أزمة بنك «نورذرن روك» تطل برأسها من جديد بعد تراجع قيمة السهم بنسبة 16%

أصوات كثيرة تطالب باستقالة المسؤولين وبيع البنك في أقرب وقت

«نورذرن روك» لا يزال يعاني في اسواق المال («الشرق الاوسط»)
TT

بالرغم من الدعم الحكومي المهم الذي تلقاه بنك «نورذرون روك» لطمأنة المدخرين على ودائعهم وضمانها بمبلغ لا يقل عن 28 مليار جنيه (50.4 مليار دولار)، فإن الأصوات الاقتصادية والمالية ارتفعت من جديد للمطالبة ببيع البنك الذي يعاني من مشكلة الحصول على قروض قصيرة الأمد من الاسواق المالية في هذه الفترة لتسيير اموره وامور زبائنه. كما ارتفعت الكثير من الاصوات المنتقدة للحكومة لتأخرها اربعة ايام للتدخل وانقاذ البنك، من دون الأخذ في عين الاعتبار الآثار السلبية التي قد تتركها مشاهد الطوابير أمام فروع البنك على الاقتصاد البريطاني، وخصوصا القطاع المصرفي لسنوات.

وقال رئيس الحكومة غوردن براون بهذا الصدد امس: «ما اريده هو طمأنة المواطنين، بأننا سنفعل بما يفترض بنا فعله للحفاظ على استقرار الاقتصاد العام».

كما ارتفعت الاصوات المطالبة باستقالة المسؤولين عن البنك، وخصوصا المدير التنفيذي ادام ابلغارث، وهذا اقل ما يمكن ان تطالب به الحكومة مقابل تدخلها، على حد تعبير احد الخبراء في وسط لندن.

واشتدت هذه المطالب بعد تأكيد البنك بانه سيقوم بدفع ما لا يقل عن 60 مليون جنيه استرليني (105 مليون دولار) لبعض المستثمرين رغم الأزمة التي يمر بها.

وتؤكد احدى الخبيرات في الوسط التجاري في لندن، ان القضية مسألة وقت حتى يطالب المساهمون في البنك باستقالة المسؤولين وتحميلهم مسؤولية ما حصل، إذ ان هناك وجهة نظر محقة بانهم اتخذوا الكثير من المخاطر بالاعتماد على صناديق التحوط.

ويحق للمدير التنفيذي للبنك ان يستقيل بعد تلقيه علاوات بقيمة 1.4 مليون جنيه استرليني.

ورغم ان طوابير المدخرين تراجعت بشكل كبير وحاسم خصوصا في مدينة نيوكاسل الشمالية، فإن الزبائن واصلوا محاولاتهم الحصول على مدخراتهم عبر الهاتف وشبكة الإنترنت وبكثافة. كما عادت اسهم البنك المتعثر لتلقي بظلالها على الاسواق البريطانية حيث انخفضت امس من جديد لتفقد المكاسب التي حققتها في بداية التعاملات، إذ اثار اقدام اثنين من المستثمرين المساهمين في البنك على بيع حصتيهما المخاوف بشأن مستقبل البنوك وسط شائعات عن تقديم عروض مخفضة للاستحواذ على البنك.

وانخفض سهم البنك 16 في المائة الى 257 بنسا ليتصدر قائمة الاسهم الهابطة على مؤشر فاينانشال تايمز. وكان السهم ارتفع في بداية تعاملات امس الى 335 بنسا.

وقال متعامل: «الغموض يكتنف مستقبل «نورذرن روك» ولا يوجد اتجاه واضح. ومن الواضح ان كبار المستثمرين يتخلصون من حصصهم وهذا يوضح بجلاء انه لا توجد امكانية لعملية اسستحواذ في الأجل القريب.

واظهرت مستندات رسمية قدمت للبورصة ان كلا من المستثمر بيلي جيفورد وبنك «لويدز تي اس بي» خفض حصته في البنك. واشار متعاملون ايضا الى تكهنات بتقديم عروض مخفضة جدا لشراء «نورذرن روك» بسعر 100 بنس للسهم الواحد من منافسه «اتش بي او اس» و200 بنس للسهم من «لويدز تي اس بي».

وفيما يطالب بعض الخبراء ببيع «نورذرن روك» الآن وليس غدا، يقول البعض الآخر ان امام مديري البنك شهرا واحدا لبيعه وترتيب اموره، ما يعني ان البنك لن يكون مستقلا عند نهاية العام ومصيره مفتوح على جميع الاحتمالات.

ولا شك ان قضية سعر سهم «نورذرن روك» مرتبطة بقضية بيع البنك التي يطالب فيها الكثيرون ويعتبرونها كانت ضرورية منذ اول يوم للأزمة. وعلى هذا الصعيد تأكد للكثيرين ان محاولة بنك «لويدز تي اس بي» للاستحواذ على البنك تعطلت بسبب موقف الحكومة الرافض لمنح البنك نفس الدعم المالي الذي ضمنه لـ «نورذرن روك» امس، ولو كان موقف الحكومة مغايرا لما كنا سمعنا بأية ازمة.

ويبدو ان هناك سلبيات مالية عدة لدى «نورذرن روك» تمنع أي عملية استحواذ مباشرة سهلة ورخيصة، منها مستحقات على البنك بقيمة 2.6 مليار جنيه. كما أظهر بنك «اتش اس بي سي» اهتماما كبيرا في عملية شراء البنك بعد الاطلاع على ملفاته لكن لم يرشح شيئا جديدا من قبله منذ ايام.

وأكدت وسائل الإعلام البريطانية ان هناك احتمالات عدة، منها اقبال بعض المستثمرين الاجانب والمؤسسات المالية الخارجية على شراء البنك إذا كانت الظروف مناسبة.

البنك الوحيد الذي تحرك الآن، ولأسباب تجارية هو «دويتش بنك» الألماني، الذي اشترى 3.64 في المائة من اسهم «نورذرن روك» في صفقة واحدة. وفي اتصال مع «الشرق الاوسط» اكد بيت بايانو عن هيئة البنوك البريطانية «ان الاحاديث عن صعوبات يواجهها البنك حتى يباع مجرد تكهنات، ومعظم ما يتم تناقله في هذا الإطار مجرد تكهنات حتى الآن».