود المقدمة بدقة حاليا. وبلغت قيمة الصفقات المضمونة من قبل هرمز 900 مليون يورو (1.2 مليار دولار) فقط عام 2006 مقارنة بحجمها عام 2005 الذي يقدر بنحو 1.4 مليار يورو (1.89 مليار دولار).

وكانت البنوك الألمانية قد رفعت قيمة تأمينها على الأعمال في إيران من 2 إلى 10 في المائة فجأة، وتدفع هذه الحال الشركات الألمانية للبحث عن بنوك أجنبية تعمل بشروط أصعب وتحت ضغط أكبر من الحكومة الأميركية.

وبلغت صادرات المانيا إلى إيران عام 2005 نحو 4.4 مليار يورو (5.9 مليار دولار)، وتشكل المكائن والتقنية الإلكترونية وتقنية صناعة النفط والمجاري عماد الصادرات الألمانية إلى إيران، في حين تتركز الواردات الألمانية أساسا على النفط والسجاد وبعض الأغذية.