مصر: خدمات «التعهيد» تحتاج عصا سحرية لتجاوز عقبات التقدم عالميا

في ظل خطط للوصول بصادرات التكنولوجيا لـ 1.1 مليار دولار

مصر تحتل الترتيب 12 عالميا في مجال التعهيد («الشرق الأوسط»)
TT

تزهو وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية هذه الأيام بتقارير دولية حول احتلال مصر مراكز متقدمة عالميا في مجال تصدير الخدمات العابرة للحدود المعروفة باسم «التعهيد» outsourcing، إلا أن الصورة ليست وردية تماما كما يصورها البعض، وإنما تحتاج المنظومة لعصا سحرية لتجاوز العقبات التي تحول دون تحقيق مراكز أكثر تقدما، وجذب المزيد من الشركات العاملة في هذا المجال.

فعلى الرغم من إشادة أكثر من تقرير دولي بتطور أنشطة التعهيد في مصر والممزوجة بتوقعات بتحول القاهرة إلى نيودلهي الشرق الأوسط، فإن ثمة عوامل سلبية تثير قلق مسؤولي الحكومة المصرية التي تعهدت برفع قيمة صادرات البلاد من صناعة تكنولوجيا المعلومات إلى نحو 1.1 مليار دولار بحلول عام 2010.

وأبرزت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية منذ أيام، وصول مصر إلى المرتبة الـ 12على مستوى العالم في مجال تصدير الخدمات العابرة للحدود، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى وجود تحديات كثيرة تواجهها للارتقاء بخدمات التعهيد تتمثل في عدم توافر الكوادر المدربة، فضلا عن ارتفاع الأجور بين العاملين الأكثر خبرة في هذا المجال مقارنة بنظرائهم في الهند، ودخول دول أخرى بالمنطقة بقوة إلى عالم هذه الخدمات، خاصة دول المغرب العربي والأردن والإمارات العربية المتحدة.

وتقوم الشركات العاملة في مجال «التعهيد» بتقديم خدمات الاستشارات في مختلف التخصصات إلى الشركات العاملة خارج الدولة، عبر ما يعرف بمراكز الاتصال «كوول سنتر» يقوم عليها متخصصون على دراية بلغة الدولة التي تعمل بها الشركات المستهدفة.

وأبدى الدكتور حازم عبد العظيم مستشار وزير الاتصالات المصري لشؤون تكنولوجيا المعلومات قلقا بشأن قصور المنظومة التعليمية في مصر عن الوفاء بالكوادر الكافية لنشر خدمات التعهيد وصناعة تكنولوجيا المعلومات.

وقال عبد العظيم إن الوزارة أعدت برامج تدريبية مكثفة بالتعاون مع معهد تكنولوجيا المعلومات لتدريب مزيد من الكوادر على فنون ومهارات الاتصال اللازمة، مشيرا إلى أن خدمات التعهيد تحتاج إلى كفاءات من كافة القطاعات ولا تقتصر على دارسي تكنولوجيا المعلومات، خاصة في ظل وجود العديد من الشركات التي تقدم خدمات مراكز الاتصالات في قطاعات طبية وتجارية وغيرها.

كما أطلقت وزارة التعليم العالي مبادرة مؤخرا لتعديل المناهج الدراسية في الجامعات المصرية لتلتحم بشكل أكبر مع صناعة تكنولوجيا المعلومات، على أن يتم البدء بكليتي الهندسة والحاسبات والمعلومات ثم يتم تعميمها على باقي الكليات.

وأكد مستشار وزير الاتصالات رغبة مصر في الحصول على مراكز أكثر تقدما في مجال التعهيد وجذب الاستثمارات العالمية في هذا المجال، مشيرا إلى وجود ما يتراوح بين 10 و15 شركة تعمل في هذا المجال حاليا وهو عدد قليل بالنسبة للهدف المراد تحقيقه.

وفي هذا السياق، قال حسن بهنام رئيس البعثة التجارية الفرنسية في القاهرة، إن شركة «تليبير فورمانس» تستعد لاقتحام السوق المصري بنهاية العام الجاري لتقديم خدمات مراكز الاتصالات، مشيرا إلى أن الشركة كانت تركز على السوق الشمال أفريقي، خاصة المغرب وتونس بسبب عوامل جغرافية وثقافية، إلا أن تطور صناعة التعهيد في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية دفعتها لإعادة النظر في سياسات الاستثمار الخارجي.

وأشار بهنام إلى المنافسة الشرسة في منطقة الشرق الأوسط لاجتذاب أكبر عدد من الشركات العالمية، مؤكدا أن الظروف الحالية في مصر تشير إلى قرب حدوث تحول جوهري في خدمات التعهيد وتصدير البرمجيات في ظل هذه المنافسة.

وفي المقابل، قال تامر بدراوي العضو المنتدب لشركة C3 العاملة في مجال الـ«كوول سنتر» إن مصر تواجه مشكلة حقيقية في التسويق الخارجي للشركات العاملة في مجال التعهيد، وتعريف العالم بإمكانيات مصر وقدرتها على تقديم الخدمات خارج الحدود بكفاءة عالية.

وأكد بدراوي أن عامل الترويج ساعد العديد من الدول مثل الهند في تصدر قائمة الدول العاملة في مجال التعهيد، مطالبا بضرورة زيادة الدعم الحكومي للترويج للشركات العاملة محليا في هذا المجال للحصول على صفقات خارجية تضعها في مراكز متقدمة بالعالم.

من جانبه أشار السيد إسماعيل عضو مجلس إدارة غرفة البرمجيات باتحاد الصناعات المصري إلى أن هناك العديد من الأسواق باتت مفتوحة لمصر خاصة فيما يتعلق بضخ المزيد من الاستثمارات في مجال خدمات التعهيد، محذرا من استمرار عدم تلبية المناهج التعليمية المتخصصة في متطلبات السوق.

وأشار إلى أن مصر حققت قفزات كبيرة في مجال تصدير التكنولوجيا خلال السنوات الخمس الماضية والتي تجاوزت بنهاية العام الماضي 350 مليون دولار، إلا أن هناك حاجة إلى توفير المناخ والعناصر الأساسية للوصول بهذه الصادرات إلى 1.1 مليار دولار بحلول عام 2010 كما تخطط وزارة الاتصالات، موضحا أن هناك تعاونا كبيرا بين اتحاد الصناعات وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات لتحقيق هذه الاستراتيجية. وبينما أشار تقرير صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إلى وجود منافسين في منطقة الشرق الأوسط لمصر مثل الإمارات، قلل الدكتور جمال محمد علي رئيس مركز تقييم واعتماد هندسة البرمجيات من احتمالات منافسة الإمارات لمصر في مجال خدمات التعهيد، مشيرا إلى أنها تعتمد على كوادر غير وطنية وتعتمد أكثر على كونها مركزا تجاريا في المقام الأول.

وعلى الرغم من نجاح مصر بشكل كبير في نشاط خدمات التعهيد من وجهة نظر الدكتور جمال محمد علي إلا أنه شدد على ضرورة توجيه اهتمام الدولة نحو تعزيز قدراتها التنافسية واستغلال البنية الأساسية التي تم تدشينها على مدى السنوات الماضية وجذب العديد من الشركات العاملة في هذا المجال.