خادم الحرمين: السعودية ماضية في توجيه سياساتها المالية على مشاريع البنية التحتية وتخفيض الدين العام

تأكيدا لما انفردت به «الشرق الأوسط».. وزير المالية يعلن تأسيس شركة عملاقة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة برأسمال 5.3 مليار دولار

د. العساف أثناء افتتاح منتدى الرياض الاقتصادي، ويظهر د. المانع وزير التجارة بالنيابة (تصوير: خالد الخميس)
TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أن السعودية ماضية في توجيه سياساتها المالية العامة على مشاريع البنية التحتية، مع العمل على تجنب الضغوط التضخمية، وتخفيض الدين العام من دون الإخلال بالاستقرار المالي، مشيراً إلى أن الزيادة في الإيرادات خلال السنوات الأخيرة، ساعدت في زيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، وزيادة رؤوس أموال التمويل الحكومية المتخصصة، وتخفيض الدين العام.

وبيّن خادم الحرمين الشريفين في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، خلال افتتاح منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الثالثة، أن دعوة الحكومة للقطاع الخاص للمزيد من المشاركة في عملية التنمية المستدامة، تستند أساسا إلى الثقة المتميزة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي، حيث إن مؤسسات التصنيف الائتماني، رفعت تصنيف المملكة وأعطت نظرة ايجابية للآفاق المستقبلية.

وأشار الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أن علمية التصنيف استندت إلى التحسن في الأوضاع الاقتصادية في السعودية بشكل عام والتحسن في أوضاع المالية العامة بشكل خاص.

وأضاف أن بلاده حريصة على الاستثمار في الفرد السعودي من خلال توفير أفضل الفرص في كافة المجالات، وبالتحديد في مجالي الصحة والتعليم، والتحسين المستمر في مستوى المعيشة.

وأبان أن السعودية حريصة على توجيه جزء مهم من فوائض إيرادات السنوات الثلاث الأخيرة للانفاق على التعليم، الأمر الذي نتج عنه تنفيذ العديد من الخطط والدراسات لتطوير هذا القطاع والعاملين فيه، بما في ذلك الشروع في البنى التحتية اللازمة له، وتأسيس عدد من الجامعات الحكومية، والموافقة على التراخيص لعدد من الكليات والجامعات الأهلية.

وذكر خادم الحرمين الشريفين في كلمته «ان ذلك التوجه توج بتأسيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، والتي نأمل أن تكون منارة من منارات المعرفة، و«دارا من الحكمة»، تسهم بشكل فعال في البحث والتطوير بما يعود بالنفع الملموس على الاقتصاد السعودي».

وأشار إلى أنه تمت الزيادة على الإنفاق في المشاريع البنية التحتية لتحسين القائم منها، وبناء مشاريع جديدة مثل السكك الحديدية والموانئ وغير ذلك مما لا يخفى على الجميع، مبيناً أن السعودية عملت في السنوات الأخيرة على مراجعة وتحسين العديد من الأنظمة التي تحكم النشاط التجاري، والذي ترتب عليه تحسين البيئة الاستثمارية في السعودية بشكل ملموس، كما تشير إليه التقييمات الدولية الموضوعية التي أعدت في هذا المجال.

وتضمنت كلمة خادم الحرمين الشريفين، تقرير البنك الدولي عن مناخ الاستثمار لعام 2008 والذي صنف السعودية في المرتبة 23 من بين 178 دولة في تقييم الأنظمة والقوانين التي تحكم مناخ الاستثمار فيها. وأشار إلى أن التقرير صنف السعودية من ضمن قائمة الدول العشر التي أدخلت إصلاحات على أنظمة الاستثمار لهذا العام، نتيجة الإصلاحات التي أدخلت على مؤشر بدء النشاط الاقتصادي والحصول على الائتمان والتجارة عبر الحدود وسهولة دفع رسوم الضرائب، لافتاً إلى أن السعودية تعمل على الوصول إلى مراتب أكثر تقدماً في العام المقبل.

وأكد الملك عبد الله بن عبد العزيز في الكلمة، إلى تطلع البلاد إلى قيام القطاع الخاص بالاستفادة من البيئة الاستثمارية المواتية والمساهمة بدور اكبر في عملية التنمية، وتحسين فرص التوظيف للمواطنين السعوديين، خاصة فيما يتعلق بالتعليم والتدريب المهني، فالقطاع الخاص أكثر قدرة من الجهات الأخرى على تحديد مستويات المهارات الفنية التي يحتاجها في الداخلين إلى سوق العمل، وبالتالي فهو أكثر قدرة على تحديد العمالة المدربة والمؤهلة لتحقيق التنمية المستدامة.

إلى ذلك كشف الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي أمس، عن الموافقة الرسمية لتأسيس شركة جديدة يتملكها صندوق الاستثمارات العامة برأسمال قوامه 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار)، حيث أكد أن العمل جار لاستكمال الإجراءات النظامية لتأسيسها، وهو يتوافق مع تفاصيل ما انفردت به «الشرق الأوسط» في عددها الصادر في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حول تأسيس شركة تابعة للصندوق ونقل أصوله إليها.

وأبان العساف أنه تم الرفع عن تأسيس الشركة لاستكمال الإجراءات النظامية ـ على حد وصفه ـ إضافة إلى بعض الاقتراحات الأخرى المطروحة على مجلس إدارة الصندوق.

وشدد العساف في كلمته على القناعة بعدم وجود جدوى أو حاجة للاستثمارات الخارجية من قبل الصندوق، نظرا لما يتمتع به الاقتصاد الوطني من طاقة استيعابية جيدة وحجم ملائم من الأسواق التي تحقق العوائد المجزية اجتماعيا واقتصاديا.

وأفاد الوزير بأن التنويع الجغرافي للاستثمارات السعودية في الاقتصادات المختلفة يتم بشكل غير مباشر من خلال ما تقوم به الشركات المملوكة كليا أو جزئيا للحكومة مثل المصافي التي أنشأتها «أرامكو» أو حيازة بعض الاستثمارات من قبل «سابك» كان آخرها شركة (جي.إي) للبلاستيك بما يزيد عن 11 مليار دولار.

وأضاف العساف بالقول «لم نشعر بضرورة ملحة لتأسيس ما أصبح يعرف بـ«صناديق الثروة السيادية» على غرار ما يتم في بعض الدول التي تعاني من صغر حجم اقتصاداتها الوطنية أو إيرادات تصدير الموارد الطبيعية لا تشكل مصدرا أساسيا للميزانية».

واستطرد «كما تعلمون واجهت استثمارات بعض الصناديق ردود فعل سلبية من الدول المتلقية للاستثمارات ولا نرى أن هذا الموقف السلبي، سيخف المستقبل القريب، إلا أن نتائج إدارة الاستثمارات والفوائض هي العنصر الأهم في الحكم بصرف النظر عن الأشكال والمسميات».

ولفت وزير المالية إلى أنه برغم القناعة في جدوى وفعالية الأسلوب المستخدم لإدارة الاستثمارات، والذي سيستمر ويكثف، إلا أن هناك تفكيرا جديا في الأساليب الأخرى تضمن تحقيق الاستقرار في الإيرادات العامة وتعزز ربط القطاعات المحلية بمثيلاتها الدولية وتساعده على نقل التقنية وتخفف من تأثير التقلبات الخارجية على الاقتصاد الوطني.

وأكد الوزير على التركيز على الاستثمارات الحكومية طويلة الأمد بشكل رئيسي من خلال صندوق الاستثمارات العامة، مشيرا إلى أنه تم تعزيز موارده بمبلغ 20 مليار ريال خلال العام الماضي، حيث تعتبر استثمارات محلية داخل البلاد، مفيدا بأن الأهداف الرئيسية لإدارة الفوائض المالية العامة في السعودية تتمثل في 3 أهداف هي بناء الاحتياطي العام للدولة وزيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة وإطفاء الدين العام.