المدير العام لـ«صوماكا» المغربية: نخطط لتصدير 6 آلاف سيارة «رونو لوكان» إلى أوروبا شهرياً

العربي بلعربي لـ«الشرق الأوسط» : عيوننا على أوروبا بدلا من دول اتفاقية التجارة الحرة العربية

TT

أمام تعثر تنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة العربية لم تجد «الشركة المغربية لتركيب السيارات» (صوماكا) بدا من أن تغير استراتيجيتها التجارية بنسبة 90 درجة، وذلك عبر توجيهها لتلبية حاجيات الأسواق الأوروبية في الشمال بدلا من أسواق بلدان اتفاقية أكادير للتجارة الحرة (تونس ومصر والأردن) في المشرق. ومع انطلاق تسويق أولى سيارات «رونو لوكان» المصنعة في المغرب بأسواق فرنسا وإسبانيا في يونيو (حزيران) الماضي، وضعت «صوماكا» خطة استثمارية لرفع وتيرة انتاجها الموجه نحو الأسواق الأوروبية.

وعرفت صناعة السيارات المغربية تحولات كبيرة خلال العامين الأخيرين مع استكمال تخصيص «صوماكا»، وربطها بالمشروع الصناعي العالمي لمجموعة «رونو» الفرنسية، التي أصبحت تملك 80% من رأسمال «صوماكا» منذ نهاية سنة 2005. كما شكلت «صوماكا» قطبا صناعيا سرعان ما اجتذب العديد من الاستثمارات في مجالات إنتاج المكونات وقطع الغيار المرتبطة بتركيب السيارات. وفي هذا السياق، أعلنت مجموعة «رونو نيسان» عن إقامة مشروع استثماري جديد بقيمة مليار يورو في طنجة حيث تعتزم إنشاء مركب صناعي من الجيل الجديد موجه لإنتاج موديلات جديدة موجهة للتصدير في أفق 2010. وتبعا لذلك، التقت «الشرق الأوسط» العربي بلعربي، الرئيس المدير العام لشركة «صوماكا»، ورئيس الجمعية المغربية لصناعات السيارات «أميكا»، وأجرت معه الحوار التالي في الدار البيضاء:

> كيف تطور انتاج «صوماكا» منذ انطلاق مشروع «رونو لوكان»؟

ـ كنا ننتج 20 ألف سيارة في السنة قبل عامين، وفي عام 2006 ارتفع الإنتاج إلى 30 ألف سيارة، وهذه السنة تجاوزنا 38 ألفاً. وبدأنا في التصدير باتجاه الأسواق الفرنسية والإسبانية منذ يونيو الماضي، وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها الشركة منتجاتها منذ إنشائها سنة 1958. فالاستثمارات التي تم إنجازها خلال السنتين الأخيرتين مكنت من الارتقاء بالأداة الإنتاجية للشركة إلى مستوى المعايير الأوروبية، الشيء الذي سهل على منتجاتها ولوج الأسواق الأوروبية، وهو ما يمثل تحولا كبيراً في صناعة السيارات بالمغرب.

> ما هو حجم الصادرات نحو أوروبا وكيف تتوقع تطورها؟

ـ حاليا نقوم بتصدير ألف سيارة من نوع «رونو لوكان» في الشهر إلى أوروبا، ونخطط لرفع هذا العدد إلى ما بين 5 و6 آلاف سيارة في الشهر خلال 2009. ولتحقيق هذا الهدف وضعنا برنامجا استثماريا بقيمة 140 مليون درهم (18 مليون دولار). وبدأنا الأشغال لانجاز هذا البرنامج الاستثماري خلال عطلة الصيف الماضي ونترقب إتمامها في الصيف المقبل. وقد انعكست التطورات التي عرفتها «صوماكا» خلال السنتين الاخيرتين أيضا على حجم العمالة، فقد انتقل عدد عمال «صوماكا» من 800 شخص قبل عام ونصف إلى نحو 1700 شخص حاليا، ونترقب أن يرتفع هذا العدد في أفق 2009.

> وهل يساير قطاع صناعة قطع الغيار هذه التطورات؟ ـ بالتأكيد فقطاع الصناعات التجهيزية المرتبط بتركيب السيارات عرف طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة. وتجدر الإشارة إلى أن إنتاج هذا القطاع ليس موجها فقط للسوق الداخلية وإنما أيضا للتصدير. فالعديد من المجهزين الدوليين أنشأوا فروعا في المغرب قصد تجهيز الصناعات الأوروبية للسيارات وتلبية حاجياتها من المكونات وقطع الغيار المختلفة بشروط تنافسية. وحاليا يقدر إنتاج المغرب من قطع غيار السيارات بقيمة 18 مليار درهم (2.2 مليار دولار) نصفها موجه للأسواق الخارجية. والمغرب أصبح اليوم يتوفر على خطة محكمة لتنمية هذا القطاع، الذي أصبح يعتبر من القطاعات ذات الأولوية ضمن خطة النهوض بالقطاع الصناعي في المغرب، ويجري حاليا بوزارة الصناعة والتجارة المغربية إعداد عرض مغربي متكامل لاستقطاب الإستثمارات الدولية في مجال صناعة السيارات، والذي سيتم الإعلان عنه قريبا.

> أعلنت مجموعة «رونو نيسان» اخيرا عن إقامة مشروع ضخم في منطقة طنجة الصناعية. ما هو محتوى هذا المشروع الجديد، وماذا سيكون أثره على «صوماكا»؟

ـ هذا المشروع هو الأول في نوعه بالنسبة لتحالف «رونو نيسان»، لكونه أول مشروع صناعي مشترك بين الحليفين. ويهدف هذا المشروع، الذي سيقام على مساحة 300 هكتار بمنطقة طنجة الصناعية قرب ميناء طنجة المتوسط، وسيكلف مليار يورو، إلى إنتاج 200 ألف سيارة في السنة الأولى ثم يرتفع تدريجا ليبلغ 400 ألف سيارة في السنة. وسيشغل المشروع 6 آلاف عامل بصورة مباشرة داخل المركب الصناعي بالإضافة إلى 30 ألف عامل بصورة غير مباشرة لدى المجهزين في مصانع المكونات وقطع الغيار. وسيعتمد المركب الصناعي على أحدث التقنيات، وسيوجه لتصنيع سيارتين جديدتين تماما، إذ سيبدأ انتاجه في سبتمبر (ايلول) 2010. أما فيما يخص علاقته مع مشروع «صوماكا»، فتجدر الإشارة إلى أن شركة «صوماكا» تابعة لمجموعة «رونو» وحدها، وهي تقوم بتركيب موديلات موجودة، أما المركب الصناعي الجديد فهو تابع لمجموعة «رونو نيسان»، وسيستعمل في تركيب موديلات جديدة تماما، لذلك فلا أرى أنه سيكون له أي أثر علينا. بالنسبة لنا في «صوماكا» لدينا طاقة انتاجية تصل إلى 90 ألف سيارة في السنة وسلاسل إنتاج يمكنها إنتاج 4 موديلات مختلفة. إضافة إلى ذلك، لدينا اتفاقية مع مجموعة «بوجو سيتروين» التي تملك 20% من «صوماكا» وتنتج فيها 8 آلاف سيارة في السنة.

> عند إطلاق مشروع تركيب «رونو لوكان» بمصانع «صوماكا» بالدار البيضاء، كان الهدف هو تصدير جزء من الإنتاج إلى بلدان اتفاقية أكادير للتجارة الحرة (تونس ومصر والأردن). لكن ذلك لم يتم، وأصبح التوجه الآن للتصدير إلى الأسواق الأوروبية. فأين يكمن الخلل في هذه الاتفاقية؟ ـ فعلا، كنا ولا نزال نضع نصب أعيننا التصدير إلى تونس ومصر في مرحلة أولى ثم إلى الاردن في مرحلة ثانية، ضمن ما تتيحه هذه الاتفاقية. غير أن تنفيذ اتفاقية أكادير في مجال تصدير السيارات واجهته عدة عقبات. فبالنسبة للمغرب لم يطرح تنفيذ هذه الاتفاقية أية مشاكل وهي مطبقة تماما. أما بالنسبة لمصر فالاتفاقية تواجه مشاكل تقنية فيما يتعلق بشهادة المنشأ، فيما تصر تونس على تطبيق نظام الحصص، وهو نظام مخالف لمقتضيات الاتفاقية وجوهرها، مع العلم أن 5% من مكونات سيارة «رونو لوكان» نستوردها من تونس. تجدر الإشارة إلى أن نسبة الإدماج المعتمدة في اتفاقية أكادير هو الإجمالي الأوروبي، وسيارة «رونو لوكان» تستجيب تماما لهذه المعايير. الآن هناك مفاوضات بين المغرب ومصر وتونس برعاية الاتحاد الأوروبي، دخلت سنتها الثالثة، وهناك من ناحية ثانية مباحثات بين مصر والاتحاد الأوروبي الذي يدعم هذه الاتفاقية والذي أنشأ مكتبا خاصا في الاردن للتنسيق بين دول اتفاقية أكادير من أجل تسهيل تطبيقها. لذلك، أنا متفائل بأن تجد هذه الاتفاقية طريقها نحو التطبيق قريباً.