مصر: مسؤولون ومستثمرون يحذرون الحكومة من طرح الأراضي السياحية في المزايدات

طالبوا باعتماد نظام التخصيص لتنمية القطاع بعد ارتفاع سعر المتر من دولار إلى أكثر من 300 دولار

TT

حذر خبراء وعاملون في القطاع السياحي ومسؤولون سابقون من استمرار الحكومة المصرية في اتباع سياسة طرح الأراضي السياحية للبيع من خلال المزايدات بعد أن وصلت أسعارها إلى أرقام فلكية. واستندوا في تحذيراتهم إلى تأثر القطاع السياحي سلبا بهذه السياسة نتيجة ارتفاع تكلفة المشاريع المقبلة، خاصة الفندقية منها مما يحد من التنافسية مع الدول الأخرى الناهضة في المجال السياحي.

وكان سعر المتر في الأراضي السياحية يتراوح وفقا لنظام تخصيص الأراضي الذي كانت تعمل به الحكومة المصرية سابقا ما بين الدولار الواحد والعشرة دولارات، إلا أنه مع الانتقال إلى نظام المزايدة ارتفع سعر الأراضي إلى ما يزيد عن الـ 300 دولار للمتر.

ويتضح هذا الارتفاع في سعر الأراضي بشكل واضح في مزايدة بيع أرض العين السخنة الواقعة على البحر الأحمر شرق مصر المملوكة لـ «القابضة للسياحة» المملوكة للحكومة والتي بدأ سعر المتر فيها من 50 جنيها (9 دولارات) ووصل إلى نحو 1716 جنيها (317 دولارا)، مما أدى إلى دفع الشركات المتقدمة للمزايدة ومن بينها إعمار الإماراتية إلى الاعتذار عن الصفقة.

وطالب الخبراء والمسؤولون بعودة الحكومة إلى نظام تخصيص الأراضي للمشروعات ذات الجدوى الاقتصادية الذي اعتمدته في السابق هيئة التنمية السياحية من أجل تنمية القطاع وجذب المستثمرين المحليين والأجانب لضخ المزيد من الاستثمارات في المشروعات السياحية بمختلف أنشطتها.

وأعرب الدكتور ممدوح البلتاجي، وزير السياحة الأسبق، عن قلقه من الارتفاع الحالي في أسعار الأراضي السياحية، واصفا المزايدات الخيرة التي تم طرحها للحصول على بعض الأراضي السياحية بالمضاربات. لكن هشام زعزوع معاون وزير السياحة المصري أشار إلى أن اتباع نظام المزايدة لا يتم إلا في بعض المناطق.

وأفاد بأن هناك حرصا من قبل وزارة السياحة على أن يكون هذا النظام محدودا خاصة أنها معنية بالتنمية السياحية أولا وإقامة مشاريع سياحية وفندقية تستقطب المزيد من العمالة بما يضيف إلى الاقتصاد القومي وليست وزارة تبنى عقارات وتطرحها في مزادات.

وأوضح أنه عندما تمتلك الحكومة المصرية قطعة أرض في القاهرة التي يصل معدلات إشغال الفنادق بها إلى أكثر من 90% طوال العام بجانب المزايا التنافسية التي تتمتع بها عن مناطق أخرى، فإنها تتجه في هذه الحالة إلى طرح قطعة الأرض في مزايدة بما يحقق للدولة أقصى استفادة ممكنة. وزاد أن ما يصلح في القاهرة ليس بالضرورة يصلح في المناطق الجديدة التي ليست فيها تنمية حاليا. واستبعد معاون وزير السياحة المصري تأثير نظام المزايدة على المشروعات السياحية، مشيرا إلى أن المستثمر هو من يتحمل المخاطرة والحفاظ على استثماراته.

وأشار إلى أن وزارة السياحة تعكف حاليا على وضع ضوابط موضوعية لتحديد أسعار الأراضي السياحية وتملكها بها نظام للمفاضلة، مشيرا إلى أن خروج هذه الضوابط إلى النور خلال الأيام القليلة المقبلة سيخفف من حدة التباين الحالي في أسعار الأراضي السياحية.

وعاد وزير السياحة السابق ليشير إلى أن المزايدات لا تصنع تنمية في دولة لديها طموحات في زيادة معدلات النمو السياحي، مفيدا بأن الحل الوحيد في ارتفاع أسعار الأراضي السياحية وتباينها هو العودة إلى نظام التخصيص السابق الذي حقق نتائج باهرة في إقامة المشاريع السياحية وحقق عوائد كبيرة للدولة.

واقترح تعديل نظام تخصيص الأراضي بأن يكون هناك تباين في أسعار الأراضي من منطقة لأخرى حسب طبيعتها، مشيرا إلى ضرورة ارتفاعها في المناطق المنماة والثرية سياحيا بخلاف المناطق الجديدة التي لم تحدث لها تنمية وهذا التباين يكون على أسس اقتصادية وقانونية سليمة.

ومن جانبه، حذر أحمد بلبع أحد المستثمرين المصريين في القطاع السياحي من أن طرح الأراضي المخصصة للمشاريع الفندقية بنظام المزايدات سيرفع من أسعارها بشكل كبير، مما يكون له أثر سلبي على جدوى الاستثمار الفندقي.

وأوضح بلبع أن ارتفاع أسعار الأرضي سيتسبب في زيادة الأعباء المالية على المستثمرين وارتفاع تكلفة المشروع ويحد من العائد عليه والتقليل من التنافسية مع دول أخرى، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الأراضي يأتي ليضيف بعدا جديدا من الأعباء في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء محليا مما أدى إلى زيادة تكلفة الغرفة الفندقية بنحو 70% خلال العام الحالي، مقارنة بالأعوام السابقة.

ورأى أن لحل مشكلة الأراضي السياحية لا بد أن تقوم الدولة قبل طرح الأراضي بتقسيمها إلى ثلاث فئات، الأولى أراض لمشاريع فندقية والثانية لمشاريع ترفيهية وخدمية وتجارية والثالثة للإسكان السياحي.

واقترح طرح أراضي المشروعات الترفيهية بأسعار رمزية لتنمية المنطقة السياحية وزيادة الحركة السياحية بها، مضيفا أنه بالنسبة لمشاريع الإسكان السياحي فمن الممكن أن يتم تخصيص أراضيها من خلال المزايدة.

وطالب بألا يزيد عدد مشاريع الإسكان السياحي في أي مركز سياحي تعتمد تخطيطه هيئة التنمية السياحية عن 25% من الطاقة الفندقية بالمركز حتى لا يؤثر على أسعار الإقامة في الفنادق ويتحول الإسكان السياحي إلى «شقق مفروشة».

من جهته، قال محمد فريد خميس رئيس لجنة الإنتاج الصناعي في مجلس الشورى المصري وأحد المستثمرين السياحيين إنه لا بد ألا يكون هدف الدولة هو طرح الأراضي السياحية للبيع وإنما يجب إن يكون هدفها منصبا لما بعد عملية البيع من تنمية القطاع وجذب الاستثمارات إليه وخلق فرص العمل للشباب.

وطالب خميس بضرورة أن تقوم الحكومة بتحديد أسعار الأراضي في المناطق وفقا لوجود المرافق والبنية الأساسية والمطارات ومستوى التعمير بها، على أن تعطى أولويات التخصيص طبقا لجدوى المشروع والعائد منه على الاقتصاد المصري، مشيرا إلى رفضه لاتباع نظام المزايدات في المشروعات التنموية.