إقبال سعودي متزايد على الاستثمار في المجال الطبي بمصر

وسط توقعات بمضاعفة الاستثمارات في السنوات العشر المقبلة

تعرف مصر اهتماما سعوديا متصاعدا بالاستثمار في قطاع الصحة («الشرق الأوسط»)
TT

فتح إعلان «شركة أندلسية» السعودية إقامة مشروعات جديدة للخدمات الطبية في مصر باب التساؤل حول موجة الاهتمام المتصاعد لمجتمع الأعمال السعودي في المجال الصحي بإقامة مشاف ومصحات لتقديم الخدمة عالية المستوى للسوق المصري والتوقعات المستقبلية لهذا النوع من الاستثمارات وشروط الحفاظ على مستوى المنافسة داخل السوق بين الشركات المصرية والسعودية بل بين الشركات السعودية بعضها البعض. وابانت مصادر مطلعة أن رجال الأعمال في السعودية كانوا قد ابدوا ترحيبا ظاهرا بدعوة وزير الصحة المصري حاتم الجبلي لهم خلال زيارته الأخيرة للرياض في مايو الماضي لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر في القطاع الطبي في ظل تزايد عدد السكان المستمر مع التسهيلات الكبيرة التي تقدم للمستثمرين وعملية إعادة الهيكلة الشاملة التي تجرى للتشريعات والمؤسسات والهياكل المرتبطة بتقديم الخدمة الطبية في مصر.

وكان المستشفى السعودي الألماني قد سبق «أندلسية» التي لها مستشفى بالإسكندرية منذ 16عاما بالتواجد في مصر وقبلهما مستشفى «علاج» ومستشفيات «المغربي» ، بالإضافة إلى دخول مؤسسات سعودية في مشاركات مع مؤسسات مصرية مثل مستشفى دار الفؤاد التي أسسها الدكتور حاتم الجبلي (وزير الصحة المصري حاليا) وتساهم فيها معه شركة احمد حسن فتيحي المحدودة بالسعودية والدكتور فهد خاطر السعودي المصري والشركة السعودية للاقتصاد والتنمية «سيديكو» (إحدى شركات بن محفوظ) التي تشارك بـ 25% من رأسمال مستشفى دار الفؤاد الجديدة المزمع إقامتها في مدينة نصر (شرق القاهرة) وتمت هذه المساهمة العام الماضي وهي المرة الأولى التي تشارك فيها الشركة السعودية للاستثمار في المجال الطبي بمصر.

وأكثر من ذلك فان عائلات سعودية تبدي اهتماما كبيرا بامتلاك حصص في شركات الأدوية المصرية العامة المطروحة بالبورصة ومنها عائلة العيوطي المصرية الأصل.

وأشارت إحصائيات قطاع نظم المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة إلى أن الاستثمارات العربية في القطاع الطبي والدوائي تقدر بـ707.7 مليون جنيه (حوالي 130 مليون دولار) من بداية السبعينات حتى نهاية سبتمبر2007.

كما أشار وزير الصحة المصري حاتم الجبلي في وقت سابق الى أن القطاع الخاص الطبي في مصر يستحوذ على 16 في المائة من السوق مقارنة 44 في المائة في السوق السعودي مما يشير الى وجود مساحة كبيرة ليشغلها القطاع الخاص في الفترة المقبلة خاصة إن الاستثمارات الحكومية لن تكون جاهزة لعمل إضافات كبيرة. ولفت الأنظار اهتمام مؤسسة التمويل الدولية (i.f.c ) بالدخول في شراكات مع القطاع الخاص الطبي المصري العربي والمصري كان آخرها مع «أندلسية» وكشف صلاح الدين كندري خبير استثمار أول إدارة قطاعي الصحة والتعليم بـ ifc بواشنطن لـ«الشرق الأوسط» عن اعتزام المؤسسة الدخول في شراكة جديدة مع شركة مصرية خليجية موجودة بالقاهرة في المجال الصحي بداية العام المقبل، وعلق كندري موضحاً أهمية السوق المصري للتمويل الدولي نظرا للنقص الكبير في الخدمات الصحية، والذي كشفه المسح الذي قامت بإجرائه المؤسسة بالسوق المصري في مجال الصحة والذي لم ينته بعد، وإن كانت المؤشرات الأولية للمسح أشارت إلى ذلك، موضحاً أن المسح كشف أن الإصلاحات الاقتصادية الجارية عززت من فرص زيادة الطلب على الخدمات الطبية المرتفعة المستوى، لأنها أدخلت الى السوق أصحاب دخول أعلى ومؤسسات تسعى الى إرضاء عامليها بتوفير خدمة عالية المستوى له، مضيفاً «لابد من الاهتمام بمعايير الجودة في الخدمات الصحية وتغطية الجانب المالي والبعد التنموي للمشروع بالاضافة إلى الأنظمة الداخلية لسياسة توظيف العمال والجودة الطبية».

وأشار جاي إيليينا مدير إدارة الصحة والتعليم بمؤسسة التمويل الدولية إلى «أن زيادة الاستثمار في القطاع الصحي توضح مدى اهتمام الحكومة المصرية بالقطاع الخاص من خلال تنفيذ برامج الاصلاح التي تسعى لزيادة الثقة امام المستثمرين وتذليل العقبات امام النمو الاقتصادي»، مؤكداً أنهم ما كانوا يستطيعون التفكير في دخول السوق المصري للمساهمة في تحسين المعايير البيئية والاجتماعية والتأمينية ومعايير الحوكمة الطبية لولا هذا المناخ المتغير من جانب الحكومة المصرية.

وعن أهمية دخول القطاع الصحي السعودي إلى السوق المصري، يقول د.حازم زقزوق، المدير التنفيذي لمجموعة أندلسية العربية القابضة للخدمات الطبية، إن استراتيجية مجموعتهم تسعى للتوسع خارج حدود المملكة العربية السعودية، لاسيما في بلدان المنطقة التي تعاني من حاجة ماسة إلى رعاية صحية عالية الجودة، واستطرد انه بالرغم من أن مصر هي المصدر للخبرات الطبية الجيدة، إلا أنها لا تزال تعاني نقصاً شديداً في الخدمات الطبية الجيدة مقارنة بالدول العربية المجاورة، وأوضح أن توسعاتهم الاستثمارية في القطاع الصحي في كل من القاهرة والإسكندرية تقدر بـ46 مليون دولار اميركي وستعزز من مكانتهم داخل السوق المصري خاصة مع شراكتهم مع التمويل الدولية.

وأشار زقزوق إلى أنهم سيبحثون عن شركاء مصريين يدخلون هذا الاستثمار الذي يعد اكثر القطاعات الاستثمارية صعوبة نظرا لطول الأمد والمخاطرة المالية والمهنية المرتفعة، حيث المعادلة الصعبة بين الربح والخدمة الطبية الجيدة.

وأعلن زقزوق أن أندلسية ستطرح أوراقها في البورصة السعودية خلال السنوات الخمس السابقة، نافيا ان يتجهوا نفس الاتجاه في البورصة المصرية.

وتوقع زقزوق منافسة كبيرة بين المستثمرين السعوديين في القطاع الصحي المصري وبين المصريين والسعوديين، لكنه قال إن كل ذلك سيكون في صالح المستهلكين. وتوقع الدكتور أيمن هاني مدير مشروعات باحدى الشركات الطبية السعودية العاملة بالسوق المصري أن يزيد حجم تدفق الاستثمارات الصحية السعودية بمصر خلال السنوات العشر المقبلة وربما تصل إلى الضعف، مضيفاً أن الميزة التنافسية ستكون في الخدمة المقدمة للسوق المصري. واشار هاني الى ان دخول القطاع الصحي السعودي في مصر ليس احتياجا فنيا بالطبع لان السوق المحلي السعودي يعتمد على 90% من العمالة الطبية المصرية، مضيفا انه قد يكون ماليا، لكن الادق ان المستثمرين المصريين يهربون الى الصناعة والتجارة التي تدر ربحا سريعا، خلافا للصناعة الطبية ذات المخاطرة المالية، فالربح يأتي في التوالي بعد الخدمة الطبية الجيدة. يذكر أن مؤسسة التمويل الدولية دخلت كمساهم في رأسمال مستشفى دار الفؤاد بنسبة 8.4% تعادل 4.2 مليون دولار، وكذلك في مجموعة أندلسية السعودية للخدمات بقيمة 26 مليون دولار مقسمة إلى قرض بـ 15 مليون دولار أميركي وأسهم بقيمة 10 ملايين دولار، بالإضافة إلى قرض بـ37 مليون دولار من مؤسسة التمويل الدولية لمجموعة مستشفيات السعودي الألماني لبناء مستشفيين في اليمن ومصر.

وينظر في مصر عادة الى شراكات التمويل الدولية على أنها إشارة إلى أن المجال الذي دخلت فيه المؤسسة واعد لان التمويل اعتادت أن تبيع مساهماتها بعد فترة لتدخل في مشاركات أخرى بعد تحقيق ربح رأس مالي كبير بالإضافة الى ما تجنيه من أرباح التشغيل في حدود حصتها.