ضدان متلازمان في سوق الأسهم السعودية والمعادلة الصعبة!

الاستثمار يشعل فتيل المضاربة.. والمضاربة تقتل الاستثمار

TT

مع كل رحلة ارتفاع للأسعار في سوق الأسهم السعودية، يكثر التبرير المنطقي لهذا الصعود المواكب للأرقام المتدنية والبيانات المغرية، والتي تقنع السيولة المتربصة للفرص الاستثمارية بدراسة فكرة الدخول للسوق، واختيار ما لذ وطاب من أسهم شركات العوائد المجزية. لكن يفاجأ المتعاملون بالعودة الأسرع إلى تلك المناطق السعرية التي قيل لهم عنها «ودِّعوها فإنها لن تعود»، وما أشبه الليلة بالبارحة، إذ أنه مع تنافس المستثمرين على اقتناء الأسهم ذات الجدوى الاستثماري في سوق الأسهم مقارنة بالقنوات الاستثمارية الأخرى، وتزامناً مع تكدس تلك المحافظ بهذه الأسهم المستهدفة وتجفيفها من المعروض، يأتي دور «البرنتات» وهي كشف ملاك أسهم هذه الشركة أو تلك، والتي يسيل لها لعاب المضاربين بعد أن عرفوا أن المستثمر قطع عنهم نصف المشوار إن لم يكن جله، فلم تبق أمامهم إلا كمية قليلة بمقدور المضارب التلاعب بها، مع اطمئنانه بأن المستثمر غادر الشاشة منتظرا نهاية العام، متلهفا للأرقام الموعودة. فيأتي دور المضاربة بالتسريع من وتيرة تصاعد الأسعار حتى يفاجأ المستثمر بأنه تحقق له في أسابيع قليلة، أرباحا فاقت ما يرنو إليه في عام، فتلوح أمامه فكرة البحث عن فرص بديلة، فتقع الكارثة بعودة الأسعار إلى مناطقها إن لم تكن أقل.

هنا يبرز دور الضدين المتلازمين في سوق الأسهم السعودية، الاستثمار والمضاربة، إذ أفرزا معادلة صعبة أمام الجهات التنظيمية والمسؤولة، تكمن في أن الاستثمار يشعل فتيل المضاربة والمضاربة بدورها تقتل الاستثمار.

حيث كشفت السوق عن آثار هذا السلوك، عن طريق الموجات الارتدادية، والتي تنقل المؤشر العام إلى أرقام عالية وبسرعة قياسية، لتبدأ ملامح المؤشرات المطمئنة، عن خروج السوق من مساره الهابط، والذي تمكن منه منذ انهيار فبراير (شباط) العام الماضي، ليتفاءل الجميع حول تعافي السوق، لكن لا تلبث أن تعود أدراجها.

إذ بدأت السوق في اعتلاء هذا المنحى منذ 11 مايو(أيار) 2006، عندما لامس المؤشر العام مستوى 9471 نقطة، بعد مشوار هبوط، لتبدأ رحلة الانطلاق الصاروخي، إلى مستوى 13542 نقطة، محققة 4071 نقطة تعادل ارتفاع قوامه 43.9 في المائة خلال 43 يوم تداول فقط، ليعود السوق إلى محطة انطلاقته لفترة، ثم عاود مسلسل الهبوط إلى مستويات أقل.

حيث زاد على تراجعاته السابقة، والتي هوت بالسوق من مستويات 20 ألف نقطة، ليرفع نسبة الخسارة بعد تنازله عن القاع السابق المتمثل في 9741 نقطة بنسبة 28.5 في المائة بعد خسارتها 2704 نقاط، لتصل إلى مستويات غادرتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2005 من خلال ملامستها مستوى 6767 نقطة.

لتكرر السوق نفس السيناريو السابق تقريبا، بعد أن عادت موضة الارتدادات الصاروخية، من مستوى 6767 نقطة، ليكسب المؤشر العام في 28 يوم تداول 2189 نقطة تعادل 32.3 في المائة، بعد أن صعدت السوق إلى مستوى 8956 نقطة في 10 مارس (أذار) العام الجاري. وما أشبه الليلة بالبارحة، حيث عادت الأسعار إلى هواية التراجعات الخطافية، وتهاوي القيم السوقية، حتى عاد المؤشر العام إلى مستوى 6777 نقطة، قريبا من مستوى الانطلاقة السابق. لكن بفارق 10 نقاط، ومع صعود المؤشر في الآونة الأخيرة ووصوله بالقرب من منطقة 8000 نقطة، لا تزال أغلب قطاعات السوق تعاني من الخسارة في العام الحالي.

حيث تبقى 5 قطاعات في المنطقة الخاســرة، من مجمل 8 قطاعات في الســوق، في تعاملات 2007، عدا 3 قطاعات استطاعت الاستفادة من التذبذب الحالي بالسوق، لتنجز تقدما على صعيد المكاسب النقطية، بعد أن استطاع قطاع التأمين أن يحقق ارتفاعا بمعدل 56 في المائة، يليه قطاع الزراعة بنسبة 29.9 في المائة، وأخيرا قطاع الصناعة بصعود قوامه 17.8 في المائة.