ارتفاع أسعار الأسهم.. تصحيح أم جني أرباح

سعود الأحمد

TT

لا شك أن سوق الأسهم السعودي بعد تجاوزه حاجز الرقم الصعب (9000) نقطة، يمكن اعتباره في حالة النهوض من الكبوة. بعد ما مر به من انتكاسات متتالية خلال العشرين شهرا الماضية. وهو ارتفاع يرى فيه معظم المحللين والمتابعين بداية دورة صعود. بل ان استمرار حالة التفاؤل المدعومة بموجة تحليق الأسعار العالمية للنفط لتلامس المائة دولار. هذا التفاؤل بحد ذاته يعتبر عاملا مؤثراً في انتعاش السوق. وله أن يُحدث قفزات للمؤشر خلال الأسابيع القريبة القادمة. والسؤال الذي ينبغي مناقشته هنا «هل هذه الموجة من الارتفاع ستستمر على أنها تصحيح وضع، أم أنها مجرد حالة من جني أرباح»؟ وللإجابة على السؤال، فلا بد من الإشارة إلى أنه من الناحية المهنية لا ينبغي ربط توجهات أسعار السوق بعامل واحد، فهناك عدة عوامل لها القدرة على التأثير في سوق الأسهم. وعوضاً عن ذلك، علينا أن نبدأ الدراسة التحليلية بتحديد ما هي العوامل الآنية والمستقبلية التي تؤثر في أسعار السوق. فإلى جانب العامل النفسي الذي واكب ارتفاع النفط، هناك عمق السوق بالنظر إلى تزايد عدد الشركات التي طرحت للاكتتاب في الفترة الأخيرة، وما ينتظر لها أن تكون عليه. إضافة إلى عدد المتعاملين في السوق يزيد على ثلاثة ملايين وستمائة ألف فرد سعودي، ممن خاضوا تجارب واكتسبوا خبرات أصبحوا معها أكثر نضجاً استثمارياً. إضافة إلى ما ينتظر لميزانية الدولة وتوقعات نمو الإنفاق الحكومي في الداخل، توظف لتنفيذ مشاريع حكومية أو لزيادة دخول الموظفين أو تخفيض بعض أوجه الرسوم الحكومية على المواطنين، مما ينعش الاقتصاد المحلي. وهناك عامل توفير السيولة عن طريق تخفيض أسعار الفائدة. مما يقلل من تكلفة الإقراض ويزيد من مبالغ القروض الشخصية من البنوك، والتي يحتمل أن توظف في مضاربات سوق الأسهم. وإن كانت معظم طلبات الشراء الحالية تتركز في أسهم الشركات الآمنة وذات العوائد أو ما يعرف بشركات مستودع القيمة كالبنوك والصناعة. إلى جانب عوامل الإصلاحات الإدارية والهيكلية، وأهمها إقرار نظام تداول ونظام الصناديق الاستثمارية وصدور أنظمة التأمين. والعمل بطريقة جديدة لحساب المؤشر تكون أقرب للصحة والدقة، وتطبيق أنظمة آلية جديدة للتداول وتقسيم السوق إلى قطاعات جديدة، والوعد بحزمة قرارات تهدف إلى دعم الشفافية والإفصاح داخل السوق والحد بشكل كبير من عمليات التدليس والتلاعب. كل ذلك من شأنه أن يساعد في اجتذاب مستثمرين جدد للسوق السعودي، ويزيد من حجم الثقة فيه. وهناك التوجه الحكومي في سياسة الاكتتابات الجديدة مثل أسهم شركة دار الأركان وبترورابغ وتخصيص الشركات الحكومية، والتي من الطبيعي أن تجذب المستثمرين لتؤثر في مقدار السيولة المتاحة للطلب مما يؤثر في الأسعار. ولا أدل على ذلك من تزايد حجم السيولة الذي نراه في سوق الأسهم خلال الستة أسابيع الماضية والذي فاق الملياري ريال. وهناك العوامل السياسية مثل التهدئة السياسية مقابل شيوع نذر الحرب في المنطقة. وأثر ذلك على عامل الثقة في نفوس المتعاملين في السوق، لدرجة أكسبت السوق مناعة ضد تأثرات الاكتتابات الجديدة. وعليه.. فإن الذي ينبغي التأكيد عليه لقراءة مستقبل أسعار الأسهم، أنه لا بد بعد تحديد العوامل، أن نستطيع قياس أثر كل عامل بطريقة عادلة ودقيقة، ومن ثم قياس احتمالات حدوث كل عامل ومتى سيحدث، ومحاولة ترجمة كل ذلك في صورة رقمية وتفريغه في معادلة تهدي إلى قرار فني مستقل وبعيد عن أي مؤثرات أو عواطف... حتى يمكن بناء قرارات استثمارية (آنية ومستقبلية).

وختاماً... فإن الذي يمكن قراءته من المعطيات المتاحة أن العوامل المؤثرة في سوق الأسهم السعودي (في مجملها) تصب في خانة احتمال استمرار ارتفاع المؤشر. وبداية الدخول في دورة جديدة من الارتفاع، ما يمكن اعتبار جزء كبير منها تصحيحيا. وهو توجه طبيعي يتوقع له أن يستمر... وليس مجرد موجة لجني الأرباح.

*كاتب ومحلل مالي [email protected]