استقرار النقد وتحسن المالية العامة يحدان جزئياً من تأزم الاقتصاد اللبناني

154 مليون دولار فائض ميزان المدفوعات بنهاية يوليو الماضي

TT

لم تحجب المؤشرات السلبية المتكاثرة في لبنان على خلفية الأزمة السياسية العاتية وتداعياتها، ظهور ملامح ايجابية محدودة يمكن أن تشكل مرتكزات أساسية لإعادة تصحيح مسار النمو في حال إنجاز الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق.

وتتركز الملامح الايجابية في الأداء المالي والمصرفي المدعوم باستمرار تدفق الأموال من اللبنانيين المغتربين والعاملين في الخارج. وهذا ما يساهم بفاعلية في استقرار الموازنة العامة رغم الزيادات الطارئة على بعض أبواب الإنفاق، وفي دعم الاستقرار النقدي المعول عليه في تعزيز تنشيط الاقتصاد لاحقاً، فضلاً عن تصحيح ميزان المدفوعات الذي يتعرض لاستنزاف كبير ربطاً بانحدار الاستثمارات الوافدة وتراجع ودائع غير المقيمين.

ويؤكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (احد المرشحين المتداولين لرئاسة الجمهورية): «إن الوضع النقدي مستقر مع تسجيل نمو مهم في الكتلة النقدية (م 3) بنسبة تزيد على 13 في المائة عما كانت عليه العام الماضي. كما سجل ميزان المدفوعات فائضاً بقيمة 154 مليون دولار حتى نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي. وهو رقم جيد في ظل المناخات السائدة وارتفاع اسعار النفط ومشتقاته».

وبحسب محضر الاجتماع الشهري مع جمعية المصارف الصادر امس، توقع سلامة ان «تسجل الودائع المصرفية نمواً بنسبة تراوح بين 6 و7 في المائة خلال العام الحالي، على رغم عمليات السحب التي تمت من ارصدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي».

ولاحظ «استقرار الفوائد المصرفية على رغم الأزمة العقارية التي شهدها الغرب، واستقرار اسعار سندات اليوروبوند اللبنانية (حكومية وخاصة)، ووجود سيولة كافية في الاسواق، وعدم حصول اي خضات في سوق القطع، واستقرار وضعية البنك المركزي بالعملات الصعبة (يزيد الاحتياط على 12.5 مليار دولار)».

وبالترافق مع تطمينات الحاكم، اعلنت وزارة المال امس ان حصيلة عمليات الخزينة العامة اظهرت تراجعا في نسبة العجز الاجمالي الى 28 في المئة حتى نهاية شهر أغسطس (آب) للفترة ذاتها من العام الماضي. فيما سجل الفائض الأولي في الموازنة زيادة كبيرة بنسبة 64 في المائة خلال الفترة ذاتها.

وكان مقدراً لهذا التحسن ان يبلغ مستويات هامة لولا الزيادات الطارئة على الانفاق، اذ ارتفع الانفاق على الكهرباء (بفعل ارتفاع اسعار النفط) بنحو 335 مليار ليرة. وارتفعت خدمة الدين العام بنحو 361 مليار ليرة، ليرتفع إجمالي الانفاق الى نحو 8300 مليار ليرة مقابل 7339 ملياراً للفترة ذاتها من العام الماضي.

وساهم الارتفاع المحقق في الإيرادات العامة في إطفاء زيادة الإنفاق وتحقيق الزيادة النوعية في الفائض الأولي. فقد ارتفع إجمالي الإيرادات الى نحو 5981 مليار ليرة مقابل 5054 مليار ليرة حتى نهاية شهر أغسطس (آب) من العام الماضي. وهذا ما رفع الفائض الأولي الى 819 مليار ليرة مقابل 498 ملياراً للعام الماضي.

ويتوزع التحسن المحقق في الايرادات على إيرادات الضريبة على القيمة المضافة التي زادت 279 مليار ليرة، والايرادات على رسوم التجارة والمبادلات الدولية التي زادت 219 مليار ليرة، وتحقيق وفر من موازنة وزارة الاتصالات بنحو 195 مليار ليرة (الدولار يساوي 1507 ليرات).