مدير مجلس التفاهم العربي ـ البريطاني: لندن تتحول إلى أهم المراكز المالية العالمية وحلقة الوصل بين العرب وأميركا

قال إن العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا والعرب أقوى بكثير مما يتصور البعض

تعتبر لندن إحدى أهم العواصم المالية والخدماتية حول العالم («الشرق الأوسط»)
TT

في محاولة للتعبير عن أهمية العالم العربي، يقول كريس دويل مدير «مجلس تعزيز التفاهم العربي ـ البريطاني» (كابو)، في كلام موجه للجمهور البريطاني، ان اعتبار المنطقة العربية التي تتعدى مساحتها 5 ملايين ميل مربع، وتضم 300 مليون نسمة تقريبا، مجرد منطقة عنف وتطرف، يعمي القلب عن حقيقة المنطقة وطبيعة التبادل والتعامل بين بريطانيا والدول العربية الذي لا يعتبر مربحا فحسب، بل ضروريا وملحا على حد تعبيره.

وللتعبير ايضا عن حجم العلاقات بين الجانبين واهميتها، يشير دويل في ملحق خاص في صحيفة التايمز اللندنية تحت عنوان «صداقة من خلال التجارة»، الى ان الوضع لم يعد كما كان عليه في السابق وحكرا على وجود آلاف الطلاب العرب الراغبين في تحصيل داراساتهم الجامعية في بريطانيا، بل تغير واصبح البريطانيون رغم الاوضاع السياسية والأمنية الصعبة، يتكاثرون في بعض الدول العربية، واصبح عدد الذين يعيشون ويعملون في دبي فقط 100 الف. يلي ذلك من ناحية العدد كل من مصر التي تشد المستثمرين والراغبين في شراء منزل ثان، بالإضافة الى المغرب التي ينشط فيها البريطانيون منذ بداية الطفرة العقارية بشكل لم يسبق له مثيل. وفي المقابل ارتفع حجم الاستثمار العربي في الخارج الى 64 مليار دولار، ووصلت قيمة الاستثمارات العربية في قطاع العقارات البريطاني وحده الى 1.5 مليار جنيه استرليني (3 مليارات دولار) عام 2005. وقد تضاعف هذا الرقم في عامي 2006 و2007 بالطبع، حيث انتشرت المشاريع الإنمائية والعقارية الفاخرة والكبرى في جميع انحاء لندن. ودخلت شركات استثمارية كثيرة من الكويت والسعودية وقطر وغيرها من الدول العربية التي تشهد طفرة نفطية، وبمبالغ ضخمة الى الاسواق اللندنية، وكان آخرها استحواذ قطر والإمارات على 48 في المائة من بورصة لندن. كما يتم التفاوض حاليا بين صندوق قطري تبلغ قيمة أصوله 40 مليار دولار وسلسلة متاجر «سانزبوري» للاستحواذ على السلسلة التي تعتبر من اكبر وانجح المؤسسات الخاصة بالمراكز التجارية او التسوقية. كما يقوم القطريون بمشروع عقاري فاخر في غرب لندن يعتبر الأغلى في العالم. وكانت السعودية قد ابرمت صفقة لشراء 72 طائرة من طائرات «يوروفايتر تايفون» الحربية البريطانية بقيمة 8.8 مليار دولار.

وعند الحديث عن الاستثمارات العربية، لا يمكن تجاهل صناديق الاستثمار الحكومية، ومنها الصندوق الحكومي الكويتي الذي يملك اصولا بقيمة 100 مليار دولار من ضمنها الحصة التي يملكها في شركة «يوروبيان ايرونوتيك ديفانس اند سبيس كومباني» وتقدرة بـ3.1 في المائة من قيمة الشركة.

كما يصعب تجاهل صندوق الاستثمار الحكومي الإماراتي الذي تقدر قيمته 870 مليار دولار حسب «مورغان ستانلي»، وحجم الإستثمارات التي يقوم بها في بريطانيا وبقية الدول الاوروبية واميركا وآسيا. وفي إطار العلاقات بين الدول العربية وبريطانيا واهمية لندن بالنسبة للمستثمرين العرب ورجال الأعمال بشكل عام يقول كريس دويل مدير «مجلس تعزيز التفاهم العربي ـ البريطاني لـ«الشرق الأوسط» ان: «العلاقة بين الجانبين ممتازة وصحية وافضل مما يتصور البعض، ورغم الغضب الشعبي من السياسة الخارجية البريطانية والأميركية في الشرق الأوسط، فإن هذه العلاقات لم تتأثر ابدا، لا بل ان العلاقات التجارية والسياحية افضل بكثير من السابق.. العرب على علاقة متينة وتاريخية بلندن، لأنها توفر للمستثمر العربي خدمات لا تقدر بثمن فهي حلقة الوصل بين اميركا والدول العربية من ناحية المواصلات، وهي مركز لوسائل الإعلام العربية والدولية وهي مركز عالمي للاتصالات. إذا لم نقدر هذا الوضع ونثمنه يمكن ان نخسره في المستقبل».

وتشير المعلومات ان ارتفاع اسعار النفط، ساعد الدول العربية المنتجة له على التعلم من الماضي، وتنويع اقتصاداتها واستثماراتها الخارجية وقد ارتفع معدل التبادل التجاري بين بريطانيا والدول العربية بنسبة 16 في المائة خلال السنتين الماضيتين. وتعتبر «بريتيش غاز» اكبر مستثمر أجنبي في تونس، وينطبق الوضع على «بي.بي» في الجزائر.

ولا شك ان البريطانيين سيكونون جزءا من المشاريع الضخمة التي ستقوم بتنفيذها قطر خلال السنوات السبع المقبلة، في إطار برنامج استثماري وانمائي وصناعي تبلغ تكلفته 130 مليار دولار. ففي الوقت الذي تقترب فيه قطر من ان تصبح اكبر مصدر للغاز في العالم يزداد اعتماد بريطانيا على الغاز كمصدر للطاقة. ومن شأن المشاريع التطويرية الضخمة لحقول الغاز العودة بالفائدة على الشركات البريطانية النفطية والمتخصصة بسبب العلاقات الطيبة بين البلدين.

وفي هذا الإطار يقول كريس دويل: «من المؤكد ان بإمكان العربي ان يقدم للبريطاني اكثر من النفط والغاز، ويمكن ان يساهم باثرائه حضاريا ويمتن علاقته بالعالم الإسلامي، ومنح الفرصة له لتقديم خبراتهم الخاصة، أضف الى ذلك العلاقات الإنسانية ذاتها».